لا شك أن الإعلام الرياضى يلعب دورًا حيويًا فى تقدم الشعوب أو انحطاطها، ويُقاس مدى تحضر الدول رياضيًا بمدى ما تقدمه من إعلام رياضى راق ومتحضر فى مختلف وسائله المتعددة. فأصل كلمة إعلام تعنى الإخبار وتقديم معلومات فى المقام الأول. وهنا نحن بصدد تعريف مصطلح "الإعلام الرياضى" الذى يعنى "تقديم الأخبار والمعلومات الرياضية الدقيقة والصادقة للناس بكل موضوعية وحيادية، والحقائق التى تساعدهم على إدراك ما يجرى حولهم وتكوين آراء صائبة فى كل ما يهمهم من أمور وقضايا رياضية".ومن ناحية البرامج الرياضية فنجد أنها سواء كانت رسمية أو خاصة تؤثر فى اتجاهات الرأى العام الرياضى منها من يلتزم بالأداء المهنى وهم قلة قليلة تكاد تندثر بينما يلجأ الغالبية إلى الإثارة ومعالجة القضايا الجماهيرية الرياضية بأسلوب خاطئ يميل إلى التناقض والازدواجية أحياناً لإحداث نوع من البلبلة بعيدًا عن الحرفية مما يؤدى إلى سقطات البرامج الرياضية وسقطات مقدميها على الهواء مباشرة . والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هل الإعلام الرياضى فى مصر يقوم بهذا الدور على أكمل وجه؟ أشك فى ذلك فالإعلام الرياضى فى مصر أصبح مهنة من لا مهنة له وأصبح "سبوبة أو أكل عيش" للكثير من المتطفلين الذين لا يمتون له بصلة من قريب أو بعيد لمجرد أن أحدهم مثلاً كان لاعب كرة سابقا أو حكما أو حارس مرمى وما ندرى ما علاقة هذا بأن يكون إعلامياً وأحيانا نجد مديرا فنيا مثلاً لفريق كرة قدم يظهر على الفضائيات لينتقد أداء الفرق الرياضية الأخرى أليس من الأجدى أن يطبق آراءه على فريقه لينتشله من القاع إلى القمة أم أن باب النجار ....!! ولن نقول من منهم حصل على شهادة جامعية فى تخصص الإعلام فمعظم الإعلاميين الكبار لم يتخرجوا فى كلية الإعلام فالنهج الأكاديمى فى الإعلام لا ينطبق حقيقة على أرض الواقع وبعض هولاء لا يتقن الإنجليزية أو حتى العربية ولا يقرأ ولا يطّلع ولا يعلم نفسه ولا يعرف أهمية مهنته. فمثلاُ، هل يمكن لك أن تجرى عملية جراحية بدون طبيب؟ وإن فعلت ذلك، فأنت هالك لا محالة. وفى الإعلام الرياضى الآن، تتشابك لغة المصالح، و"البيزنس" مما جعل كل من هب ودب يعمل فى هذه المهنة حتى أصبحنا نرى أنصاف الحكام واللاعبين يقومون بتحليل المباريات بكل سذاجة وتصفية حسابات معروفة مما يزيد من درجة التعصب لمرحلة لم يسبق لها مثيل، ولكن كل شىء فى الرياضة جائز فنجد العديد من البرامج حتى أنه اصبح هناك قناة رياضية ما تكاد تنتهى من برنامج رياضى حتى يبدأ الآخر وكله فى كرة القدم وانتقادات وجميع من يقدمون هذه البرامج كانوا لاعبين كبار ولكن هذه البرامج تعمل وفق حسابات أخرى فعضو مجلس إدارة اتحاد الكرة يظهر فى برنامج لينتقد زملائه وهم بدورهم لهم برامج أخرى للرد وهكذا تسير الأمور وتم إهمال الرياضات الأخرى التى تستحق فعلا الاهتمام الإعلامى وأن يتم تسليط الضوء عليها ولا يعنينا فيها انتقال لاعب من نادى إلى نادى آخر أو حارس مرمى ومشاكله حتى تصبح حديث المدينة وأخيرا لاعب بمنتخب مصر صديقته تضع مولوداً فى إحدى الدول الأجنبية ولا ندرى هل هى زوجته أم لا فأية قدوة لشباب هذا البلد ليتم تصعيدها إعلامياً فهل هذا فى مصلحة الإعلام الرياضى أو حتى فى مصلحة الرياضة المصرية هل نجد ما يحدث عندنا فى البرامج الرياضية الأخرى فى الدول العربية الأخرى ! وللخروج من هذه الأزمة، أقترح وضع ميثاق شرف رياضى لكل العاملين فى هذا المجال مع وضع ضوابط تقنن الالتحاق به، حتى لا يقتحمه من لا ناقة له ولا جمل، وحتى لا نصل لمثل هذه الدرجة من الاحتقان والتعصب الرياضى الأعمى، بالإضافة إلى إنشاء نقابة تدافع عن حقوقهم. فهؤلاء ممن نطلق عليهم "الإعلاميين" يستخدمون الوسيلة الإعلامية المخصصة لهم فى تصفية الحسابات الشخصية مع أعدائهم أو ابتزازهم أو تحقيق مكاسب شخصية لهم أو زرع بذور الفتنة والتعصب بين الجماهير وقد يكونون مدفوعين فى ذلك للتغطية على سلبيات عديدة فى المجتمع كالفقر والبطالة والفساد وكم شهدنا منظرات وقحة تجرى على الهواء بين رياضيين كل واحد منهم يستغل برنامجه لمهاجمة الآخر. وهذا يذكرنا بأحداث مباراة مصر والجزائر فى التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا والصراع الإعلامى المتطرف بين البلدين الشقيقين للدرجة التى وصلت إلى حد استدعاء السفراء للتشاور بسبب الإعلام الرياضى وتجاوزاته الفجة!! وبذلك أصبح الإعلام الرياضى فى كلا البلدين يقوم على تزويد الناس بأكبر قدر من الأكاذيب والضلالات ويعتمد على الخداع والتزييف والإيهام، وقد ينشر الأخبار والمعلومات الكاذبة فينحط مستوى الناس، وتثير بينهم عوامل الفرقة لخدمة أعداء الأمة. لذلك نتمنى أن يتدخل المسئولون لوقف الانفلات الإعلامى الرياضى بين مقدمى البرامج الرياضية، بل والقنوات التى ترعاهم وتتبناهم وأن يتم تحديد معايير محددة لمن يؤدى مهمة الإعلامى الرياضى وما هى مؤهلاته بحيث نمنع المنابر الشخصية الحالية فهى لا تعالج مشاكل رياضية فى العموم ولكنها مشاكل شخصية وتصفية حسابات. وفى النهاية نتمنى أن يحذو الإعلام الرياضى فى مصر حذو الدول المتقدمة أو الدول العربية المتقدمة إعلامياً فى هذا المجال من تقديم صورة صادقة للمجتمع عن المجال الرياضى بكل موضوعية وحيادية حتى يتم علاج السلبيات وتقوية الإيجابيات، لنجد فى النهاية إعلامًا مستنيرًا هادفاً مجرداً من النزعات الشخصية يضعنا على أول طريق النهضة الرياضية الشاملة ويمكن أن نصل لكأس العالم بدون مشاكل! قولوا آمين...!!