قال عمرو نجل المشير عبد الحكيم عامر، القائد العام للقوات المسلحة المصرية الراحل، إن والده كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، التي تعرضت للتعذيب في سجون نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر المنتمي إليه. ومع ذلك نفى أن يكون مطالبته الآن بفتح التحقيق في قضية وفاة والده مرتبطا بوصول جماعة الإخوان إلى الحكم، واكد ن أسرته طالبت السلطات في عهد الرئيس السابق حسني مبارك مرارا بفتح القضية ولكن لم يتم التجاوب معها. وأضاف أنه سيظل وباقي أفراد أسرة المشير يناضلون لإثبات أن والده قتل ولم ينتحر، حتى لو اضطروا للجوء للتحكيم الدولي. ونفى نجل المشير ما يتردد عن أن ما حدث لوالده هو انتقام إلهي بسبب مسئوليته عن تعذيب الإخوان في السجون الحربية، قائلا: "والدي كان عضوا في جماعة الإخوان.. واسألوا الإخوان عنه، فهم يعرفون أنه كان يحاول التقليل من قسوة السلطة عليهم". وحمَّل نجل المشير، الرئيس عبد الناصر، الذي حكم في الفترة من 1954- 1970، مسئولية "قتل" والده بعد اقتياده من منزله في 13 سبتمبر/أيلول 1967، وقال: "عبد الناصر غدر بوالدي لأنه لم يكن رجل سياسة مثلما كان قائدا عسكريا يفهم في أمور الحرب" . ووصف التقرير الرسمي في الستينات من القرن الماضي عن انتحار والده ب "الساذج" ، مشيرا إلى أن أي طفل صغير يستطيع اكتشاف "فبركته"، أي تزويره، مضيفا أن: "الذين يعرفون شجاعة والدي ورجولته يعلمون جيدا أنه لا يمكن أن ينتحر". وعن الهدف من إثارتهم لقضية مقتل المشير في هذا التوقيت، قال عمرو فى حوار مع وكالة الاناضول إن الأمر ليست له علاقة بمحاولة استغلال العلاقة المتوترة التي كانت بين الإخوان وعبد الناصر، كما يحاول البعض أن يصور، لافتا إلى أن القضية تم إثارتها من قبل، ولكن النائب العام اتخذ فيها قرار مؤخرا لتحويلها برمتها للقضاء العسكري. وردا على سؤال حول إمكانية أن يقوم "الإخوان" عبر نظام حكم الرئيس مرسي بالعمل على إصدار حكم يؤكد مقتل المشير عبد الحكيم عامر وليس انتحاره، قال: "وما دخلهم بالقضاء العسكري.. لو كانت هناك نية للتدخل لكان القرار صدر من النائب العام، ولم يتخذ القرار الغريب بتحويل القضية للقضاء العسكري". وأعلن نجل المشير عن وجود شهود جدد تم ضمهم للقضية التي تتكون ملفاتها من أربعة آلاف صفحة، معتبرا أن: "هؤلاء الشهود مع الأدلة الأخرى بمثابة مفاجآت ستعيد كتابة تاريخ مصر". ورفض عمرو تحميل والده مسئولية هزيمة مصر في معركة يونيو/حزيران، مؤكدا أن هناك ثلاث أسئلة تقود الإجابة عليها إلى تحميل عبد الناصر كامل المسئولية عنها. وقال إن السؤال الأول هو: "لماذا حاربنا؟ والثاني: هل كان الجيش مستعدا أم لا ؟ والثالث: من الذي أمر بصرف قوات الطوارىء الدولية من سيناء قبل الحرب؟". وعن السؤال الأول أجاب بأن الحرب قامت "لأن عبد الناصر استعدى إسرائيل بإغلاق خليج العقبة، وهو شريان الحياة بالنسبة لها.. أما عن الثاني فجيشنا لم يكن مستعدا لأن نصفه كان باليمن، والنصف الآخر أنهك هناك، والجميع يعلم أن أول بدايات الخلاف بين المشير وعبد الناصر كانت عندما طلب منه المشير الانسحاب من اليمن، والسؤال الثالث إجابته معلومة، فعبد الناصر هو من أمر بصرف هذه القوات لتصبح سيناء بعدها منطقة مكشوفة". واستطرد نجل المشير: "والدي حاول مواجهة الخطر الذي وضعنا فيه الرئيس بأن طلب تنفيذ ضربة جوية وقائية أطلق عليها لقب "فهد"، ولكن عبد الناصر هو من ألغاها قبل تنفيذها بأربع ساعات بعد مكالمة هاتفية جرت بينه وبين السفير الروسي، الذي أخبره ان روسيا لن تقف معه إذا بدأ هو بالهجوم". وأضاف: "كان الخيار الذي وضعنا فيه عبد الناصر هو الانتظار حتى نتلقى نحن الضربة الأولى من إسرائيل، وهي الضربة التي كان يتوقعها المشير والفريق صدقي محمود الذي قال للرئيس وقتها إننا لن نستطيع تحملها ". ويؤكد نجل المشير أن كل هذه المعلومات قالها الفريقان صدقي محمود وأنور القاضي في محاكمات قادة الجيش بعد الهزيمة، لكن التاريخ كان يكتب – حسب قوله - على المقاهي ومن طرف واحد فقط. وقال : "آن الأوان أن يفرج الجيش عن وثائقه المحبوسة لإعادة كتابة تاريخ مصر .. ونحن سنقبل بما في هذه الوثائق إن كان معنا أو ضدنا". وأبدى نجل المشير في السياق ذاته، حزنه من الشائعات التي طالت والده مثل علاقاته النسائية وسهره مع الفنانات ليله هزيمة يونيو، مشيرا إلى أن هذه الشائعات "تدخل في إطار لعبة السياسة القذرة ، والتي تنص على أنك إذا أردت أن تحرق شخص فشوه سمعته وتاريخه". "إذا كان والدي كذلك، فلماذا لم يحاكم والدي عسكريا كما طلب هو بنفسه من عبد الناصر، ولو كانت هناك أدلة على ذلك فليتم تقديمها للمحكمة"، بحسب عمرو. وتعجب في السياق ذاته، من القول بأن عبد الناصر لم يكن يعرف بزواجه من والدته الممثلة المعتزلة الراحلة برلنتي عبد الحميد، وأضاف ساخرا: "هل هذا كلام يعقل، عبد الناصر كان يملك أجهزة مخابرات قوية، ألم تقل له هذه الأجهزة أن نائبة متزوج". ونفى ما يشاع عن أن زواج المشير بوالدته لم يكن في البداية زواجا شرعيا، وقال بحزم: "الذين يعرفون المشير، يعرفون كيف يكون زواجه". واستطرد: "المشير رجل ينتمي للصعيد بتقاليده وعادته، بدليل أن والدتي اعتزلت عقب زواجها به مباشرة ". وأعتبر نجل المشير انتصار مصر في أكتوبر/تشرين الأول 1973 على إسرائيل دليل تبرئة لساحة والده من المسئولية عن الهزيمة: "والدي هو من بنى الجيش الذي انتصر في حرب أكتوبر 1973، وهو من بنى الجيش الذي حارب ثلاث دول في العدوان الثلاثي عام 1956". وأضاف: "تكريم الرئيس مرسي لمؤسس سلاح الصاعقة جلال هريدي هو تكريم لوالدي ووسام يضاف لأوسمته، لأن هريدي كان اليد اليمنى للمشير، فإذا كان المشير سيئا كما يحاولون أن يصوره، لم يكن ليقرب منه شخصية مثل هذا الرجل". وأوضح أن أسرة عامر حريصة على إثبات مقتله لسببين، أولهما معنويا لإعادة حق والده، وكذلك لإعادة كتابة تاريخ مصر. وأضاف: "ما يعرفه الجمع أن والدي انتحر بسبب الفشل والهزيمة، وهذا يختلف عن القول أنه قتل؛ لأن القتل خلفه دوافع نريد أن نعرفها " . ويتمنى نجل المشير أن يحدث ذلك قريبا وفي مصر بدلا من أن يضطر للجوء للتحكيم الدولي، قائلا والدموع تترقرق في عينيه: "هذا حق والدي، ولن أتركه؛ فأسرته تريد أن تأخذ عزاءه، ولكننا لن نفعل ذلك إلا عندما نحصل على حقه".