لا نزال فى عبق الحج وروحانيات الحج، وقد خرجت بمحصلة لا بأس بها من خلال هذا الموسم العظيم تتسم بالعجائب والغرائب والمواقف المضحكة.. وإليكم بعض القصص الإنسانية التى ازدان بها الموسم، وهى تعرب عن قيمة الإنسان، الذى خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأكرمه على جميع خلقه.. ◄أولها هذا الروسى وقد منّ الله عليه بالإسلام وحج هذه السنة بيت الله الحرام يرسل 900 صورة فيديو لأمه عبر برنامج "الوات ساب" عن الحج، علها تراجع نفسها وتترك "الإلحاد الأحمر" وتهتدى إلى فطرة الله التى فطر الله عليها إلى "الإسلام". ◄أما مفتى روسيا فقال: إنى أحمل كفنى معى منذ 21 عامًا، وأنا أحج علنى أموت فى تلك الأرض الطيبة وأدفن فيها. ◄وهذه امرأة يمنية تدفع بالعربة التى تحمل زوجها وابن عمها، فى الوقت نفسه طول مناسك الحج وعند كل مشعر وكل مكان من الأماكن المقدسة، ولما سألوها أن تستأجر عربة تقله أبت وقالت لن أتركه لحظة فهذه عشرة عمر بينى وبينه.. فعلاً "مروءة امرأة". ◄أما القصة المؤثرة فكانت لرجل باكستانى باع الحطب لمدة تزيد على ربع قرن حتى جمع مصاريف الحج ونوى وعزم وأتى ليؤدى الفريضة ويحقق أمنيته، وقد منّ الله عليه بالحج بعد تعب كل هذه السنين الطويلة.. محبة صادقة لأداء النسك ابتغاء وجه الله تعالى. ◄وأما الحاج الفلسطينى الذى كان أسيرًا فى السجون الإسرائيلية وقد تعذب كثيرًا وظن أنه سيموت فى السجن فإذا به يفرج عنه ويكتب ضمن الذين شملتهم مكرمة خادم الحرمين الشريفين من تحجيج ألفى حاج من أسر شهداء وأسرى الفلسطينيين، وكان الرجل منهم فبكى فرحًا بعد أن بكى فى سجنه حزنًا وأسى. ◄وهناك طفل ينقل حاجًا على كرسى متحرك لمسافة عشرة كيلومترات وهو فرح مسرور أنه يساعد حاجًا لتأدية نسكه. ◄أما الموقف الطريف جدًا فتمثل فى حاج ظل يطوف من بعد صلاة الفجر حتى صلاة الظهر لأنه كان يظن أن الطائفين يبدأون الطواف معًا وينتهون معًا، واستغرب أنه تعب من الطواف رغم أنه ما زال شابًا.. بينما لم يتعب بقية الحجاج الذين يطوفون. ◄وحكى آخر فقال وقد حج قبل سنتين – إنه رأى مجموعة من النساء يبدو أنهن من الجمهوريات السوفيتيّة يتقدمهن رجل من بلادهن يقرأ العربية إلا أنه لا يفهمها، وذلك أنه كان يقرأ من كتاب الأدعية، وهن يردّدن وراءه، حتى صار يقول: طُبع، فيقلن: طُبع، فيقول: فى الرياض!! ، فيقلن: فى الرياض، فيقول: فى مطبعة، فيقلن: فى مطبعة... إلخ. وهذا ذكرنى بأول حجة لى وكنت مع الزميلين شريف قنديل ومحمد الدسوقى، كان فى عام 1987م، وبما أننى درست الفقه والشريعة واللغة العربية فى آن واحد، فأعرف المناسك بالرغم من أنى لم أطبقها عمليًا، وكان من البديهى أن أتقدم الثلاثة فى الطواف والسعى ليتبعونى فى الدعاء غير أن أحدهما أمسك بالكتاب الذى يحوى الدعاء وتقدمنا بدون إذن منا، وقال وكنا نردد وراءه حتى وصلنا إلى جملة فى الكتاب بين قوسين تقول: (ولما اقترب من الميلين الأخضرين فى الصفا والمروة يقول: رب اغفر وارحم واعف وتكرم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الله الأعز الأكرم)، فقال الزميل: "وكلما اقتربت من الميلين الأخضرين" وانتظرنا نردد وراءه فضحك، وقلت له: إن هذه الجملة ليست من الدعاء هذه جملة تنبيهية وضحك بعد أن فهم الموقف. ◄ولعل أطرف قصة حدثت منذ سنوات عند الجمرات وفى شدة الزحام والتدافع عند رمى الجمار كاد حاج يسقط من أعلى الجسر، ولكنه تمسك بالحديد بقوّة، فسقطت ثياب الإحرام عنه، وكان هذا الحاج إفريقيًا شديد السواد، ضخم الجسم، فلما رآه بعض الجهلة، ظنه الشيطان قد خرج، فصار يهتف بكل حماس: خرج الشيطان.. ظهر الشيطان.. وبدأ الحجاج يسددون عليه الجمرات يريدون أن يصيبوا هذا المسكين، وبدأ الجهلة يرجمون هذا المسكين بالحصى والنعال، حتى أدركته سيارة الإسعاف وهو على وشك أن يفارق الحياة. وتدخل فى الطرافة تلك القصة القديمة جدًا قبل التوعية التى يحيا جوها الحجاج الآن، أن أحد الجهال قبل خمسين عامًا جعل من نفسه مطوّفاً، فأوكل إليه رئيس المطوّفين تطويف اثنتى عشرة امرأة، وبعد أن انتهى معهن من رمى الجمار، أمرهن بحلق رءوسهن بالموس جميعًا، وعادت النساء إلى أهلهنّ بدون شعر!! ◄ومن الأسئلة الفقهية ما يضحكك كثيرًا ومنها: ◄حاج يسأل إن كان يتوجب عليه تغطية وجهه أثناء الحج لأنه يحج عن أمه؟ ◄وآخر اتصل باللجنة يسأل: هل يجوز له الزواج بعدما أدى فريضة الحج أم أن الحاج لا يتزوج مطلقًا؟ ***************** ◄◄آخر كبسولة ◄ انهالت الرسائل من كل صوب وحدب تطالبنى بعدم ذبح هذا الخروف الذى يأكل" الجبنة الرومى"، ويشرب "مياه معدنية"، ويفهم فى السياسة.. عدد كبير من المصريين عرضوا أن يبادلونه بجمل أو عجل أو أى دابة أختارها، وقراء من المحيط للخليج يعرضون شراءه بأى مبلغ أو للبدل بعربية أحدث موديل، حتى الأثرياء العرب والمصريون فى المهجر عرضوا استضافته ليطوف العالم فى معرض مثل توت عنخ آمون.. وأمام هذا الطوفان الجارف تراجعت عن ذبحه وعندما لمحت فى عينيه نظرة شماتة قلت لزوجتى: خدى الخروف ده من قدامى دلوقتى فردت الصغيرة كلمات قائلة: بس ما تقولش خروف يا بابا.. ده دلوقتى رمز للحلم العربى، وراحت هى وشقيقاتها ينشدن: "خرفان ورا خرفان.. هاتعيش على حلمنا"! = من خواطر الزميل الصحفى الساخر هشام مبارك.. أعجبتنى بمناسبة العيد والخروف. دمتم بحب [email protected]