عندما رأيت الفاول العبيط الذي ارتكبه عمرو زكي مع لاعب كاميروني في منطقة المرمى المصري في الدقيقة الأخيرة من الوقت المحتسب بدل الضائع، ليحتسبه الحكم ضربة جزاء، قلت.. ربما تعاطف زكي مع هذا الجمهور الغفير ومع الكرة الكاميرونية وأرادها أن تنام ليلة سعيدة بصعود فريقها على حساب كوت ديفوار، فالكرة لم تكن من الخطورة بحيث يضطر معها الى هذا الفاول، وكان هناك لاعبان مصريان مواجهان للاعب الكاميروني لو أمكنه السيطرة على كرته! قلت أيضا.. ربما أراد عمرو زكي أن يذكره التاريخ بأنه الذي أوصل الكاميرون لنهائيات كأس العالم بدلا من أن يكون هو الهداف الذي يتسبب في صعود منتخب بلاده الذي رق حاله فأصبح مجرد ورقة لعب مربحة لأسود أو أفيال مجموعتنا! عموما تعلقت كل قلوب الكاميرونيين والايفواريين بضربة الجزاء التي كانت كفيلة بصعود الأسود، لكن اللاعب الكاميروني الذي سددها أصيب بالخضة فلم يتصور أن نبضات قلوب الملايين ودعواتهم تتعلق بتسديدة من قدمه، ونظر أمامه فاذا في المرمى المصري ديناصور ضخم وليس أسدا أو فيلا!.. بالفعل.. كان الحارس المصري العملاق عصام الحضري قادرا على بث الخوف في قلوب أبناء الكاميرون، والأمل في قلوب أبناء كوت ديفوار، وهو ما كان بالفعل، فقد أضاع اللاعب الكاميروني أسهل الفرص التي تسجل بنسبة 99%، ليكون هو السبب الرئيسي في تلاشي فرصة صعود الكاميرون للمرة السادسة على التوالي! في تقديري أن ثقة غير طبيعية جعلت الأسود يفقدون صعودا كان في متناول أقدامهم، لقد دخلوا المباراة وهم واثقون من الفوز كأنهم يلاعبون فريق جزر القمر، وليس أحد زعماء الكرة الأفريقية بالرغم من أنه يعيش ظروفا صعبة وعدم استقرار.. فكما يقولون الكبير كبير.. وهذا ما أثبته المنتخب المصري خلال الشوط الثاني فقط فقد كان كعبه عاليا كالعادة على نظيره الكاميروني، حتى في ضربة الجزاء الضائعة! في تقرير بثته هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" ليلة المباراة أكد عدد من كبار لاعبي الكاميرون قدرتهم على الوصول بمنتخبهم إلى الاولمبياد عبر البوابة المصرية، مستهينين بها بكل غرور! وزاد الغرور عندما أحرزوا هدفهم في الشوط الأول الذي سيطروا عليه بسبب التشكيل الخاطئ لحسن شحاته الذي يحتاج إلى قراءة صحيحة للاعبينا المحترفين في الخارج، فليس معقولا أن يكون حسام غالي السيئ جدا في التشكيل الأساسي لمجرد أنه يلعب في هولندا! حسام غالي منذ احترافه في هولندا لم يؤد أية مباراة جيدة مع المنتخب، وأعتقد أن هذه هي المباراة الثالثة التي لعبها مع المنتخب، منها اثنتان على يد شحاتة، ومستوى أدائه في تلك المباريات جميعا لا يزيد عن صفر كبير! هناك على المستوى المحلي لاعبون أفضل كثيرا من المستوى الحالي لغالي، فلماذا لم يعطهم شحاتة الفرصة في مباراة كبيرة وهامة وتلعب تحت ضغط مثل مباراة الأمس؟! حتى حسني عبد ربه لم يعد مستواه كما كان عليه في الاسماعيلي قبل فترة وجيزة، فقد أصبح يتحرك بصعوبة وافتقد مميزات اللياقة والتسديد التي كان مشهورا بها، بما يعني ان مصر على العكس من كل الدول الأفريقية تخسر كثيرا من احتراف لاعبيها في الخارج، أما لأنهم لا يلعبون مع أنديتهم لوجود لاعبين أساسيين أفضل منهم، أو لأنهم يتعالون على فانلة وطنهم فلا يبذلون مجهودا يذكر، أو يتهربون بمبررات مختلفة مثل اللاعب الدلوعة أحمد حسام "ميدو" الذي لم يلعب سوى مبارتين فقط وغير كاملتين في هذه التصفيات، مدعيا الاصابة أو المرض! ويجب على المسئولين عن اتحاد الجبلاية أن يوجهوا إليه انذارا حاسما، فإما أن يكون الوطن عنده فوق كل اعتبار، أو نقول له بكل حزم: "الوطن أكبر منك وأكبر من كل ابن عاق"!.. وفي اعتقادي أن هناك من هو أفضل من احمد حسام الذي يضيع أهدافا لا تضيع فيضحك بدم بارد!.. قارنوا بينه وبين اللاعب الفذ الأسطورة حسام حسن الذي لا ينطفئ حماسه طوال المباراة.. احسبوا مسافة الجري التي يجريها كل منهما خلال المباراة، ستجدون أن الكهل الأربعيني حسن يجري أكثر مما يجريه الشاب الصغير أحمد حسام! لا أكتب ذلك لكي اشجع النزعة التي ظهرت مؤخرا لدى سمير زاهر باستدعاء حسام حسن، بدعوى أنه يمكنه تكرار اسطورة العجوز الكاميروني روجيه ميلا مع منتخب بلاده، فالأمور الكروية تغيرت كثيرا، واللياقة البدنية التي تعتمد على لاعبين صغار السن هي التي تقود الفرق للفوز وليست المهارات والخبرات فقط. تغييرات شحاتة في الشوط الثاني كانت جيدة وتعكس قدرته على قيادة المباريات الحاسمة وادارتها جيدا، وليتهم يعطونه الفرصة كاملة ويتركونه لادارة معركة يناير القادم في البطولة الأفريقية، فقد يدخل إلى قائمة مدربينا العظام التي لا يوجد فيها حتى الآن سوى الجنرال الجوهري، مدرب آخر هو حسن شحاتة لو أراد الله وفاز بتلك البطولة! لكننا نطالبه بدورنا بالجرأة وتغييب أسماء كبيرة مثل أحمد حسام لا تملك الحماس اللازم، والاعتماد على قماشة من اللاعبين المحليين فقد ثبت لنا بالتجربة وعبر سنوات طويلة أن محترفينا في الخارج - على قلتهم - لم يفيدوا منتخب بلادهم، فيما عدا المخضرم هاني رمزي! محمد شوقي محظوظ مع الكاميرون، فقد سجل في المباراة الأولى في القاهرة، وسجل هدف التعادل في الكاميرون، وهذا الهدف سيظل محفورا في ذاكرتهم طويلا لأنه أحرق أمنياتهم، وسكب دموعهم، وحول ليلة أمس في كل الكاميرون إلى ليلة شديدة الحزن والسواد، لكن والحق يقال، هذا اللاعب المحوري، في طريقه لأن يصبح أحد النجوم الساطعة في الكرة الأفريقية، مجهود خرافي، وحركة لا تهدأ وحماس وحب لمنتخب الوطن، رغم أنه لا ينال من الأضواء تلك التي تسلط على آخرين، كل اسهاماتهم في النهاية لا تخرج عن الدوري المحلي! أما محمد زيدان فقد جاء تغييره نقطة تحول في المباراة لصالح فريقنا، امكانياته في الحركة بدون كرة ونقل الهجمة المعاكسة تضع له مكانا أساسيا في التشكيل. ويبقى عماد متعب مثيرا للتساؤل، فقد أدى مباراة سيئة مع أنه أفضل الهدافين المصريين في الوقت الحالي ووجهة نظري أنه أفضل من احمد حسام بمراحل، لكنه يحتاج لتقويم نفسي يبعده عن السهر، ويخفف من أثر النجومية المبكرة التي جعلته يضرب ضابطا يؤدي واجبه، وهذه مسئولية إدارة الأهلي.. نحن لا نطلب ذبحه ولكن تقويمه فهو كما قلت مسبقا ثروة قومية ينبغي الحفاظ عليها. [email protected]