يتساءل أندرو باسيفيتش أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بوسطن (لوس أنجلوس تايمز): " لماذا لا تقاتل أميركا في العراق من أجل الانتصارعلى المتمردين؟ هناك قوة أمنية عراقية يجري إنشاءها يمكن في خلال عام أن تساعد على خفض عدد القوات الأمريكية ، ولكن هذا لا علاقة له بالانتصار على التمرد. إن القوات الأمريكية لا تقاتل للانتصار وإنما لشراء الوقت. ولذلك تعمل إدارة بوش على تشتيت إنتباه المواطنين إلى قضايا داخلية مثل تعديل نظام الأمن الإجتماعي وحظر زواج الشاذين جنسيا ، حتى لا ينتبه أحد إلى أننا ننفق بلايين الدولارات شهريا وجنديين يوميا ليس للانتصار وإنما للمماطلة وشراء الوقت." وهكذا يوظف الأمريكيون أنشطة المقاومة/الإرهاب السنية في العراق لتأمين إستمرار حاجة الشيعة للوجود الأمريكي ، وهي الحاجة التي تفاقمت بعد إستلام الشيعة الحكم . أما فيما يخص مشروع الحرب ضد إيران ، فيجري الترويج له في أوساط شيعة العراق تحت لافتة "الحرية" : كما أعتقناكم من حكم صدام ، دعونا نعتق إخوانكم في إيران من حكم الملالي. إن توجيه ضربة عسكرية إلى إيران سيثير بلا جدال غضب الشيعة العراقيين، والأمر الوحيد الذي يمكن أن يردعهم عن التفكير في الإنقلاب على الاحتلال الأمريكي هو إستمرار المقاومة/الإرهاب في العراق ، فضلا عن تربص المحيط العربي بهم والمتخوف من خلق "هلال شيعي". بتعبير آخر فإن المقاومة/الإرهاب هي أفضل ضمان لتحييد شيعة العراق في حال تمكنت أميركا من استيفاء الشروط الأخرى المطلوبة لشن الحرب على إيران. إن أقوى ذريعة يبرر بها الغرب إعتراضه على تمكن إيران من التكنولوجيا النووية (وبالتالي تصنيع سلاح نووي) هو إمكانية وصول هذه التكنولوجيا أو السلاح إلى "جماعة حزب الله الإرهابية". وبالتالي فإن إستمرار الوجود العسكري للحزب ، خلال فترة الإعداد للحرب على إيران ، يضمن إضفاء مصداقية على التصريحات التي يطلقها مسئولو الغرب بشأن إيران ، والتي سيعمد الإعلام وحلفاء الإدارة إلى تكرارها آلاف المرات خلال العام القادم حتى يكتمل الحشد المطلوب أمريكيا وأوربيا ضد إيران. وجود (حزب الله) الذي هو أصلا ورقة قوة للعرب ضروري إذن لإقناع الرأي العام الغربي في ظل غياب أدلة على عزم إيران امتلاك سلاح نووي ، وفي ظل كل ما قيل عن صدام وثبت كذبه بأن إيران هي"أكبر وأخطر دولة داعمة للإرهاب" على حد تعبير ديك تشيني . ومع بدء الحرب ضد إيران ، يكون استفزاز الحزب قد وصل إلى نقطته الحرجة ، موفرا الذريعة المطلوبة إسرائيليا لإطلاق حرب " تحرير لبنان من طغيان (حزب الله)" ، فتضاف بذلك حلقة أخرى إلى سلسلة عمليات تحرير العرب من الإستبداد. شعارات الغرب الجديدة مثل " تحرير العرب من الإستبداد" هي الأداة التي يتحايلون بها على الشارع العربي . فكما خطفوا المقاومة ، يريدون الآن خطف الشارع العربي الذي كانوا يحتقرونه إبان الإعداد لحرب العراق ويقولون أنه شارع عاجز لا خوف منه ، يغضب بسرعة ويصرخ ويولول ثم يخمد . هذا الشارع أصبحوا اليوم يستغلون إصراره على التحرر من إستبداد حكامه بالزعم بأنه لم يكن ليستيقظ لولا الحرب على العراق وسياسات إدارة بوش ، وتعهده بالدفاع عن الحرية والديمقراطية ، وأنه إذا كان هذا ما أدى إليه إسقاط صدام حسين ، فإن مكاسب إسقاط النظام الإيراني ستكون أوسع وأشمل على المنطقة. لسان حالهم يقول : بالحرب كسبنا الشارع العربي ، وبالحرب سنكسب الشارع الإيراني. [email protected]