يوم الخميس القادم 29 /9/2005 ستجري جولة الإعادة بين الزميلين النقيب الحالي جلال عارف و رئيس تحرير الأهرام الرياضي إبراهيم حجازي ، على مقعد نقيب الصحافيين ، و لا شك في أن نتائج الانتخابات التي جرت اليوم كانت ذا دلالة لا تخطئها عين المراقب .إذ إن الاعادة بين هذين الزميلين على وجه التحديد تعني ، أن ثمة اختلافا بين الجماعة الصحافية المصرية ، حول ما ترغبه و تتمناه في نقيبها المرتقب ، فمنهم من يرى أن يكون مشروعه "خدميا" و منهم من يرى أنه لا يليق بنقابة الصحافيين أن تكون أقرب في دورها الاجتماعي إلى دور "الجمعيات التعاونية" ، فهي في الأصل "نقابة رأي" و من المفترض في النقيب أن يتقدم بأجندة تتضمن ما من شأنه تأمين الصحفي في حريته و استقلاله و حمايته و حماية قلمه من بطش السلطة ، التي لا يعجبها إلا أن يكون الصحافي "مملوكا" صغيرا في تكية "ولي النعمة". الملاحظ هذه المرة أن الصحافيين انقسموا بالتساوي تقريبا بين من لا يريد إلا تأمين قلمه و حسب مهما حورب في رزقه و قوته و قوت أولاده ، و منهم من اختار الفوز بالحسنيين : تأمين القلم و تأمين المعدة معا . و ليس ثمة موقف لدي إزاء من كان في الفريق الأول أو من أختار الانحياز للفصيل الثاني ، فجميعهم زملاء أعتز بزمالتهم ، و هو اختلاف نحترمه و نقدره ..و أيا ما كان فهو اختلاف صحي و ممتع خاصة وأن النتائج كانت تعبيرا حقيقيا لرغبة الصحفي و إرادته دون تدخل أو إكراه ، فانتخابات نقابة الصحافيين نموذج للانتخابات الحرة النزيهة و الديمقراطية و هي إحدى مكتسبات نضال الجماعة الصحافية التي تصدت لكل محاولات السلطة للتدخل فيها أو تزويرها أو تفصيلها على مقاس مرشحها . هذه المرة خرجت الدولة من حلبة الصراع ، و لم تدفع بمرشح لها ، بعد أن لقنها الصحافيون عام 2003 درسا في "العفة الصحفية " ، وأبرقوا لها الرسائل التي تفيد أنهم غير قابلين للشراء ، حتى و إن كانوا فقراء فلن يسألون السلطة إلحافا ، و رفضوا "رشوتهم" بالملايين التي حملها إليهم مرشح الدولة على منصب النقيب منذ عامين تقريبا . النظام السياسي المصري اعتاد على إفساد النخب و المؤسسات ، إما بالمناصب و إما بالأموال ، نجح في افساد بعض الصحافيين و أدخلهم "الحظيرة" على رأي وزير الثقافة فاروق حسني ، حتى بات يطلق عليهم تهكما "الحظائريين" ، غير أنه لم يستطع اختراق النقابة أو اخضاعها ، إلا في حالات نادرة ، يجري ضبطها و فضحها و تهميشها إلى أن يأتي يوم الحساب يوم الانتخابات ، فلا تجد ل"العملاء" وجودا .. لا في قوائم المرشحين ، و لا بين الزملاء حال إدلائهم بأصواتهم ، لا يستطيعون بعيونهم المكسورة مواجهة الجماعة الصحافية ، خشية الاحتقار و الازدراء. لقد نجح الصحافييون بمثابرتهم و حملتهم الأخيرة و إلحاحهم على أن تفتح ملفات الفساد في المؤسسات الصحفية القومية ، أن يطردوا "وكلاء" السلطة و النظام من النقابة ، إذ كانت تلك المؤسسات قبل تحريرها بنضال الصحافيين ، معاقل النظام التي تنطلق منها مليشياته و قوات مارينزه لاحتلال النقابة و ترويضها أو على الأقل اجهاض أي تحرك حقيقي و جاد لجمعيتها العمومية ، قد ترى فيه السلطة ، حركة لتقوية الجماعة الصحافية قد تعيق تغول النظام و تعديه على حرية الرأي و الحريات العامة. لا شك إذن في أن انتخابات يوم أمس بنقابة الصحافيين كانت أول انتخابات بعد تحرير النقابة و تحصينها من تدخل النظام في شئونها ، فهي أيا كانت النتائج ، و أيا كان النقيب الجديد ، هي انتصار جديد يضاف إلى سلسلة انتصارات النقابة و جمعيتها العمومية .. و لم يبق لي إلا أن أهتف مبتهجا : عاشت وحدة نقابة الصحافيين .. عاشت وحدة نقابة الصحافيين [email protected]