يبدو المشهد السياسى المصرى مبشراً بمستقبل واعد للجمهورية المصرية الثانية المستندة إلى إرادة الشعب وشرعية الصناديق، فبعد مرحلة انتقالية طويلة عانت فيها البلاد لعام ونصف من التخبط السياسى والتشرذم الحزبى والمزايدات والافتراءات الإعلامية، وضع الرئيس مرسى مصر على المسار الصحيح بعد أن تخلص بضربة قاصمة من مجلس مبارك العسكرى منهياً ازدواجية السلطة وملقياً بالحكم العسكرى بعد 60 عاماً من الاستبداد إلى غياهب النسيان، ليلتفت لإصلاح هياكل الدولة المصرية التى نخر فيها سوس الفساد والمحسوبية، وبينما تتوالى خطوات الرئيس الموفقة على الصعيد الداخلى وتتزايد أسهمه على الصعيد الخارجى بعد أن تبنى سياسة خارجية تنأى بمصر عن محور التبعية الأمريكية مستعيدة دورها العربى القيادى بالتصدى للنظام المجرم فى دمشق وكشف سوأة داعميه من آيات الله فى عقر دارهم بطهران. فى ذات الوقت يطل علينا فريق من السياسيين والإعلاميين فقدوا البوصلة الوطنية، وأعمتهم ضغائنهم تجاه الرئيس والتيار الإسلامى عن رؤية الواقع التاريخى الجديد لمصر التى يحكمها رئيس مدنى منتخب من خلال مؤسسة رئاسة متنوعة المشارب الفكرية ونائب للرئيس يمثل رمزاً من رموز استقلال القضاء. هذا الفريق المناوئ للرئيس متنوع المذاهب السياسية فمنهم فلول مبارك من إعلاميين ورجال أعمال فاسدين، وبينهم يساريون وناصريون وقوميون يدافعون عما منحهم انقلاب يوليو 52 من مكتسبات سياسية وثقافية زائفة، وبعضهم متغربون موالون للحلف الأمريكى الصهيونى، وأشرسهم علمانيون وطائفيون شديدو العداء للتيار الإسلامى (التيار الثالث)، أما أغربهم فهم إعلاميون وسياسيون محسوبون على الثورة والديمقراطية، بينما هم يكفرون بالثورة ويلعنون الديمقراطية طالما أتت بالإسلاميين إلى سدة السلطة. كان هؤلاء قد أثاروا الكثير من الغبار طوال المرحلة الانتقالية طمعاً فى استمرار الحكم العسكرى خشية من وصول الإسلاميين المؤكد للسلطة عبر إرادة الشعب، وكانت البداية بالاعتراض على خيار الشعب فى الاستفتاء برفع شعار غامض وهمى (الدستور أولاً)، ثم الاعتراض على نتائج انتخابات برلمان2011 والتسفيه من اختيارات الشعب المصرى باعتباره برلمان الزيت والسكر ورفع شعار (الشرعية للميدان لا للبرلمان)، وتواصل الأمر بإسقاط الجمعية التأسيسية الأولى وتطور نحو حلف صريح مع العسكر ضد الاختيار الحر للشعب فى الانتخابات، بتهليلهم لحل البرلمان ثم مباركتهم للإعلان العسكرى غير الدستورى، وهكذا تظهر الوقائع الثابتة أنهم عملوا دائماً على الحط من اختيار الشعب وعرقلة عمل مؤسساته المنتخبة، والأنكى سعيهم الحثيث لإفشال تجربة أول رئيس منتخب فى تاريخ مصر. لذا يمكن للمراقب أن يتفهم حجم الصدمة التى تلقاها هؤلاء السياسيون والإعلاميون الموتورون ليلة 12 أغسطس حين بسط الرئيس سلطته الكاملة على أجهزة الدولة، وما سببه ذلك لهم من غضب وفشل وإحباط أدى لفقدانهم للاتزان السياسى والإعلامى. أما الجديد فهو ما تفتق عنه ذهن عباقرة اليسار والتيار الثالث من هذيان سياسى يطالب بضرورة إجراء انتخابات رئاسية جديدة عقب الاستفتاء على الدستور الجديد، وهى فرية ابتدعها محامى العسكر الناصرى (سامح عاشور) ويتبناها الآن (إبراهيم عيسى)، والمرشح الخاسر (حمدين صباحى) وآخرون يهذون بتلك الأضحوكة ليل نهار ويستغفلون الجماهير بزعمهم أن تلك هى الديمقراطية الحقيقية!! أما عن إبراهيم عيسى فلا حرج عليه، فهو من ابتدع تعبير (الإستبن) وبذل غاية جهده كى يخسر د.مرسى الانتخابات ومن يتابعه الآن يراه يشن هجوماً موتوراً على الرئيس والتيار الإسلامى ما يميط اللثام عن وجه ثورى زائف لا يمانع فى حرق الوطن فى سبيل إسقاط تجربة الإسلاميين فى السلطة. والسؤال للمرشح الخاسر صباحى: هل عندما قدمت برنامجك للشعب طمعا فى انتخابك رئيساً للجمهورية كنت تهدف لقيادة مصر لمدة 4 أشهر أم 4 سنوات؟ وهل من المنطقى أن حوالى 50 مليون مواطن مصرى قد توجهوا لانتخاب رئيس مصر عبر جولتين انتخابيتين كى ينتخبوا رئيساً انتقالياً لعدة أشهر فقط؟ ولو صح ذلك فما جدوى انتخاب الرئيس من الأساس؟ إن صباحى وأمثاله يواصلون السقوط السياسى يوماً بعد يوم ويزداد تهافتهم مع مواصلة الرئيس مرسى لنجاحاته المتعددة، لكن محاولة خداع الشعب ودعوته للدخول فى مهاترات تدعو لانتخابات رئاسية جديدة تبدو حماقة كبيرة فى وقت تتضاعف فيه شعبية الرئيس مرسى يوماً بعد الآخر، وهو ما يذكرنا بالمثل العربى الشهير ((لكل داء دواء يُستطبُ به إلا الحماقة أعيت من يداويها)). [email protected]