جاءت أزمة إبعاد النائب العام عن منصبه لتكشف عن الوجه الحقيقى لكثيرٍ من السياسيين الذين يدعون انتماءًا زائفًا للثورة والدفاع عن حقوق الشهداء والمصابين، لكنهم ينكصون على أعقابهم حين تحين ساحة الحساب الحقيقى وفتح ملفات الفساد والتواطؤ بحجة دفاعهم عن استقلال القضاء الذى لم يكن يومًا مستقلاً منذ مذبحة ناصر للقضاة 1969 حتى إفساد مبارك وأجهزة أمنه للقضاء بكافة الطرق الممكنة، كما ظهر مدى الرعب الذى يعيشه رجال أعمال مبارك من قيادات الأحزاب الكرتونية إلى أصحاب فضائيات التشويه وصحف التزوير، فهم يتحسبون لليوم الذى تُفتح فيه ملفات فسادهم واستيلائهم على ممتلكات وأراضى الدولة بثمن بخس، ويبدو أن النائب العام يمثّل أحد أهم الحصون التى يحتمون بها، فقد رأينا هبَّةَ غضب مستغربة حتى نادى د.السيد البدوى بأن يصطف شباب الوفد لحماية النائب العام، وتلك المرة الأولى التى نسمع فيها الرجل يطالب شبابه بشيء!!، ناهيك عن انتفاضة إعلام الفلول الحكومى الرابض فى ماسبيرو مع إعلام وصحف أثرياء النظام البائد. ورغم أن مطلب إقالة النائب العام هو أحد أهم مطالب الثورة على مدى 20شهرًا، فقد خرجت علينا قيادات تحسب نفسها على الثورة (البرادعى – صباحى.. وغيرهم) لتلطم الخدود وتشق الجيوب بكاءً على استقلال القضاء وتغول السلطة التنفيذية عليه غير عابئين بالبراءات الهزلية التى نالها القتلة فى كل أحداث الثورة وآخرها فاجعة عدم إدانة أى متهم بقتل شهداء (موقعة الجمل)، وهم أنفسهم لطالما طالبوا بإقالة النائب العام ورفع مناصروهم هذا الشعار فى كافة مظاهراتهم وفعالياتهم، بينما باركوا وهللوا لتغول محكمة مبارك الدستورية على البرلمان الذى انتخبه 30 مليون مصرى وصفقوا لحله ضاربين عرض الحائط بإرادة المصريين كيدًا فى التيار الإسلامي صاحب الأغلبية الشعبية. بينما أخطأ "الحرية والعدالة" فى الدفع ببعض مناصريه إلى التحرير في جمعة "كشف الحساب" مما أوجد فرصة للبلطجية ودعاة التخريب من شباب اليسار المتطرف لاستفزاز شباب الحرية والعدالة؛ ما أدى لحدوث اشتباكات تم فيها إزالة منصة تيار حمدين الشعبى، ثم حدثت مطاردات انتهت بحرق عدة أوتوبيسات خاصة بالحرية والعدالة ليخرج الجميع متباكيًا على المنصة دون أى ذكر لأوتوبيسات أُحرقت عمدًا بما فيها وربما من فيها والفاعل يفتخر بذلك علنًا فى الإعلام!! إن خلاصة المشهد أن الجميع من فلول الوطني إلى معارضة مبارك الكرتونية إلى يساريين وليبراليين كلهم يصطفون الآن، ليس فقط لمعارضة الرئيس وحكومته وحزبه؛ بل لإفشال كل جهد يبذله فى صالح الوطن، كما يسعون حثيثًا عبر تحالفاتهم لإفشال المسار الديمقراطى عبر تعويق عمل الجمعية التأسيسية وتشويه الدستور قبل أن يصدر بالأساس!! فالحرب الإعلامية مستمرة ليل نهار فى فضائياتهم وصحفهم على يد إعلاميين كانوا على الدوام خدم مبارك المخلصين ولا يخجلون الآن من أن يشوهوا زورًا كل قرار يصدر من مؤسسة الرئاسة. والأنكى أن يخرج علينا أحمد الزند بما له من تاريخ يُندى له الجبين فى معاداة تيار استقلال القضاء وموالاة الحزب البائد ومباركة تزوير الانتخابات علنًا ليرتدى ثوب المدافع عن استقلال القضاء، أما النائب العام القادم من أضابير أمن الدولة والذى تستّر سنوات طوال على التعذيب والفساد والتزوير، فأكد أنه قد فقد حياده تمامًا كما فقد صلاحية استمراره فى منصبه حين أصبح خصمًا سياسيًا للرئيس وحزبه، مؤكدًا أنه لن يبرح منصبه إلا بالاغتيال ملمحًا بأن البعض له تاريخ فى الاغتيالات، فالرجل قد تقمص شخصية رفعت السعيد وأولى به أن يتقاعد وسيجد له متسعًا بجانبه فى أحزاب وفضائيات الفلول. لقد قطع الرئيس مرسى على نفسه وعدًا بالقصاص للشهداء وبتطهير الفساد لذا فإننا نطالبه بأن يستخدم سلطته التشريعية المؤقتة لإصدار قانون يتيح للمجلس الأعلى للقضاء تعيين نائب عام جديد أو يتيح إمكانية المساءلة القانونية للنائب العام والعزل من المنصب عبر لجنة قضائية مختصة من شيوخ القضاة، ولا شك أن نائب الرئيس المستشار مكي والمستشارين القانونيين بمؤسسة الرئاسة يمكنهم أن يعدوا تشريعًا مناسبًا تتبناه وزارة العدل لغلق هذا الملف الحساس. إن الشعب المصرى ينتظر من الرئيس مرسى أن يسير على نهج قرارات 12 أغسطس التاريخية التى أنهت حكم العسكر، بأن ينتقل بنفس المنهج المدروس الحاسم لتطهير حصون الفساد فى القضاء والداخلية، وليطمئن الرئيس بأن الظهير الشعبى له سيتضاعف يومًا تلو الآخر... سيادة الرئيس احسمها وتوكل. [email protected]