انتقد محامي المؤسسات والهيئات الحكومية رفض الجمعية التأسيسية لوضع الدستور تلبية مطالبهم وإدراجها في الدستور الجديد بالنص على استقلاليتهم من خلال إنشاء هيئة قضائية خاصة بهم يضمن لهم الاستقلال المالي والإداري بعيدا عن سيطرة رؤساء هذه المؤسسات عليهم، وفي المقابل برر أعضاء "التأسيسية" موقفهم بأنه لو استجابت الجمعية لكل صاح مطلب لتحول إلى قانون وليس دستور، مؤكدين على إيصال صوتهم للمشرع لتلبية مطالبهم. وأكد محمود فهمي، المحامي بجامعة القاهرة، ل "المصريون" أن نصف نجاح ثورة 25 يناير قد تم من خلال إزاحة النظام القديم المستبد، والنصف الثاني لن يتحقق إلا بالحفاظ على المال العام، وهو ما يتم من خلال تحقيق الاستقلالية لمحامي الهيئات الحكومية. وتساءل فهمي كيف يمكنني أن أكشف قضية فساد أو إهدار مال عام وأنا من الناحية الإدارية والمالية اتبع رؤساء الهيئات العامة وأتحرك حسب أهوائهم، فمن المفترض أن أتقاضى أجري من هيئة مستقلة وهي التي نطالب بإنشائها من أجل المصلحة العامة، على أن يرأس القانونيين رجل قانون وليس رؤساء الهيئات الحكومية للوصول إلى الهدف المنشود. وعلق على مناداة البعض بإنشاء هيئة خاصة بمحامي المنشآت الحكومية، بدلا من هيئة قضايا الدولة العليا التي سوف يتم إلغائها، بأنها مسألة تنظيمة بحتة ولا تخدم المصلحة العامة، مشددا على أن مطالبهم تهدف إلى الاستقلالية التي تحققت لهيئة قضايا الدولة في أي شكل ممكن. وأوضح أن المحامين أصروا على نص الدستور على تحقيق مطالبهم لأنهم يثقوا في الجمعية التأسيسية الحالية وألا يخضع النص على استقلاليتهم في القوانين، لأنهم لا يعلموا كيف سيكون مجلس الشعب القادم ، والذي من الممكن أن يسيطر عليه الفلول وبالتالي استحالة تحقيق الاستقلالية لهم. بينما قال عبد اللطيف رضوان، المحامي بجامعة القاهرة، أنه على الرغم من دور محامي الإدارات القانونية في الهيئات والمؤسسات العامة في الحفاظ على المال العام داخل هذه المؤسسات والدفاع عنه أمام المحاكم والحفاظ على الشرعية القانونية بداخلها، كما أقرت مضبطة مجلس الشعب عام 1973 بدورهم هذا الذي يعتبر من جنس أعمال الهيئات القضائية مثل هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، مؤكدا أنه منذ ذلك التاريخ وهمحامي الهيئات القضائية سلكوا كل الطرق القانونية للتعبير عن مطالبهم بالاستقلال المالي والإداري ومنحهم الضمانات القانونية اللازمة لحمايتهم حتى يتمكنوا من ممارسة عملهم داخل هيئاتهم ومؤسساتهم المختلفة إلا أنها باءت بالفشل والتي كان أخرها بتاريخ 2/9/2012 . وأضاف أنه في 2/9/2012 التقى محامي الإدارات القانونية بأعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور عارضين عليهم مطالبهم ومقترحاتهم وتوضيح طبيعة عملهم التي توازي دور هيئة قضايا الدولة في الدفاع عن الوزارات فقط بل أن محامي الإدارات القانونية يمارسون أعمالا قضائية من جنس أعمالها، فضلا عن قيامه بإجراء التحقيقات وإصدار الفتاوى داخل الهيئة التابع لها. وأوضح انه لو اكتشف أحد محامي الهيئات الحكومية جريمة إهدار للمال العام لا يستطيع أن يحيلها إلى الجهات الرقابة أو أن يتصدى لها وإيقافها إلا بعد موافقة رئيس الهيئة وما أكثر الوقائع التي يحملها محامي الإدارات القانونية ولكن لا يستطيعوا مواجتهتها. وأكد أن محامي الإدارات القانونية لا يستطيعوا رفع الظلم عن العاملين بهذه المؤسسات دون اللجوء إلى القضاء خاصة أن مصروفات التقاضي تتكبدها الهيئة الحكومية من طعون أو اجراءات تنفيذ للأحكام وغيرها من نفقات لا مجال لسدادها. وبين أن أهم ما في الأمر مناداة البعض بتطهير مؤسسات الدولة خاصة بعد ثورة 25 يناير ومواجهة الفساد المستشري بها وهذا لن يحدث إلا بمعرفة محامي الإدارات القانونية، وهو الأقدر في هذا المجال لكونة مطلع على كافة الوقائع التي تعاني فسادا أو إهدارا للمال العام ولكن عدم منحهم الاستقلالية يعوق ذلك، مضيفا :"وهو ما يجعل البعض يظنون أننا شركاء في هذا الفساد، وهو ما لا أساس له من الصحة"، موضحا أنهم لا يستطيعون مواجهة قياداتهم وهم يتقاضون مراتباتهم منهم ويخضعون لهم إداريا ، مشددا على أنهم ليسوا أصحاب مطالب فئوية ولا يرغبون في وجاهة اجتماعية ولكنهم يرغبون في مواجهة الفساد والمساهمة في إعادة بناء البلاد. وفي المقابل، أوضح عمرو عبد الهادي، مقرر لجنة الحوارات بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور، أن كل هيئة في الدولة تريد هيئة مستقلة تمثلها، مؤكدا أن الدستور ليس غنيمة يحصل منها كل شخص على ما يريد، مبينا أن محامي الهيئات الحكومية كانوا يريدون انشاء هيئة خاصة بهم بدلا من هيئة قضايا الدولة بعد إلغاءها، وهو ما يشكل عبء على الدولة، التي أرادوا التخفيف عنها من خلال إلغاء الهيئة السابق ذكرها. وقال عبد الهادي، ل "المصريون" من وجهة نظري الخاصة أنا مقتنع تماما بأنهم من حقهم ألا يكونوا تابعين لرؤساء مجالس الإدارات التابعين لها ولكن لن يتم التعبير عن ذلك في نص الدستور ولكن من خلال القوانين، موضحا أن الجمعية التأسيسية لو خضعت لمطالب الجميع لن يكون عندنا دستور بل قانون بكل تفريعاته وتفصيلاته الدقيقة. وبين أنهم بالفعل يعانون عدم الاستقلالية من خلال أن أمورهم كلها تابعة لرؤساء الهيئات الحكومية إلا من الجانب العقابي فهم يتبعون وزير العدل، مقترحا السعي لنقل تبعيتهم إلى الجهاز المركزي للمحاسبات، وإيصال صوتهم إلى المشرع القادم لإقرار أحقيتهم في الاستقلالية الكاملة. وعن مخاوفهم من سيطرة الفلول على مجلس الشعب القادم، قال عبد الهادي، نثق في الشعب المصري الذي سوف يظل وراء حقوقه حتى ينالها كاملة ولن يتنازل عنها ولن يسمح بعودة الاستبداد مرة أخرى.