فى مثل هذا اليوم عام 1985، وأثناء قيام المجند سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس بركة بجنوب سيناء، فوجئ بمجموعة من السياح الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة التى تقع عليها نقطة حراسته يحاولون تسلق الهضبة التى تقع عليها نقطة حراسته، فحاول منعهم، وخاطبهم بالإنجليزية بأن هذه منطقة ممنوع العبور منها، لكنهم لم يأبهوا بما قال وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التى يوجد بها أجهزة وأسلحة خاصة فأطلق عليهم الرصاص، كانت المجموعة تضم 12 شخصًا مات منهم سبعة فى الحال. سلم سليمان خاطر نفسه بعد الحادث، و صدر قرار جمهوري بموجب قانون الطوارئ، بتحويل الشاب إلى محاكمة عسكرية، فطعن محامى سليمان فى القرار الجمهورى وطلب محاكمته أمام قاضيه الطبيعى، وتم رفض الطعن. تمت محاكمته عسكريًا، وفى خلال التحقيقات معه قال سليمان إن أولئك الإسرائيليين قد تسللوا إلى داخل الحدود المصرية من غير سابق ترخيص، وأنهم رفضوا الاستجابة للتحذيرات بإطلاق النار. وصفته الصحف الموالية للنظام بالمجنون، وقادت صحف المعارضة حملة من أجل تحويله إلى محكمة الجنايات بدلاً من المحكمة العسكرية، وأقيمت مؤتمرات وندوات وقدمت بيانات والتماسات إلى رئيس الجمهورية ولكن لم يتم الاستجابة لها. قال التقرير النفسى الذى صدر بعد فحص سليمان بعد الحادث أن سليمان "مختل عقليًا!!" والسبب أن "الظلام كان يحول مخاوفه إلى أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش فى فزع، وكان الظلام يجعله يتصور أن الأشباح تعيش فى قاع الترعة وأنها تخبط الماء بقوة فى الليل وهى فى طريقها إليه". بناءً على رأى أطباء وضباط وقضاة الحكومة، عوقب سليمان لأنهم أثبتوا أن الأشباح التى تخيفه فى الظلام اسمها صهيونية. وصدر الحكم على سليمان فى 28 ديسمبر 1985 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عامًا، وتم ترحيله إلى السجن الحربي، ومنه إلى مستشفى السجن بدعوى معالجته من البلهارسيا، وهناك وفى اليوم التاسع لحبسه، وتحديدًا فى 7 يناير 1986أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف خبر انتحار الجندى سليمان خاطر فى ظروف غامضة!!. يحكى سليمان خاطر ما حدث يوم 5 أكتوبر 1985، من خلال أقواله في محضر التحقيق فيقول: "كنت على نقطة مرتفعة من الأرض، وأنا ماسك الخدمة ومعى السلاح شفت مجموعة من الأجانب ستات وعيال وتقريبًا راجل وكانوا طالعين لابسين مايوهات منها بكينى ومنها عرى، فقلت لهم "ستوب نوباسينج" بالإنجليزية.. ماوقفوش خالص وعدوا الكشك، وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش حد يشوفها والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصريًا أو أجنبيًا.. دى منطقة ممنوعة وممنوع أى حد يتواجد فيها، وده أمر وإلا يبقى خلاص نسيب الحدود فاضية، وكل إللي تورينا جسمها نعديها.. (فى إشارة منه إلى حادثة كانت ما زالت حديثة حين استطاعت امرأة صهيونية أن تتحايل بالعرى على أحد الجنود فى سيناء، وتحصل منه على تردد أجهزة الإشارة الخاصة بالأمن المركزى هناك بعد أن أدخلها الشاليه المخصص للوحدة). فى رسالة من السجن كتب أنه عندما سأله أحد السجناء "بتفكر فى إيه"؟ قال "أفكر فى مصر أمى، أتصور أنها امرأة طيبة مثل أمى تتعب وتعمل مثلها، وأقولها يا أمي أنا واحد من أبنائك المخلصين.. من ترابك .. ودمى من نيلك.. وحين أبكى أتصورها تجلس بجانبى مثل أمي فى البيت في كل إجازة تأخذ رأسي فى صدرها الحنون، وتقول: لا تبكي يا سليمان، أنت فعلت كل ما كنت أنتظره منك يا بني". فى المحكمة قال سليمان خاطر: "أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه.. إنه قضاء الله وقدره، لكننى أخشى أن يكون للحكم الذى سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم".. عندما صدر الحكم بحبسه 25 عامًا من الأشغال الشاقة المؤبدة قال: "إن هذا الحكم، هو حكم ضد مصر، لأنى جندي مصري أدى واجبه".. ثم التفت إلى الجنود الذين يحرسونه قائلاً: "روحوا واحرسوا سينا.. سليمان مش عايز حراسة". قال تقرير الطب الشرعي إنه انتحر، وقال أخوه لقد ربيت أخى جيدًا وأعرف مدي إيمانه وتدينه، إنه لا يمكن أن يكون قد شنق نفسه لقد قتلوه فى سجنه.. وقالت الصحف الحكومية انتحار سليمان خاطر بأن شنق نفسه على نافذة ترتفع عن الأرض بثلاثة أمتار.. ويقول من شاهدوا الجثة أن الانتحار ليس هو الاحتمال الوحيد، وأن الجثة كان بها آثار خنق بآلة تشبه السلك الرفيع على الرقبة، وكدمات على الساق تشبه آثار جرجرة أو ضرب.