اتفق الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد خلال اجتماعهما الخميس في مدينة سوتشي الروسية، على الاستئناف الفوري لأعمال اللجنة البحثية الفنية المختصة بسد النهضة الذي تقيمه أديس أبابا على النيل الأزرق، والذي لم يتم التوصل لاتفاق بشأنه حتى الآن. وقال السفير راضي بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة، إن الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي اتفقا خلال اللقاء على الاستئناف الفوري لأعمال اللجنة البحثية الفنية المستقلة الخاصة بسد النهضة على نحو أكثر انفتاحًا وإيجابية. وأضاف، أن هذه الخطوة تأتي بهدف الوصول إلى تصور نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وتجاوز أي تداعيات سلبية قد نتجت عن التناول الإعلامي للتصريحات التي نسبت مؤخرًا إلى الجانب الإثيوبي. من جانبه، أكد آبي أحمد أن تصريحاته الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبي بشأن ملف السد تم اجتزاؤها خارج سياقها، وأنه يكن كل تقدير واحترام لمصر قيادةً وشعبًا وحكومًة، موضحًا أن تصريحاته تضمنت الإعراب عن التزام إثيوبيا بإقامة سد النهضة بدون إلحاق الضرر بدولتي المصب، بحسب راضي. وأضاف أن الحكومة والشعب الإثيوبي ليس لديهما أي نية للإضرار بمصالح الشعب المصري، وأن استقرار مصر وإثيوبيا هو قيمة وقوة مضافة للقارة الأفريقية بأسرها، مع التشديد على أنه بصفته رئيسًا لوزراء إثيوبيا، ملتزم بما تم إعلانه من جانب بلاده بالتمسك بمسار المفاوضات وصولًا إلى اتفاق نهائي. يأتي ذلك بعد أيام من تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا الذي قال خلالها إنه لا توجد قوة يمكن أن تمنع إثيوبيا من بناء سد النهضة، وأنه إذا لزم الأمر يمكن لإثيوبيا حشد الملايين لحماية السد. وعلى مدار 8 سنوات دخلت مصر والسودان وإثيوبيا في أكثر من 20 اجتماع على المستوى الوزاري وعشرات الاجتماعات الفنية والزيارات المتبادلة بين الثلاث دول دون نتيجة. الدكتور عباس شراقي، مدير مركز تنمية الموارد الطبيعية بإفريقيا بمعهد بحوث الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، قال إن «هذا الأمر كان متوقعًا، لأن عدم الاتفاق يعني إنهاء المفاوضات نهائيًا ومن ثم كانت مصر ستلجأ لمجلس الأمن، خاصة بعد رفض إثيوبيا كافة المقترحات المصرية». وتابع ل«المصريون»: «هذا الموقف تكرر مرات عديدة، والمفاوضات وصلت من قبل أكثر من مرة لطريق مسدود وبعد التقاء الرؤساء وبحث هذا الأمر يتم الاتفاق على استئناف المفاوضات واستمرارها». وأكد أن «هذا الاتفاق ليس معناه حل الأزمة أو التوصل لحل بشأنها، فهي لا زالت قائمة»، مشددًا على ضرورة أن يعطي رئيس وزراء إثيوبيا تعليمات واضحة لوزير الري لإظهار مرونة خلال المفاوضات وإلا سيكون الأمر بلا فائدة وكذلك مراوغة جديدة لكسب مزيد من الوقت. واستطرد: «وزير الري من المتوقع أن يبدأ اتصالاته للترتيب لاستئناف المفاوضات والتي من المتوقع أن تكون في أديس أبابا، لكنه إذا حصل الاجتماع بنفس العقلية السابقة لا فائدة منه على الإطلاق وعلى الجانب المصري أن يظهر مرونة لكن دون ضرر علينا». وأشار إلى أن المرونة من جميع الأطراف يمكن أن تحل الأزمة وتساعد عل التوصل لحل، فمثلًا إثيوبيا تريد الملء خلال 3 سنوات ومصر تريده خلال 7 سنوات، فإذا تم الاتفاق على 5 سنوات لا مشكلة. بدوره، قال السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، والمرشح الرئاسى السابق، إن «الاتفاق بخصوص استئناف مفاوضات النهضة في روسيا، يعتبر منحة جديدة لإثيوبيا، حيث سيكون أمامها مزيد من الوقت لإنهاء السد وتنفيذ ما تريده بأريحية». وأوضح «الأشعل»، ل«المصريون»، أن مصر لن تستفيد بما تم الاتفاق عليه، لا سيما أن الجانب الإثيوبي يظهر دائمًا التعنت وعدم التجاوب مع المقترحات التي تقدمها مصر». مساعد وزير الخارجية الأسبق، أكد أن «إثيوبيا أنشأت السد وحققت ما تريد ولآن تراوغ لاستكمال ما بدأته، وسيكون له أثار لا تحمد عقباها على مصر». والثلاثاء الماضي، قال رئيس الوزراء الإثيوبي، إنه لا توجد قوة يمكن أن تمنع إثيوبيا من بناء سد النهضة، في إشارة إلى تعثر المفاوضات مع مصر بخصوص المشروع. وأضاف في رده على أسئلة نواب بالبرلمان الإثيوبي: «ليس هناك خيار آخر، الحرب لا يمكن أن تكون حلاً، إذا لزم الأمر يمكن لإثيوبيا حشد مليون شخص»، مضيفًا: «لا يمكن لأي قوة أن تمنع إثيوبيا من بناء السد». وشدد آبي أحمد على أن بلاده «ستواصل بناءه بغض النظر عن المخاوف التي لا أساس لها، والتهديدات العسكرية التي يطلقها إخواننا المصريون، عبر منابر إعلامية». وأكد أنه «لا نية لحكومة إثيوبيا لإيذاء شعبي وحكومتي السودان ومصر»، داعيا إلى ضرورة أن «ينصب تركيزنا على وضع اللمسات الأخيرة على السد وفقا للجدول الزمني المحدد». ووفق آبي أحمد، فإنه «لا يوجد جدول أعمال خاص بين إثيوبيا ومصر فيما يتعلق بسد النهضة»، متابعًا: «شعب وحكومة مصر سيستفيدان إذا ما قدموا مباشرة الدعم الاستراتيجية التنمية الخضراء في إثيوبيا». وقبل أيام، أعلنت مصر، وصول مفاوضات سد النهضة لنفق مظلم، لا سميا بعد التعنت الإثيوبي ورفضه لكافة المقترحات المصرية لإنهاء الأزمة. إذ أعلن المهندس محمد السباعي المتحدث الرسمي باسم وزارة الري، أن مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا، وصلت إلى طريق مسدود، نظرًا للتعنت الإثيوبي. وأضاف، أن هذه النتيجة بسبب تشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة الأطروحات التي تراعى مصالح مصر المائية وتتجنب إحداث ضرر جسيم لمصر.