استكمالا للحديث السابق عن الظروف التي سبقت حركات التغيير الديمقراطي في مصر ومن كون أن أحد أهم أسبابها هو الشعور بالمهانة على المستوى العربي والدولي ، وأن هناك إرادة تغيير بأجندة أمريكية ظهرت حركات التغيير في مصر وعلى رأسها حركة " كفاية " من نفس الرحم الذي أنجب لجان وحركات الدعم للشعب الفلسطيني والعراقي ولكل القضايا العادلة العربية وغير العربية ، وبهذا بدأت جملة من الضغوط الداخلية توافقت مع ضغوط أخرى خارجية أدت إلى اقتراح تعديل المادة 76 من الدستور لامتصاص هذه الضغوط وهو تعديل شكلي سمح لتعددية مظهرية في الترشيح لعدد محدود من رؤساء الأحزاب لمرة واحدة وحرم كل الشخصيات الجادة من الترشيح وخاصة المستقلين ، وفي نفس الوقت حرمت من ترشح منهم من الدعاية الحقيقية المتوازنة واستغلت كل إمكانيات الدولة وليس الحزب الوطني في دعم مرشح واحد هو الرئيس مبارك ، ولهذا وصلنا إلى يوم التصويت ( 7سبتمبر ) والأوضاع كالتالي ، هناك مجموعات تشارك في الانتخابات على رأسهم أجهزة الدولة الإدارية والإعلامية والأمنية والاقتصادية يغلفها بغلاف خارجي الحزب الوطني ( حزب السلطة ) ، وحزب الوفد وحزب الغد ، وقطاع قاطع بقوة وعلى رأسهم حركة " كفاية " وحزب التجمع والحزب الناصري وكثير من المثقفين والمستقلين وحركات مسكت العصا من المنتصف لا هي قاطعت ولا هي لها رأي محدد في المشاركة مثل جماعة الأخوان والتجمع الوطني . وجرت العملية يوم 7 سبتمبر وظهرت فيها الموقف الذي توقعته الحركات والأحزاب المقاطعة ، تمثلية هزلية نتيجتها معروفه مسبقا وبالتالي كانت المقاطعة أفضل الخيارات لنزع المشروعية عن عمل غير مشروع ، لأن الدولة بكل هيئاتها عملت على إحضار الناس عنوة إلى الصناديق وتم تقفيل صناديق كاملة وخاصة تلك التي في المناطق النائية والريف بتواطؤ بعض ممن أسموهم برجال القضاء وهم ليسو كذلك لأنهم من هيئات غير قضائية مثل هيئة قضايا الحكومة بعد إبعاد أكثر من ثلاثة آلاف قاض شريف ممن قادوا تيار الاستقلال في الجمعيات العمومية بنادي قضاة مصر أو نادي قضاة الإسكندرية ، وبالرغم من كل هذا ظهرت النتائج كالتالي عدد الذين حضروا حوالي 7 مليون حسب إحصائيات اللجنة الحكومية ( المسماة لجنة الانتخابات الرئاسية ) ، وبالرغم من كل الظروف والملابسات حول صحة هذا الرقم فلو اعتبرناه رقما قابلا للتحليل لاكتشفنا الآتي عدد سكان مصر حوالي 72 مليون نسمة اللذين يحق لهم الاقتراع حوالي 50 مليون نسمة ، المسجلين منهم حوالي 32 مليون نسمة ، فماذا يعني رقم 7 مليون مشارك يعني أن هناك 65 مليون مصري لم يشارك ( من عدد السكان الإجمالي ) فلو استبعدنا من هم دون سن 18 سنة فهناك حوالي 43 مليون لم يصوتوا في هذه الانتخابات ولو استبعدنا غير المسجلين ( وهذه مسؤولية السلطة ) سيكون هناك 25 مليون مسجل في كشوف الناخبين لم يصوتوا أي أن نسبة المقاطعة تتراوح بين ( 90 % إلى 77 % ) فإذا أخذنا بأقل نسبة وهي التي أعلنتها لجنة الحكومة المسماة لجنة الانتخابات الرئاسية ، فهذه الانتخابات غير مشروعة بسب نسبة المشاركة المتدنية جدا ونسبة المقاطعة الكبيرة جدا ، حتى إذا أخذنا أقل النسب المشار إليها ولهذا لن أتحدث عن الأساليب التي استخدمت يوم التصويت والتي بالرغم من كل منها أصبحت هذه نسبة المشاركة وهذا يؤكد على صحة موقف حركة " كفاية " والقوى التي قاطعت والتي تدعوا باقي القوى التي شاركت أو ترددت أن تنضم بقوة لاستمرار حملة الضغط الداخلي لأحداث تغيير ديمقراطي حقيقي على نفس الأجندة الأولى قبل تعديل المادة 76 التي لن تغير كثيرا في الأوضاع وإن كان ما جرى أعطى قوة دفع جديدة للحراك السياسي في المجتمع المصري الذي يجب أن يستمر أقوى مما سبق حتى يحقق أهدافه بأذن الله