لاشك أن المصريين باتوا يتمتعون بحياة سياسية ديمقراطية واعدة برزت كثمرة هامة لثورة 25يناير المجيدة ، و إن من مقتضيات المنافسة على السلطة أن تتشكل التحالفات وتتكتل الأحزاب الصغيرة لتغدو قادرة على خوض المعركة الانتخابية بقوة تكفل لها تمثيلاً واسعاً فى البرلمان والمحليات و تأثيراً فى انتخابات الرئاسة2016 ، وها نحن نرى تكتلات انتخابية تتشكل وقوى علمانية تتحالف بصورة متزايدة وكلها تعلن أنها تمتلك الأغلبية الحقيقية فى الشارع المصرى ، وأنها ستتمكن من سحق الحرية والعدالة والأحزاب الإسلامية فى البرلمان القادم ، فقد برز تحالف (الجبهة الوطنية المصرية)(البرادعى – صباحى) وبه أحزاب (التيار الثالث- التيار الشعبى – الدستور) ، وتشكل (تحالف الأمة المصرية) بين أحزاب أهمها ( الوفد-المؤتمر المصرى) وشخصيات مثل (عمرو موسى – السيد البدوى-أسامة الغزالى-يحيى الجمل)، والسؤال: هل تلك التحالفات مؤهلة للاستمرار والنجاح فى منازلة التيار الإسلامى ، وهل الأهداف الوطنية التى تدعيها تتفق مع مواقفها السياسية المعروفة فى الماضى والحاضر؟ 1- من الواضح أن هذه التحالفات لا هدف لها سوى التكتل ضد الإسلاميين والعداء للرئيس د.مرسى ، وهذا يظهر بوضوح فى تصريحاتهم الإعلامية التى تملأ الفضائيات ليل نهار مسفهة لخطوات الرئيس المتوالية الرائعة التى تفاجئهم يوماً تلو الآخر ، بخلاف عدائهم المقيت الدائم لكل ما يصدر عن الإخوان والتيار الإسلامى متبنين شعار زعيم يهود خيبر (حُيى بن أخطب) (عداوته ما حييت) فهى تحالفات ضرار تبتغى الهدم لا البناء وتنشأ على الاتفاق على عدو وهمى بدلاً من تقديم برنامج حقيقى للنهوض بالوطن. 2-تجمع هذه التحالفات بين اليسار واليمين وبين الفلول و بعض الثوريين ، فبداخلها الكثير من الرؤى المتضاربة والأجندات المتضادة فكيف يجتمع د.البرادعى ممثل الليبرالية المصرية ورجل القانون الدولى مع صباحى رجل الاشتراكية الناصرى التابع المخلص للقذافى ولصدام حسين والذى لا تستحى كوادر حزبه من الدفاع عن السفاح بشار ونظامه المجرم؟ وكيف يجتمع الثوار والفلول فى تحالفات تنشد البقاء؟ لذا فإن تلك التحالفات قد ولدت وهى تحمل عناصر التدمير الذاتى فما بداخلها من عوامل النجاح والاستمرار أقل بكثير من عوامل الفشل والانهيار. 3-يبدو تحالف الأمة المصرية معبراً بحق عن اجتماع الفلول من كوادر النظام وحزبه المنحل مع رجال المعارضة الكرتونية (السيد البدوى- الغزالى حرب –يحيى الجمل) لذا يغدو تمسحهم فى أهداف الثورة ومحاربة الاستبداد والفاشية أمر هزلى يثير السخرية!! ففلول الوطنى وإعلاميو صفوت الشريف مدعومون برجال الأعمال المنتفعين من النظام البائد مع المعارضة المزيفة وسدنة الاستبداد الذين طالما سبحوا بحمد مبارك ثم أفنوا جهدهم فى خدمة المجلس العسكرى ، يأتى هؤلاء بعد 60عاماً نهبوا فيها مقدرات الوطن وزيفوا إرادة الشعب و ضللوه (وما زالوا) عبرإعلامهم المدلس بل يزعمون النضال لمصلحة الوطن ويطلبون دعم الشعب ضد تيار الأغلبية، لكن أملهم محض سراب و سيصعب عليهم خداع المصريين مهما ارتدوا من أقنعة ثورية زائفة. 4-جاءت الخطوات الأولى لتحالف (البرادعى –صباحى) غاية فى النزق ، فهم يستهدفون إفشال الجمعية التأسيسية للدستور عبر دعوتهم لأعضائها من القوى غير الإسلامية للانسحاب فوراً محملين الرئيس مرسى المسئولية عن إحداث التوازن المزعوم فى تشكيلها، متجاهلين الجهد الكبير الذى يبذله أعضاء الجمعية بقيادة القاضى الجليل الغريانى، ومتغاضين عن شهادات العديد من غير الإسلاميين عن العمل الممتاز الذى تؤديه ، ومتناسين أنها انبثقت عن أول برلمان منتخب بنزاهة منذ انقلاب يوليو52، فالهدف هوإرباك المسار الانتقالى وإفشال الرئيس المنتخب بأى وسيلة بعد أن صعقهم بتخلصه من العسكر وإعلانهم الدستورى بعد6أسابيع فقط من توليه الحكم ، والوسية هى استمرار الحرب الإعلامية لتشويه الرئيس والتيار الإسلامى والجمعية التأسيسية ،فأين مصلحة الوطن فى افتعال الأزمات والدعوة لتعطيل المسار الديمقراطى؟ لذا ندعوهم لحل ناجع وهو إجراء انتخابات شعبية مباشرة لأعضاء التأسيسية ولنرى من التيار الذى ستكون له الغلبة؟ شرط أن يسلموا بالنتائج دون ولولة أو اتهامات ساذجة للشعب بالدروشة والاستغفال. ختاماً.. فإن مصر بحاجة لتحالفات سياسية حقيقية مبنية على رؤى متقاربة وبرامج عملية للنهوض بالوطن ، لكن التحالفات التى تقوم على الكيد لتيار الأغلبية والسعى لإفشال الرئيس و المؤسسات المنتخبة ضاربة عرض الحائط بالمصلحة الوطنية هى فى حقيقتها تحالفات ضرار لاتبتغى إلا مطامعها الضيقة ، وستصل قريباً لنهايتها الطبيعية وهى التفتت بعد أن تُمنى بالفشل الشعبى المحتوم.( زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سيقتلُ مِرْبَعًا أبشر بطول سَلامةٍ يا مِرْبَع). [email protected]