الشئون النيابية تنشر ضوابط التصويت الصحيح في انتخابات مجلس النواب    بدء التصويت بالداخل في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025    لليوم العاشر.. التموين تواصل صرف مقررات نوفمبر حتى 8 مساء    ننشر الجديد في أسعار الذهب اليوم في مصر| عيار 21 وصل لكام؟؟    الإحصاء: ارتفاع أسعار قسم الرعاية الصحية بنسبة 27.7% خلال عام    125 مليون دولار صادرات الصناعات الغذائية إلى السوق الكويتي    31 قتيلا وإصابة العشرات فى أعمال عنف داخل سجن بالإكوادور    إعلام عبري: ويتكوف وكوشنر يجتمعان مع نتنياهو اليوم لبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة    وزير الخارجية يطالب نظيره المالي ببذل أقصى الجهود للعمل على إطلاق سراح المصريين الثلاثة المختطفين    سان جيرمان يتصدر ترتيب الدوري الفرنسي بعد الجولة ال 12    بعد تتويج الأهلي بالسوبر.. توروب يسافر إلى الدنمارك لقضاء إجازة    حركة المرور اليوم، سيولة بالدائرى ومحور 26 يوليو وزحام بشارعى الهرم وفيصل    «الأرصاد»: طقس اليوم خريفي مائل للبرودة.. والعظمى بالقاهرة 28 درجة    مازن المتجول: أجزاء فيلم «ولاد رزق» مثل أبنائي.. ولا يوجد تأكيد لجزء رابع    اللجان الانتخابية بدائرة الهرم والعمرانية تستعد لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب 2025    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    أسعار البيض اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    التعليم تحدد مواعيد امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل والدرجات المخصصة .. اعرف التفاصيل    «العمل» تواصل اختبارات المتقدمين للفرص في مجال البناء بالبوسنة والهرسك    6 ملايين مشاهدة لأغنية "سيبتلي قلبي" ل أنغام على يوتيوب (فيديو)    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    «محدش كان يعرفك وعملنالك سعر».. قناة الزمالك تفتح النار على زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    تقرير - هل يتراجع المد اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين في هولندا بخسائر فيلدرز؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحنين إلى شوقى وحافظ
نشر في المصريون يوم 10 - 11 - 2012

نحن الآن فى حاجة إلى الشاعرين العظيمين شوقى وحافظ، فقد كانا يمثلان المثقف الحقيقى الذى ينحاز إلى الوطن قبل الغزاة، والمظلومين قبل الطغاة، والمصلحين قبل الفاسدين، وقائل الحق قبل المنافقين والمتملقين، ومع أنهما توفيا قبل ثمانين عامًا (1932م)؛ فإنهما يعيشان معنا فى زماننا، يواجهان أنواعًا من البشر تسلحوا بالكذب والادعاء والتضليل والتدليس، ويسعون إلى تخريب البلد بدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان، من قبيل المدنية والحداثة وقبول الآخر وحرية التعبير، فضلاً عن الديمقراطية المظلومة، رغبة فى تحقيق مصالح خاصة ومنافع شخصية، دون خوف من الله، أو إصغاء لصوت الضمير.
شوقى وحافظ يمثلان ضمير الأمة وهويتها وحضارتها، وآلامها وآمالها وأمانيها، ودفع كل منهما ثمن مواقفه ورأيه الذى هو رأى الأمة وموقفها؛ فعرفا النفى والتشريد والفقر المدقع، ولكنهما مع الفارق - بين طبقة كل منهما – انحازا إلى الإنسان فى فقره وضعفه ومظلوميته وثورته على الاستبداد والطغيان، وبحثه عن الحرية والكرامة والعلم والمعرفة والرقى الروحى والخلقى.. لم أجد إلا صدى خافتًا فى أجهزة الإعلام والصحافة لذكرى الرجلين العظيمين، ولكنى وجدت اهتمامًا غير عادى بذكرى بعض الممثلين والمطربين والراقصات، وكأن الأدب والشعر لا قيمة لهما ولا لأصحابهما الذين عاشوا مع الناس أحزانهم وأفراحهم، وظلت كلماتهم حية تسعى بيننا اليوم وغدًا، لأنها ولدت من رحم الصدق والإخلاص والموهبة والثقافة.
الشاعر العظيم يبقى حيًا بين الناس مهما اختلف النقاد حوله، وهو يقدم شهادة موثقة على أن الشعر لا تصنعه الدعاية ولا الوقوف على عتبة السلطان، ولا قوة الذراع وفتحة الصدر، وادعاء التجديد والتحديث، هذا ليس شعرًا لسبب بسيط، هو البعد عن قضايا الناس وروحهم، ووجدانهم، والانغلاق فى قضايا ذاتية لا تهم غير صاحبها، وليتها عولجت معالجة فنية شعرية، ولكنها تعالج فى نثرية مقيتة يغلفها ادعاء عريض بالشاعرية والوعى بطبيعة الفن.
لقد وقف شوقى وحافظ من قضايا الأمة الموقف الطبيعى والتلقائى الذى يؤصل للقيم العليا، ويبنى على أساسها مجتمعًا يربط بين هوية الأمة وصناعة المستقبل فى إطار فنى متنوع بين القصيدة الغنائية والمسرحية الشعرية، والمطولة التى تقترب من الملحمة، والرواية والمقالة والترجمة، اقرأ ما يقوله شوقى فى أبيات شاعت وما زالت تعالج واقعًا سائدًا بيننا حتى الآن، يصف شوقى وضع المعلم وما ينبغى له فى المجتمع المصرى:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّه التَبجيلا / كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا / أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذى يَبنى وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا ؟
ترى ماذا يقول لو عاش بيننا ورأى صورة المعلم الآن وهو يستجدى طلابه من أجل درس خصوصى أو الدخول فى مجموعة خصوصية، ويستهين به الطلاب وأولياء أمورهم؟.. يقول شوقى على لسان المدْرَسَة:
أنا المدرسةُ اجعلنى/ كأمٍّ، لا تمِلْ عنّى / ولا تفزعْ كمأخوذٍ / من البيتِ إلى السجنِ / كأنى وجهُ صيّادٍ / وأنت الطيرُ فى الغصنِ /ولا بدَّ لك اليومَ / وإلا فغدًا.. مِنّى
ماذا لو علم شوقى أن طلاب المدارس الثانوية لا يحضرون إلى مدارسهم وخاصة فى الصفين الثانى والثالث، وأن المدرسين سعداء بعدم حضورهم، ويتسللون إلى بيوتهم أو بيوت تلاميذهم لإنجاز الدروس الخصوصية أو دروس المجموعات، ثم تأمل ما يقوله شوقى لتكتمل الدائرة المعرفية، وهو يتحدث عن الكتب وأهميتها:
أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا / لَم أَجِد لى وافِيًا إِلا الكِتابا /صاحِبٌ إِنْ عِبتَهُ أَو لَم تَعِبْ / لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا / كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَنى /وَكَسانى مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا.
لماذا لا نجد لدى بعض الأدعياء الذين يتصدرون المشهد الثقافى شيئًا مما عند شوقى الذى كان يعيش واقع بلاده أولاً بأول، وكان يأسى على الخلافات المفتعلة بين الزعماء السياسيين والقادة، وكأنه يراهم الآن وهم يريدون هدم الوطن من أجل إلغاء الجمعية التأسيسية التى لا تروق بعضهم، أو يريد بعضهم أن يعرقل استقرار الوطن ويمنع تشكيل مؤسساته الدستورية، ويؤخر توجه أبنائه نحو العمل والإنتاج.
إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما / وَهَذى الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما / وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ / وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما / وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَرَّت / عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما.
ثم ها هو حافظ إبراهيم يوجه سهامه إلى من أفسدوا الحياة السياسية، وشغلوا الناس بهوامش الأمور:
أيُّهَا القَائِمُوْنَ بِالأَمْرِ فِيْنَا / هَلْ نُسَيتمُ وَلاَءَنَا وَالوِدَادَا / خفضوا جَيْشُكُمْ وَنَامُوا هَنِيْئاً / وَابْتَغُوا صَيْدُكُمْ وَجُوْبُوْا البِلادَا /وَإِذَا أَعْوَزَتْكُمُ ذَاتَ طَوْقٍ / بَيْنَ تِلْكَ الرُّبَى فَصِيْدُوا العِبَادَا / وَإِنَّمَا نَحْنُ وَالحَمَامُ سَوَاءٌ / لَمْ تُغَادِرْ أَطْوَاقُنَا الأَجْيَادَا.
لماذا لا نجد اليوم من يكتب لنا قصائد خالدة مثل قصائد شوقى: نهج البردة، وكبار الحوادث، وسلوا قلبى، وإلى عرفات الله، وقصصه الرمزية للأطفال، وغيرها، ولماذا لا نجد مثل قصائد حافظ الخالدة: مصر تتحدث عن نفسها، واللغة العربية، وعمر بن الخطاب، والنيل، وحريق ميت غمر وغيرها؟
يجب أن نتذكر أن شوقى وحافظ كانا يتحركان فى سياق حياة حقيقية غير مزيفة لا تعرف التدليس أو التضليل كما يشيع فى أيامنا، فعرفت روادًا من أمثال محمود سامى البارودى، وعلى مبارك، ومصطفى كامل، ومحمد عبده، ومحمد فريد، وخليل مطران، وشكيب أرسلان، وجرجى زيدان، وعلى الغاياتى، وعبد العزيز جاويش، وإسماعيل صبرى، وأديب إسحق، ومحمد فريد وجدى، ومحب الدين الخطيب، ومحمد رشيد رضا، ومصطفى لطفى المنفلوطى، وعبد العزيز البشرى، وعبد الرحمن شكرى، وإبراهيم عبد القادر المازنى، وعباس محمود العقاد، ومصطفى صادق الرافعى، وأحمد حسن الزيات، وعلى الطنطاوى، وحسن البنا، وسيد قطب وغيرهم.
لقد كانوا نمطًا فريدًا فى الإيثار والاحترام المتبادل، والإخلاص لقضية الوطن، وهو ما جعل شوقى يقول فى رثاء حافظ الذى توفى قبله بعدة شهور:
قَد كُنتُ أوثِرُ أَن تَقولَ رِثائى.. يا مُنصِفَ المَوتى مِنَ الأَحياءِ
لَكِن سَبَقتَ وَكُلُّ طولِ سَلامَةٍ.. قَدَرٌ وَكُلُّ مَنِيَّةٍ بِقَضاءِ
رحمهما الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.