«صحة البحر الأحمر» تنهي استعداداتها لاستقبال عيد الأضحى    سعر الخضار والفواكه اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 فى المنوفية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 4-6-2025 في مصر بعد ارتفاعه الكبير (آخر تحديث)    الرئيس السيسى يتوجه إلى الإمارات للقاء الشيخ محمد بن زايد: ملفات أولوية وأمن المنطقة    احتجاز زوجة وأبناء منفذ الهجوم على مسيرة لمؤيدى إسرائيل فى كولورادو    ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50%    إسرائيل: مراكز توزيع المساعدات في غزة ستغلق اليوم والطرق المؤدية إليها تعتبر مناطق قتال    عالمي يا أهلي.. المارد الأحمر يطير إلى أمريكا للمشاركة في مونديال الأندية    امتحانات الثانوية العامة.. فتح اللجان مبكرا وتفتيش الطلاب    طقس الأربعاء مائل للحرارة بوجه عام نهارا والعظمى في القاهرة 33    لبيك اللهم لبيك.. تصعيد الحجاج لعرفات بأوتوبيسات مكيفة وسط أجواء روحانية    اليوم.. طقس حار نهارا على القاهرة الكبرى والوجه البحري والعظمى 33 درجة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 4-6-2025 في محافظة قنا    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    دوري الأمم الأوروبية، قمة نارية اليوم بين ألمانيا والبرتغال في نصف النهائي    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    زلزال يضرب جزيرة «سيرام» في إندونيسيا بقوة الآن    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة إنتاج مجموعة أوبك+    علي الهلباوي يحتفل مع جمهوره بعيد الأضحى في ساقية الصاوي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    اليوم.. السيسي يتوجه إلى أبو ظبي للقاء رئيس دولة الإمارات    الدولار ب49.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 4-6-2025    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    حبس مقاول و4 آخرين بتهمة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوى الغربى بأسيوط    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    كامل الوزير: تذكرة المونوريل بنصف تكلفة بنزين السيارة    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    مراجعة المخططات النهائية لأعمال تطوير محاور العاشر من رمضان    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    تامر حسني: «زعلان من اللي بيتدخل بيني وبين بسمة بوسيل ونفسي اطلعهم برة»    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحنين إلى شوقى وحافظ
نشر في المصريون يوم 10 - 11 - 2012

نحن الآن فى حاجة إلى الشاعرين العظيمين شوقى وحافظ، فقد كانا يمثلان المثقف الحقيقى الذى ينحاز إلى الوطن قبل الغزاة، والمظلومين قبل الطغاة، والمصلحين قبل الفاسدين، وقائل الحق قبل المنافقين والمتملقين، ومع أنهما توفيا قبل ثمانين عامًا (1932م)؛ فإنهما يعيشان معنا فى زماننا، يواجهان أنواعًا من البشر تسلحوا بالكذب والادعاء والتضليل والتدليس، ويسعون إلى تخريب البلد بدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان، من قبيل المدنية والحداثة وقبول الآخر وحرية التعبير، فضلاً عن الديمقراطية المظلومة، رغبة فى تحقيق مصالح خاصة ومنافع شخصية، دون خوف من الله، أو إصغاء لصوت الضمير.
شوقى وحافظ يمثلان ضمير الأمة وهويتها وحضارتها، وآلامها وآمالها وأمانيها، ودفع كل منهما ثمن مواقفه ورأيه الذى هو رأى الأمة وموقفها؛ فعرفا النفى والتشريد والفقر المدقع، ولكنهما مع الفارق - بين طبقة كل منهما – انحازا إلى الإنسان فى فقره وضعفه ومظلوميته وثورته على الاستبداد والطغيان، وبحثه عن الحرية والكرامة والعلم والمعرفة والرقى الروحى والخلقى.. لم أجد إلا صدى خافتًا فى أجهزة الإعلام والصحافة لذكرى الرجلين العظيمين، ولكنى وجدت اهتمامًا غير عادى بذكرى بعض الممثلين والمطربين والراقصات، وكأن الأدب والشعر لا قيمة لهما ولا لأصحابهما الذين عاشوا مع الناس أحزانهم وأفراحهم، وظلت كلماتهم حية تسعى بيننا اليوم وغدًا، لأنها ولدت من رحم الصدق والإخلاص والموهبة والثقافة.
الشاعر العظيم يبقى حيًا بين الناس مهما اختلف النقاد حوله، وهو يقدم شهادة موثقة على أن الشعر لا تصنعه الدعاية ولا الوقوف على عتبة السلطان، ولا قوة الذراع وفتحة الصدر، وادعاء التجديد والتحديث، هذا ليس شعرًا لسبب بسيط، هو البعد عن قضايا الناس وروحهم، ووجدانهم، والانغلاق فى قضايا ذاتية لا تهم غير صاحبها، وليتها عولجت معالجة فنية شعرية، ولكنها تعالج فى نثرية مقيتة يغلفها ادعاء عريض بالشاعرية والوعى بطبيعة الفن.
لقد وقف شوقى وحافظ من قضايا الأمة الموقف الطبيعى والتلقائى الذى يؤصل للقيم العليا، ويبنى على أساسها مجتمعًا يربط بين هوية الأمة وصناعة المستقبل فى إطار فنى متنوع بين القصيدة الغنائية والمسرحية الشعرية، والمطولة التى تقترب من الملحمة، والرواية والمقالة والترجمة، اقرأ ما يقوله شوقى فى أبيات شاعت وما زالت تعالج واقعًا سائدًا بيننا حتى الآن، يصف شوقى وضع المعلم وما ينبغى له فى المجتمع المصرى:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّه التَبجيلا / كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا / أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذى يَبنى وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا ؟
ترى ماذا يقول لو عاش بيننا ورأى صورة المعلم الآن وهو يستجدى طلابه من أجل درس خصوصى أو الدخول فى مجموعة خصوصية، ويستهين به الطلاب وأولياء أمورهم؟.. يقول شوقى على لسان المدْرَسَة:
أنا المدرسةُ اجعلنى/ كأمٍّ، لا تمِلْ عنّى / ولا تفزعْ كمأخوذٍ / من البيتِ إلى السجنِ / كأنى وجهُ صيّادٍ / وأنت الطيرُ فى الغصنِ /ولا بدَّ لك اليومَ / وإلا فغدًا.. مِنّى
ماذا لو علم شوقى أن طلاب المدارس الثانوية لا يحضرون إلى مدارسهم وخاصة فى الصفين الثانى والثالث، وأن المدرسين سعداء بعدم حضورهم، ويتسللون إلى بيوتهم أو بيوت تلاميذهم لإنجاز الدروس الخصوصية أو دروس المجموعات، ثم تأمل ما يقوله شوقى لتكتمل الدائرة المعرفية، وهو يتحدث عن الكتب وأهميتها:
أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا / لَم أَجِد لى وافِيًا إِلا الكِتابا /صاحِبٌ إِنْ عِبتَهُ أَو لَم تَعِبْ / لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا / كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَنى /وَكَسانى مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا.
لماذا لا نجد لدى بعض الأدعياء الذين يتصدرون المشهد الثقافى شيئًا مما عند شوقى الذى كان يعيش واقع بلاده أولاً بأول، وكان يأسى على الخلافات المفتعلة بين الزعماء السياسيين والقادة، وكأنه يراهم الآن وهم يريدون هدم الوطن من أجل إلغاء الجمعية التأسيسية التى لا تروق بعضهم، أو يريد بعضهم أن يعرقل استقرار الوطن ويمنع تشكيل مؤسساته الدستورية، ويؤخر توجه أبنائه نحو العمل والإنتاج.
إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما / وَهَذى الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما / وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ / وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما / وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَرَّت / عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما.
ثم ها هو حافظ إبراهيم يوجه سهامه إلى من أفسدوا الحياة السياسية، وشغلوا الناس بهوامش الأمور:
أيُّهَا القَائِمُوْنَ بِالأَمْرِ فِيْنَا / هَلْ نُسَيتمُ وَلاَءَنَا وَالوِدَادَا / خفضوا جَيْشُكُمْ وَنَامُوا هَنِيْئاً / وَابْتَغُوا صَيْدُكُمْ وَجُوْبُوْا البِلادَا /وَإِذَا أَعْوَزَتْكُمُ ذَاتَ طَوْقٍ / بَيْنَ تِلْكَ الرُّبَى فَصِيْدُوا العِبَادَا / وَإِنَّمَا نَحْنُ وَالحَمَامُ سَوَاءٌ / لَمْ تُغَادِرْ أَطْوَاقُنَا الأَجْيَادَا.
لماذا لا نجد اليوم من يكتب لنا قصائد خالدة مثل قصائد شوقى: نهج البردة، وكبار الحوادث، وسلوا قلبى، وإلى عرفات الله، وقصصه الرمزية للأطفال، وغيرها، ولماذا لا نجد مثل قصائد حافظ الخالدة: مصر تتحدث عن نفسها، واللغة العربية، وعمر بن الخطاب، والنيل، وحريق ميت غمر وغيرها؟
يجب أن نتذكر أن شوقى وحافظ كانا يتحركان فى سياق حياة حقيقية غير مزيفة لا تعرف التدليس أو التضليل كما يشيع فى أيامنا، فعرفت روادًا من أمثال محمود سامى البارودى، وعلى مبارك، ومصطفى كامل، ومحمد عبده، ومحمد فريد، وخليل مطران، وشكيب أرسلان، وجرجى زيدان، وعلى الغاياتى، وعبد العزيز جاويش، وإسماعيل صبرى، وأديب إسحق، ومحمد فريد وجدى، ومحب الدين الخطيب، ومحمد رشيد رضا، ومصطفى لطفى المنفلوطى، وعبد العزيز البشرى، وعبد الرحمن شكرى، وإبراهيم عبد القادر المازنى، وعباس محمود العقاد، ومصطفى صادق الرافعى، وأحمد حسن الزيات، وعلى الطنطاوى، وحسن البنا، وسيد قطب وغيرهم.
لقد كانوا نمطًا فريدًا فى الإيثار والاحترام المتبادل، والإخلاص لقضية الوطن، وهو ما جعل شوقى يقول فى رثاء حافظ الذى توفى قبله بعدة شهور:
قَد كُنتُ أوثِرُ أَن تَقولَ رِثائى.. يا مُنصِفَ المَوتى مِنَ الأَحياءِ
لَكِن سَبَقتَ وَكُلُّ طولِ سَلامَةٍ.. قَدَرٌ وَكُلُّ مَنِيَّةٍ بِقَضاءِ
رحمهما الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.