من كان اللاعبون الكبار فى انتخابات الرئاسة فى مصر عام 2012 ؟!، كانوا كالتالى: عمرو موسى، أحمد شفيق، عبد المنعم أبو الفتوح، حمدين صباحى، والإخوان (خيرت الشاطر ثم محمد مرسى)، وأخيرًا حازم أبو إسماعيل (المستبعد ظلمًا وعدوانًا)، طيب، ما هى التكتلات الحزبية الكبرى الآن؟!، هى بالضبط المتمحورة حول هؤلاء الأقطاب الذين رشحوا أنفسهم للرئاسة!!، بلا استثناء واحد!!، وهى كالتالى: حزب المؤتمر (عمرو موسى)، حزب الحركة الوطنية (أحمد شفيق)، التيار الشعبى (حمدين صباحى)، حزب مصر القوية (عبد المنعم أبو الفتوح)، وأخيرًا حزب الأمة (حازم أبو إسماعيل)!!. من هنا نستنتج ببساطة أننا لن نحصل على حياة سياسية حزبية سليمة فى المستقبل المنظور!!، فالحزب بتعريفه التقليدى وهو مجموعة من الناس تجتمع على آراء وبرامج مشتركة هو أمر مفقود فى حياتنا السياسية منذ ثورة 1952، وإنما تعريف الحياة الحزبية المصرية حاليًا هو مجموعة من الناس تتحلق حول زعيم مرشح للرئاسة، وتتبنى أفكاره، وتدخل الانتخابات ليعكس وجودها فى المجالس المنتخبة الوزن السياسى لهذا الزعيم!!، فهم إذًا من الناحية السياسية (صبيان المعلم)، وبرنامج الحزب هو أفكار وتصورات المعلم – مهما شقشقوا فى أوراق ادعوا أنها برنامج الحزب- والصراع الانتخابى فى مجلس الشعب لن يكون بهذه الترتيبة الحالية إلا صراع بين (المعلمين) فى جبهة أخرى. بدأت التجربة الحزبية الأولى فى مصر عام 1907 بنشأة ثلاثة أحزاب تختلف سياسيًا واجتماعيًا بوضوح، فالحزب الوطنى بزعامة مصطفى كامل كان يدعو إلى الاستقلال الفورى عن بريطانيا، مع بقاء روابط بالدولة العثمانية وتقييد سلطات الحاكم، وكان له إنحياز واضح للطبقة الوسطى، وحزب (الإصلاح على المبادئ الدستورية) برئاسة الشيخ على يوسف كان يدعو إلى موالاة الخديو وتأجيل الاستقلال، و(حزب الأمة) وسكرتيره العام أحمد لطفى السيد، كان ممثلًا للطبقة الثرية، وكان يدعو إلى الاستقلال تدريجيًا (النهضة أولاً ثم الاستقلال) مع تقييد سلطات الحاكم، وهذا يتفق مع مصالح الطبقة الغنية. ومع قيام الحرب العالمية الأولى وإعلان الحماية على مصر انتهت المرحلة الأولى من الحياة الحزبية فى مصر وأفسحت الطريق لمرحلة ثانية بعد الحرب مباشرة تمثلت فى قيام حزب الوفد برئاسة سعد زغلول لطلب الاستقلال ومواجهة استبداد الحاكم، ثم الانشقاق الكبير فيه وخروج مجموعة بقيادة (عدلى يكن) تدعو لنهج أكثر اعتدالًا مع الإنجليز والسلطان فؤاد (الملك فؤاد لاحقًا)، ثم الانشقاق الثانى فى الوفد عام 1938 بقيادة أحمد ماهر والنقراشى اعتراضًا على ممارسات داخل ونشأ (حزب الهيئة السعدية) وتبنى نهجًا أكثر تشددًا فى القضية الوطنية، ثم الانشقاق الثالث فى الوفد عام 1942 بقيادة مكرم عبيد تحت اسم حزب (الكتلة الوفدية)، ثم قامت ثورة يوليو فانتهت المرحلة الثانية من الحياة الحزبية المصرية. وجاءت المرحلة الثالثة بسعى من الرئيس السادات لاستعادة الحياة الحزبية بصورة مظهرية، كان السادات ومن وراءه مبارك يريد معارضة (تحت السيطرة)، فخرجت حياة حزبية مشوهة متحلقة حول زعامات تاريخية سابقة، مثل فؤاد سراج الدين فى الوفد، وإبراهيم شكرى فى العمل وخالد محيى الدين فى التجمع، ولولا تلك الزعامات وبعض الفلتات الفردية مثل ممتاز نصار وعلوى حافظ وأبو العز الحريرى -وقلة آخرين - لما كان للتجربة الحزبية الثالثة عطاء يذكر. وها نحن نعيد التحلق حول زعامات – وأشباه زعامات- دون غطاء إيديولوجي أو منهجى حقيقى، لذلك تجد العجب العجاب فى الحياة الحزبية المصرية، فبينما هى فى العالم كله يمين ويسار ووسط بدراجتهم، تجدها فى مصر ثلاثية الأبعاد (ثري دي) !!، فهناك يمين ويسار، ودينى ومدنى، فأصبح هناك يمين دينى ويمين مدنى ويسار دينى ويسار مدنى، وفلول مدنى، وثوار دينى ومدنى، بل داخل التيار الإسلامى هناك إسلامى جدًا وإسلامى مدنى ومدنى إسلامى!!، وداخل المدنى هناك مدنى ومدنى جدًا (علماني قح)!!، فحازم أبو إسماعيل مثلاً (إسلامى جدًا-مدنى) !!، طيب يبقى يمين ؟!!، لكنه يتحدث دومًا عن العدالة الاجتماعية، ثم الإخوان (إسلامى –مدنى) يبقى يمين!!، لكنهم يتعهدون الطبقات الفقيرة ببرامج رعاية اجتماعية لم نرها من اليسار، ثم أبو الفتوح (مدنى- إسلامى)، يبقى يمين؟!!، الله أعلم، وحزب الحركة الوطنية (هل هو يمين أم يسار أم أسفل!!)، هو إلى أسفل!!، التيار الشعبى لا تجمعه واجهة أيديولوجية إلا مقاومة الإخوان ودعم حمدين صباحى، فهل على هذا تقوم الأحزاب؟!!، والمفارقة أن الحزب الوحيد الكبير الذى لم يكن له مرشح وهو حزب النور فى طريقه للتفتت!!، ويبقى الحزب الوحيد الأقرب للحياة الحزبية هو حزب "الحرية والعدالة"، لذلك أبشروا يا أحزاب (صبيان المعلم) سيظل "الحرية والعدالة" مسيطرًا وبقوة. [email protected]