انهمرت الدموع من مقلتى وكادت تحفر فوق خداى نهرًا بعد قراءة مقال الصديق العزيز حسام أبو العلا "عن اليتم وفقدان الأم" وقلت له فى نفسى "منك لله يا شيخ"، لقد فجرت كوامن الحزن فى نفسى، وذكرتنى بيتمى أنا أيضا .. فأنا يا سادة يتيم الأب والأم، مات والدى بين يداى ولم أشارك فى دفنه بسبب قدمى المكسورة وتكفل به الجيران جزاهم الله خيرًا، أما أمى فماتت وأنا فى الغربة بعيدًا عنها، قالوا لى هاتفيًا إن أمك ماتت، فوضعت السماعة ومسحت دموعى فى هدومى وأكملت العمل .. هذا ما حدث. آه يا أمى .. يا جرح نافذ فى قلبى، ظل وسيظل حتى أقبر والتقيك فى السماء، وكم أستعجل هذا اليوم، وأستحثه على القدوم، كانت أطيب الناس، وفى الإجازة السنوية، كنت أتركها وأذهب بحثا عن أصحابى والجلوس على المقاهى، وآتى ليلا أجدها فى انتظارى، وفى الفجر تصحو مع صوت الآذان تدعو لى، هكذا راحت من يدى فجأة، دون وداع، ولم أشارك فى دفنها مثل والدى .. آه يا أمى .. لن تعوضنى نساء الأرض ولا السماء عنك .. ومرت الأيام وتلهينا جميعًا فيما يحدث لأمنا الكبرى مصر ، الوطن الذى يحتوينا ونحتويه، واستيقظنا ذات يوم على الزلزال، ورحل النظام الذى أصاب أمنا بجميع الأمراض، أمراض الذل والمهانة والفقر، وجاء نظام جديد، ورفعنا شعارات الكرامة والعيش والحرية والعدالة، ولكن للأسف لم يتحقق من كل هذا شىء، وكأننا فى نفق مظلم لا نهاية له، حتى إننا كفرنا بالثورة التى كنا نعتقد أنها ستحرر طاقاتنا الإبداعية، فإذا بها تخرج أسوأ ما فينا .. فهل هذا نحن .. ما يحدث لأمنا مصر يقتلنى، ويقتل كل شرفاء هذا الوطن، وكأنه مكتوب على هذا البلد الجرى فى سباق 100 متر بقلب مثقوب .. فكلنا نعيش فى خوف، ننام عليه، نصحوا عليه، لا نعرف كيف سيكون المستقبل، فى وطن لا نعرف له بديلا لنا ولأبنائنا ... فالجماعة التى تحكم، يبدو أنها لا تملك رؤية لإدارة هذا الوطن، صحيح هم فصيل وطنى، ولكنهم يعيشون يوم بيوم، ويتبعون مقولة "عشانا عليك يا رب"، ومع الجماعة التى تحكم، خرجت كل تيارات الإسلام التى خلطت الدين بالسياسة، حتى إن بعضها نادى بهدم "أبو الهول والأهرامات" بحجة أنها أوثان ..!، فهل هذا هو مشروع النهضة الموعود؟ .. وهل سيكون الدور مثلا على "السد العالى" باعتبار أن الروس "الملاحدة" هم الذين بنوه ؟! يا حزن الوطن .. يا حزن غطى على كل حزن، متى نراك كما كنا نقرأ عنك ونحن أطفال، قويًا متماسكًا مبتسمًا، يا من تحكمون وتتحكمون، حنانيكم بنا، وبوطن أعزه الله فى كتابه الكريم، فلا تقتلوا العصافير، ولا تقطفوا الأزهار قبل أوانها، ولا تطفئوا الشمس، ولا تملؤوا قلوبنا حزنًا لا تكفى مياه الأرض لغسله .. أرجوكم أعيدوا البسمة لهذا الشعب المبتلى .. أو أرحلوا .. [email protected]