ابدت الحملة الشعبية للتوعية بالدستور عدة ملاحظات سلبية على الجزء الخاص بالسلطة القضائية فى مسودة الدستور الاولية واعتبرته ضعيف الصياغة ويهدر استقلال ونزاهة السلطة القضائية وتفرغها من مضمونها وقالت الحملة فى ملاحظتها التى اعلنتها اليوم على هذه المسودة ان أعضاء الجمعية التأسيسية لم يكلفوا أنفسهم مشقة الإطلاع على المبادىء الدولية لحق التقاضى وإستقلال القضاء والقضاة ولا الإعلان العالمى لإستقلال العدل ( مونتريال سنة 1983 ) ولا العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولا غيرها من مبادىء الأممالمتحدة بشان إستقلال السلطة القضائية حتى يضعوا نصوصا تكفل إقامة قضاء مستقل ونزيه قادرعلى تحقيق العدل ودولة القانون وعددت الحملة المواد التى اعتبرتها تهدر استقلال السلطة القضائية ومنها المادة (175) حيث جاءت عبارتها الأخيرة بعدم التدخل فى شئون العدالة بشكل مقتضب وغامض وقالت انه كان من الأولى تحديد عدم تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية بشكل جازم كما كان يفضل النص على وجوب الدولة على تنفيذ الأحكام القضائية وأن عدم تنفيذها جريمة يعاقب عليها القانون . وقالت ان المادة ( 176 ) تنص على جواز ندب القضاة وهى تعتبر إحدى وسائل الضغط على القضاة بندبهم فى أجهزة حكومية لتنفيذ أغراض خاصة بالسلطة التنفيذية حيث يعتبر الندب والاعارة والترقية تدخلا من السلطة التنفيذية فى أعمال القضاء . واضافت ان المادة ( 177 ) تحيل تلك المادة الدستورية موضوع ترتيب جهات القضاء للقانون وهذا يمثل تهديدا على تشكيل سلطة قضائية مستقلة فكان من الأفضل النص على تشكيل جهات القضاء وبيان إختصاصها بالدستور وضمان تنفيذ أحكامها حيث أن ترك الأمر للقانون بتنظيم جهات القضاء قد يفضى الى تشكيل محاكم إستثنائية كالمحاكم العسكرية التى تعتبر إنتهاكا لإستقلال السلطة القضائية وغيرها من جهات القضاء الإستثنائى . واوضحت ان المادة ( 178 ) تنص على أن جلسات المحاكم علنية وهذا شىء جيد حيث من حق الشعب الحصول على المعلومات ويكون هذا عادة بحضور وسائل الإعلام وكان لابد النص على ذلك ولكن تقييد هذا الأمر بالنظام العام يبعث على القلق والخشية ..اما المادة ( 179 ) فتنص على أمر النيابة العامة وخلت تماما من كيفية تعيين النائب العام والتى يمكن من خلالها النص فى القانون على تعيين النائب العام بواسطة رئيس الجمهورية مما يمثل تدخلا فى أعمال السلطة القضائية وكان من الأولى تحديد إختصاصها بشكل واضح فى مسودة الدستور . وحول المادة ( 181 ) التى تنص على أن الإفتاء الخاص بمجلس الدولة فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون و نرى بوجوب النص عليها فى الدستور وكيفية تحريك دعوى الفتوى ولاتترك هذه الأمور للقانون . فى حين ان المادة ( 182 ) التى تتعلق بإختصاص المحكمة الدستورية العليا فقد نصت على رقابه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح وكنا نفضل ضرورة بيان اللوائح الخاضعة لرقابة المحكمة وهى اللوائح التنفيذية ولوائح الضبط والمرافق العامة وهى الصادرة من أشخاص القانون العام . وعلى الجانب الأخر هناك عبارة قد تفرغ إختصاص المحكمة من مضمونها وهى " دون الفصل فى الدعوى الموضوعية فما قيمة حكم المحكمة الدستورية العليا إذا لم ينفذ فكان من الأولى التاكيد على حجية أحكام المحكمة فى مواجهة الكافة إحتراما للقضاء وسيادة القانون .كما جاءت الفقرة الثانية من المادة لتحيل كافة إختصاصات المحكمة الدستورية العليا للقانون حتى ينظمها فكيف يكون تنظيم مواد دستورية بقانون أدنى منها واكدت الحملة ان المادة ( 183 ) تمثل إهدارا متعمدا للقضاء الدستورى بمصر حيث فتحت باب الترشيح لعضوية المحكمة الدستورية العليا من خارج المحكمة نفسها لتشمل محكمة النقض والإسئناف ومجلس الدولة ولم توضح على سبيل التحديد الشروط الواجب توافرها لعضوية المحكمة الدستورية العليا بإحالته للقانون ثم جاءت أخيرا لتضع تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا بيد رئيس الجمهورية . وقالت ان المادة ( 185 ) تحتوى على عبارة أخيرة وهى أنه بعد نشر كافة الأحكام الصادرة بعدم الدستورية سينظم القانون أثارها فذلك تفريغ لأعمال المحكمة فما القيمة عند الحكم بعدم الدستورية وأن ينظم القانون أثار الحكم بالأخذ به من عدمه فكان من الأولى النص على حجية أحكام المحكمة امام الكافة . وذكرت الحملة عدة ملاحظات عامة حول نصوص مفقودة فى السلطة القضائية بمسودة الدستور التى خلت من وجوب إلزام السلطة التنفيذية لأحكام القضاء وكفالة هذا التنفيذ ، حيث يعتبر هذا الإلتزام من أهم دعائم إستقلال القضاء .و لقد خلت مسودة الدستور من النص على عدم إثارة أى أسئلة أو نقاشات أو بيانات من السلطة التشريعية أو التنفيذية أو اى جهة فى قضية موضع تحقيق كما فعل الدستور التركى لتوفير بيئة أمنة للقاضى للحكم بحيدة و إستقلال دون ضغوط . .كما لايوجد نص خاص يضمن الحرية للقاضى فى أن يبت بصورة حيادية فى المسائل المعروضة عليه حسب تقييمه للوقائع وفهمه للقانون دون أى ضغوط أو تهديدات أو تدخلات مباشرة أو غير مباشرة . كما انه من النصوص المفقودة عدم النص على ضمانات مدة خدمة القضاة حيث لم يضمن الدستور بقاء القاضى فى منصبة حتى بلوغ سن التقاعد الإجبارى مما يجعل إحالة التقاعد قد تأتى من السلطة التنفيذية ، كما خلت مسودة الدستور من العديد من المواد التى تكفل بحق إستقلال السلطة القضائية وإقامة قضاء عادل ونزيه قادر على حماية الحقوق والحريات ودولة القانون.