موسى: الإخوان كفروا «محمد سليم العوا» بسبب إشادته بالرئيس السيسي    طريقة استثمار 100 ألف جنيه فى الشهادات والذهب بعد انخفاض الأسعار    تنفيذ 5 حالات إزالة ل تعديات على الأراضي بمدينة الإسماعيلية (صور)    مصر وتشاد توقعان مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون بمجالات الاستثمار والكهرباء والطاقة    انعقاد اللجنة المصرية - التشادية المشتركة لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين    سيناتور أمريكي يؤكد وجود أسماء 20 شخصية بارزة متورطة في ملفات إبستين السرية    إيطاليا ضد النرويج.. ريتيجي يتحدى هالاند في تشكيل تصفيات المونديال    زيلينسكي: أوكرانيا تعمل على استئناف تبادل الأسرى مع روسيا    فرنسا يحقق فوزًا سهلا على أذربيجان في ختام تصفيات مونديال 2026    رغم تواجده بالقائمة النهائية، محمد صلاح يغيب عن حفل الأفضل بأفريقيا لهذا السبب    دوري أبطال إفريقيا: طارق قنديل رئيسًا لبعثة الأهلي في المغرب    ضبط زيت طعام مجهول المصدر وملح مغشوش فى حملة بالإسكندرية    إخماد حريق اندلع في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات داخل جراج بالزاوية الحمراء    الأرصاد الجوية: غدًا يسود طقس خريفي معتدلًا نهارًا ومائلًا للبرودة ليلاً على أغلب الأنحاء    عودة الضوء    خالد سليم ينضم لأبطال مسلسل هند صبري الجديد    نساء على عرش مصر بقصر الأمير طاز    حماة الوطن: نخوض الانتخابات بخطة واسعة لعقد مؤتمرات جماهيرية حاشدة    هل التبسّم في الصلاة يبطلها؟ أمين الفتوى يجيب    خطوبتي مش بتتم وقالوا لي معمول سحر.. أمين الفتوى يجيب    لأول مرة بالفيوم، مستشفى طامية يجري زراعة منظم ضربات القلب ل7 مرضى    مسكن بحيوات كثيرة    صناع فيلم «شكوى رقم 713317» يحتفلون بعرضه العالمى الأول فى مهرجان القاهرة السينمائى    جابرييل يغيب عن أرسنال بسبب إصابة مع منتخب البرازيل    أخبار السعودية اليوم.. معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة خلال زيارة ولي العهد لواشنطن    وزير الثقافة: مشروع أكاديمية الفنون في الإسكندرية ترجمة حقيقية لرؤية الدولة لنشر التعليم المتخصص    أمين البحوث الإسلامية يتفقد منطقة وعظ أسيوط لمتابعة الأداء الدعوي    مصر تتجاوز مليار دولار في الأمن السيبراني وتستعد لقيادة الحماية الرقمية    منتخب مصر بالقميص الأحمر والأسود أمام كاب فيردي غداً    ما حكم الامتناع عن الإنفاق على الزوجة والأولاد؟.. أمينة الفتوى تجيب    "علوم" القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "أنت أقوى من المخدرات" غدا الإثنين.    حصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    توقيف أفراد من وزارتى الدفاع والداخلية السورية بعد تحقيق فى أحداث السويداء    قضايا الدولة تفتتح مقرا جديدا لها بالوادي الجديد (صور)    طريقة عمل الدجاج المشوي المسحب بتتبيلة لا تقاوم    تعليم دمياط يواصل لقاءات مبادرة صوتك مسموع    محافظ الجيزة: الشعار الجديد للمحافظة يجسد إرثها الحضاري والعلمي    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    وزارة التعليم الفلسطينية تشكر مصر على استيعاب عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين    نجل محمد صبري: والدي لم يكن يعاني من أي أمراض.. وطريقة لعبه تشبهه في كل شئ    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال حتى 12 سنة بأسوان.. صور    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    بسبب معاكسة فتاة.. التحقيق مع طرفي مشاجرة بشوارع المطرية    زراعة بنى سويف تعاين مزرعتى ماشية و4 للدواجن وتصدر 6 تراخيص لمحال أعلاف    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يمنع عبور شاحنات المساعدات المحملة بالخيام والبطاطين إلى غزة    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    منافسات التارجت سبرنت تشعل اليوم الحادي عشر ببطولة العالم للرماية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفوضى الإعلامية: الداء والدواء
نشر في المصريون يوم 25 - 10 - 2012

العلاقة بين لغة الإنسان ومستواه الفكري والثقافي والأخلاقي علاقة وثيقة جدًا، والأمة التي تنهار لغتها وتنحط عباراتها وتهبط قيمة كلماتها هي أمة معرضة للانهيار في بنيانها الداخلي، وتهتز قيمتها بين الأمم الأخرى.
منذ أيام خاطب المحامي مرتضى منصور على الهواء مباشرة الدكتور سيف الدين عبد الفتاح قائلاً (أنت حمار وعبيط وعميل) وكررها أكثر من مرة. لم يكن الرجل منفعلاً لدرجة أن عقله قد استغلق عليه، بل كان يتكلم بصورة طبيعية، وبين كل عبارة وأخرى كان يستمر في مطالعة صحف بين يديه. لم تكن تلك الكلمات النابية فلتة أعصاب، ولكنها كانت تعبر عن ثقافة الرجل ومستواه الفكري والخلقي بلا رتوش. الأعجب من ذلك أن مقدم البرنامج التليفزيوني وائل الإبراشي لم يردع الرجل ولم يعلق على هذا السباب والقذف، كل ما فعله أنه لامه على مقاطعة الدكتور سيف ووعده أنه سيعطيه الفرصة كاملة للرد!. والأعجب من هذا وذاك أن القناة التليفزيونية لم تتخذ أي إجراء لا تجاه المحامي ولا موظفها، ولم تبال أن تعتذر لجمهور المشاهدين عن هذا الإسفاف. والأعجب من كل هؤلاء أن تسكت الدولة عن هذه الفوضى وألا تأخذ على أيدي السفهاء والمهرجين، حتى لو ادعوا زورًا وتضليلاً أنهم دعاة لحرية الرأي والتعبير.
وقريب من هذه الفوضى الأخلاقية، ما حدث لجمال عبد الرحيم الذي أصدر رئيس مجلس الشورى قرارًا بإقالته من رئاسة تحرير صحيفة الجمهورية لخبر كاذب نشره عن تحويل طنطاوي وعنان للكسب غير المشروع. لقد أحدث القرار ضجة إعلامية ووقفات واحتجاجات وتباكي على سياسة تكميم الأفواه وأخونة الإعلام ومحاصرة الحريات إلى آخر هذه الأسطوانة المشروخة المملة. لا أعرف حدود صلاحيات مجلس الشورى في قرار كهذا ولا مسئولية المجلس الأعلى للصحافة، ولا أريد أن أناقش الأمر من هذه الزاوية – برغم وجاهته واعتباره – لكن أناقش هنا حالة الفوضى الإعلامية.
إن قرارت الرئيس مرسي في 12 أغسطس الماضي بإحالة المشير طنطاوي والفريق عنان إلى التقاعد لم تكن الكلمة النهائية في إنهاء حكم العسكر، وإن هذه القرارات تحتاج لنفس طويل وحكمة بالغة حتى لا تحدث أي اضطرابات داخل قواتنا المسلحة، وإن الشكل الكريم للإقالات كانت خطوة حكيمة موفقة للحفاظ على تماسك القوات المسلحة وقطع الطريق على أي محاولات لزعزعة الجبهة الداخلية. وعندما تعبث صحيفة بهذا الأمن القومي وتعرض استقرار البلاد بأخبار مزعومة فإن المسئولية السياسية والوطنية توجب محاسبة من فعل هذا والأخذ على يديه. إنه لا يكتب هنا عن خبر انتقال لاعب كرة أو اعتزال فنان، إنه ينشر في منطقة شائكة شديدة الحساسية وشديدة الخطورة وبالغة الهشاشة. وأذكر هنا بأن حالات مشابهة تعتبر أقل خطرًا قد لاقت إجراءات صارمة في أعتى الديمقراطيات.
فعلى سبيل المثال، في يوليو سنة 2005، حكمت المحكمة الفيدرالية الأمريكية بالسجن على الصحفية “جوديث ميلر” (Judith Miller) بسبب رفضها التواجد أمام المحكمة للكشف عن المصدر الذي زودها باسم “فاليري بليم” (Valerie Plame) على أنها عميلة لوكالة المخابرات المركزية (C I A). وقد أصرت الحكومة الأمريكية وقتها على أن نشر الخبر هدد الأمن القومي الأمريكي. وبرغم أن صحيفة النيويورك تايمز قد دافعت عن صحفيتها، وقالت إن الخبر قد تم نشره بموافقة هيئة تحرير الجريدة، إلا أن الجريدة ما لبثت أن تراجعت وهاجمت الصحفية ووجّه صحفيون ومسؤولون في هيئة التحرير انتقادات لها علنًا، ووصفها ثلاثة من محرري الصحيفة على الصفحة الأولى بأنها (تزرع البلبلة) قائلين إن (بعض زملائها يرفضون العمل معها). وكتبت "مورين دود" نقدًا لاذعًا بحق زميلتها تحت عنوان (امرأة الدمار الشامل)، قالت فيها (كان يجب أن تُكبَح على صعيد التحرير، لكنها تُركت بدون أي رادع على الإطلاق، وذلك أساء للصحيفة ولثقة قرائها). والشاهد هنا أن صحفية محترفة دخلت السجن وقضت فترة عقوبتها لخبر رأت الحكومة أن تسريبه يهدد أمنها القومي، ونحن هنا في مصر إزاء خبر قد يؤدي إلى العصف باستقرار البلاد رأسًا على عقب، ولا نلقي لهذا بالاً. لا أعرف جمال عبد الرحيم، ولكني شاهدته في لقاء فى التليفزيون المصري، وكانت صدمتي شديدة لطريقة كلام الرجل وأسلوبه. إنه من نفس مدرسة مرتضي والزند والنائب العام.. نفس الثقافة ونفس اللغة ونفس التعبيرات. إنها ثقافة تعيسة تراكمت عبر عقود الاستبداد والتجريف، قادتها نخبة فاسدة أمعنت في تشويه العقل المصري فهللت لأغاني (الطشت قال لى) وروايات الشذوذ والخلاعة وروجت لأنماط الاستهلاك وحرضت على فصل الدين عن الحياة وجاهدت أن تجعل رؤوس الأمة جهالاً ومجاهيل.
هذه الثقافة ستحتاج لسنوات من الإصلاح والتهذيب، ولكن في الوقت الحالي نحتاج لقانون ينظم الممارسات الإعلامية ويخرجنا من هذه الفوضى المدمرة.
د. محمد هشام راغب
http://www.facebook.com/Dr.M.Hesham.Ragheb


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.