سعر الذهب اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 فى سلطنة عمان.. عيار 21 ب36.475 ريال    الغرفة التجارية بالقليوبية تناقش استعدادات إنشاء معارض أهلا مدارس 2025    نائب وزير الإسكان يترأس اجتماع متابعة تصنيع المهمات الكهروميكانيكية بمشروعات المياه    وزير الخارجية يطلع نظيره الألماني على مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة    صحة غزة: ارتفاع عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية ل 289 شهيدا بينهم 115 طفلا    الاحتلال الإسرائيلى يشن حملة اعتقالات واقتحامات واسعة فى الضفة الغربية    طبيب المنتخب يستفسر عن موقف المُصابين فى الأهلى قبل معسكر سبتمبر    نصيحة خاصة من "فيريرا" ل موهبة الزمالك خوان ألفينا.. تعرف عليها    طقس شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا وارتفاع نسبة الرطوبة بكفر الشيخ    محافظ سوهاج يوجه "التضامن" بسرعة صرف المساعدات لأسر ضحايا غرق أبو ثلاث    العثور على جثة فى ترعة وأمن قنا يكثف جهوده لكشف ملابسات الواقعة    رحيل مفاجئ أثناء ماتش كرة قدم.. كواليس وفاة الفنان الشاب بهاء الخطيب..فيديو    بفستان جرئ.. أحدث ظهور للفنانة مي سليم.. شاهد    هيئة التأمين الصحي تعلن بدء إجراء عمليات إصلاح عيوب الشبكية بمستشفى المقطم    لماذا يجب ترك المشروبات الساخنة فترة قبل تناولها؟    محافظ أسوان يتابع منظومة التأمين الصحى الشامل بمستشفى المسلة    موعد مباراة مانشستر يونايتد وفولهام في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    محافظ أسيوط يتفقد تنفيذ الطريق الاستراتيجي لربط المحافظة بالبحر الأحمر- صور    236 درجة تنسيق القبول بالمرحلة الثالثة من الثانوية العامة في بورسعيد    وزير الدفاع: الحفاظ على الاستعداد القتالي العالي الضمان الحقيقي لأمن الوطن    "الجوازات والهجرة" تواصل تسهيل الإجراءات للمواطنين للحصول على خدماتها    فيديو صادم | عامل يقتل قطة داخل مطبخ بقرية سياحية.. والداخلية تتحرك    مفيش شكاوى.. "تعليم القاهرة": انتظام امتحانات الثانوية "الدور الثاني"    برنامج التبادل الطلابي بطب حلوان يواصل فاعلياته.. صور    ارتفاع الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    "ادعولها يا جماعة".. مصطفى قمر يدعم أنغام بسبب أزمتها الصحية    17 صورة ل أحمد جمال والتهامي وفتحي سلامة من حفل ختام مهرجان القلعة    يسري جبر: هذا جزاء من يتقن عمله    هل تعليق الصور على الحائط حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الأقصر يتفقد أعمال النظافة ويشدد على الحفاظ على المظهر الحضاري    "4 ملايين ريال".. الأهلي يُكافيء لاعبيه على السوبر السعودي    ماذا قدمّ وسام أبو علي في ظهوره الأول مع كولومبوس كرو الأمريكي؟    نحو 60 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 39 يومًا؟    غدا.. انطلاق جولة الإعادة بانتخابات مجلس الشيوخ 2025 للمصريين في الخارج    «كان راجع من الشغل».. مصرع شاب أسفل عجلات القطار في الغربية    الأرصاد تُحذر من حالة الطقس اليوم: ارتفاع «طارئ» في درجات الحرارة والقاهرة تُسجل 39 مئوية    ليلى علوي تشارك صورًا رفقة أحمد العوضي وإلهام شاهين من الساحل الشمالي    وكيل عربية النواب: حملات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة للتغطية على جرائم الاحتلال    لدعم الدولة.. تفاصيل مبادرة «وطنك أمانة» من المصريين في الخارج    «كايروكي وتوليت» يختتمان فعاليات مهرجان العلمين 2025.. الجمعة    العمل تطلق مبادرة «سلامتك تهمنا» لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بالإسكندرية    البنك المركزي يحسم أسعار الفائدة في مصر 28 أغسطس.. وسط توقعات بالتخفيض    مدير القوافل الطبية ب«الصحة»: نستهدف الأماكن البعيدة عن المستشفيات والخدمات مجانية    جرائم الإخوان لا تسقط بالتقادم    ركيزة استقرار الشرق الأوسط    حظك اليوم الأحد 24 أغسطس وتوقعات الأبراج    45 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «طنطا - دمياط».. الأحد 24 أغسطس    فى حفل توزيع جوائز نقابة مديرى المواقع الدولية LMGI.. المديرة التنفيذية لرابطة مفوضي الأفلام الدولية AFCI: لجنة مصر للأفلام حققت المستحيل بتصوير Fountain of Youth بالهرم مستخدمة هيلوكوبتر وسط مطاردات بالأسلحة    "سيد الثقلين".. سر اللقب الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده    في ذكرى المولد النبوي.. أفضل الأعمال للتقرب من الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. كليات التجارة و التربية ومعاهد الفني الصحي المتاحة تجاري 3 سنوت (قائمة كاملة)    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    كما كشف في الجول - القادسية الكويتي يعلن التعاقد مع كهربا    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    برشلونة ينجو من فخ ليفانتي بفوز مثير في الدوري الإسباني    استشهاد 34 فلسطينيًا بينهم 6 أطفال في قصف إسرائيلي    جانتس يدعو لتشكيل حكومة وحدة في إسرائيل لمدة عام ونصف    «قولتله نبيع زيزو».. شيكابالا يكشف تفاصيل جلسته مع حسين لبيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحنين إلى شوقى وحافظ
نشر في المصريون يوم 10 - 11 - 2012

نحن الآن فى حاجة إلى الشاعرين العظيمين شوقى وحافظ، فقد كانا يمثلان المثقف الحقيقى الذى ينحاز إلى الوطن قبل الغزاة، والمظلومين قبل الطغاة، والمصلحين قبل الفاسدين، وقائل الحق قبل المنافقين والمتملقين، ومع أنهما توفيا قبل ثمانين عامًا (1932م)؛ فإنهما يعيشان معنا فى زماننا، يواجهان أنواعًا من البشر تسلحوا بالكذب والادعاء والتضليل والتدليس، ويسعون إلى تخريب البلد بدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان، من قبيل المدنية والحداثة وقبول الآخر وحرية التعبير، فضلاً عن الديمقراطية المظلومة، رغبة فى تحقيق مصالح خاصة ومنافع شخصية، دون خوف من الله، أو إصغاء لصوت الضمير.
شوقى وحافظ يمثلان ضمير الأمة وهويتها وحضارتها، وآلامها وآمالها وأمانيها، ودفع كل منهما ثمن مواقفه ورأيه الذى هو رأى الأمة وموقفها؛ فعرفا النفى والتشريد والفقر المدقع، ولكنهما مع الفارق - بين طبقة كل منهما – انحازا إلى الإنسان فى فقره وضعفه ومظلوميته وثورته على الاستبداد والطغيان، وبحثه عن الحرية والكرامة والعلم والمعرفة والرقى الروحى والخلقى.. لم أجد إلا صدى خافتًا فى أجهزة الإعلام والصحافة لذكرى الرجلين العظيمين، ولكنى وجدت اهتمامًا غير عادى بذكرى بعض الممثلين والمطربين والراقصات، وكأن الأدب والشعر لا قيمة لهما ولا لأصحابهما الذين عاشوا مع الناس أحزانهم وأفراحهم، وظلت كلماتهم حية تسعى بيننا اليوم وغدًا، لأنها ولدت من رحم الصدق والإخلاص والموهبة والثقافة.
الشاعر العظيم يبقى حيًا بين الناس مهما اختلف النقاد حوله، وهو يقدم شهادة موثقة على أن الشعر لا تصنعه الدعاية ولا الوقوف على عتبة السلطان، ولا قوة الذراع وفتحة الصدر، وادعاء التجديد والتحديث، هذا ليس شعرًا لسبب بسيط، هو البعد عن قضايا الناس وروحهم، ووجدانهم، والانغلاق فى قضايا ذاتية لا تهم غير صاحبها، وليتها عولجت معالجة فنية شعرية، ولكنها تعالج فى نثرية مقيتة يغلفها ادعاء عريض بالشاعرية والوعى بطبيعة الفن.
لقد وقف شوقى وحافظ من قضايا الأمة الموقف الطبيعى والتلقائى الذى يؤصل للقيم العليا، ويبنى على أساسها مجتمعًا يربط بين هوية الأمة وصناعة المستقبل فى إطار فنى متنوع بين القصيدة الغنائية والمسرحية الشعرية، والمطولة التى تقترب من الملحمة، والرواية والمقالة والترجمة، اقرأ ما يقوله شوقى فى أبيات شاعت وما زالت تعالج واقعًا سائدًا بيننا حتى الآن، يصف شوقى وضع المعلم وما ينبغى له فى المجتمع المصرى:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّه التَبجيلا / كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا / أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذى يَبنى وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا ؟
ترى ماذا يقول لو عاش بيننا ورأى صورة المعلم الآن وهو يستجدى طلابه من أجل درس خصوصى أو الدخول فى مجموعة خصوصية، ويستهين به الطلاب وأولياء أمورهم؟.. يقول شوقى على لسان المدْرَسَة:
أنا المدرسةُ اجعلنى/ كأمٍّ، لا تمِلْ عنّى / ولا تفزعْ كمأخوذٍ / من البيتِ إلى السجنِ / كأنى وجهُ صيّادٍ / وأنت الطيرُ فى الغصنِ /ولا بدَّ لك اليومَ / وإلا فغدًا.. مِنّى
ماذا لو علم شوقى أن طلاب المدارس الثانوية لا يحضرون إلى مدارسهم وخاصة فى الصفين الثانى والثالث، وأن المدرسين سعداء بعدم حضورهم، ويتسللون إلى بيوتهم أو بيوت تلاميذهم لإنجاز الدروس الخصوصية أو دروس المجموعات، ثم تأمل ما يقوله شوقى لتكتمل الدائرة المعرفية، وهو يتحدث عن الكتب وأهميتها:
أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا / لَم أَجِد لى وافِيًا إِلا الكِتابا /صاحِبٌ إِنْ عِبتَهُ أَو لَم تَعِبْ / لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا / كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَنى /وَكَسانى مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا.
لماذا لا نجد لدى بعض الأدعياء الذين يتصدرون المشهد الثقافى شيئًا مما عند شوقى الذى كان يعيش واقع بلاده أولاً بأول، وكان يأسى على الخلافات المفتعلة بين الزعماء السياسيين والقادة، وكأنه يراهم الآن وهم يريدون هدم الوطن من أجل إلغاء الجمعية التأسيسية التى لا تروق بعضهم، أو يريد بعضهم أن يعرقل استقرار الوطن ويمنع تشكيل مؤسساته الدستورية، ويؤخر توجه أبنائه نحو العمل والإنتاج.
إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما / وَهَذى الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما / وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ / وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما / وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَرَّت / عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما.
ثم ها هو حافظ إبراهيم يوجه سهامه إلى من أفسدوا الحياة السياسية، وشغلوا الناس بهوامش الأمور:
أيُّهَا القَائِمُوْنَ بِالأَمْرِ فِيْنَا / هَلْ نُسَيتمُ وَلاَءَنَا وَالوِدَادَا / خفضوا جَيْشُكُمْ وَنَامُوا هَنِيْئاً / وَابْتَغُوا صَيْدُكُمْ وَجُوْبُوْا البِلادَا /وَإِذَا أَعْوَزَتْكُمُ ذَاتَ طَوْقٍ / بَيْنَ تِلْكَ الرُّبَى فَصِيْدُوا العِبَادَا / وَإِنَّمَا نَحْنُ وَالحَمَامُ سَوَاءٌ / لَمْ تُغَادِرْ أَطْوَاقُنَا الأَجْيَادَا.
لماذا لا نجد اليوم من يكتب لنا قصائد خالدة مثل قصائد شوقى: نهج البردة، وكبار الحوادث، وسلوا قلبى، وإلى عرفات الله، وقصصه الرمزية للأطفال، وغيرها، ولماذا لا نجد مثل قصائد حافظ الخالدة: مصر تتحدث عن نفسها، واللغة العربية، وعمر بن الخطاب، والنيل، وحريق ميت غمر وغيرها؟
يجب أن نتذكر أن شوقى وحافظ كانا يتحركان فى سياق حياة حقيقية غير مزيفة لا تعرف التدليس أو التضليل كما يشيع فى أيامنا، فعرفت روادًا من أمثال محمود سامى البارودى، وعلى مبارك، ومصطفى كامل، ومحمد عبده، ومحمد فريد، وخليل مطران، وشكيب أرسلان، وجرجى زيدان، وعلى الغاياتى، وعبد العزيز جاويش، وإسماعيل صبرى، وأديب إسحق، ومحمد فريد وجدى، ومحب الدين الخطيب، ومحمد رشيد رضا، ومصطفى لطفى المنفلوطى، وعبد العزيز البشرى، وعبد الرحمن شكرى، وإبراهيم عبد القادر المازنى، وعباس محمود العقاد، ومصطفى صادق الرافعى، وأحمد حسن الزيات، وعلى الطنطاوى، وحسن البنا، وسيد قطب وغيرهم.
لقد كانوا نمطًا فريدًا فى الإيثار والاحترام المتبادل، والإخلاص لقضية الوطن، وهو ما جعل شوقى يقول فى رثاء حافظ الذى توفى قبله بعدة شهور:
قَد كُنتُ أوثِرُ أَن تَقولَ رِثائى.. يا مُنصِفَ المَوتى مِنَ الأَحياءِ
لَكِن سَبَقتَ وَكُلُّ طولِ سَلامَةٍ.. قَدَرٌ وَكُلُّ مَنِيَّةٍ بِقَضاءِ
رحمهما الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.