منذ بدء ظهور أول نسخة في سلسلة "عالم المعرفة"عام 1978 التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون بدولة الكويت وهي وغيرها من الإصدارات الثقافية الأخري قد ساهمت كثيراً في نشر الوعي الثقافي والتنويري في كافة المجالات بالعالم العربي وخارجه من يعرفون ويقرأون باللغة العربية، لما تتميز به هيئة التحرير والمسئولين بحسن إختيار المواضيع سواء ترجمة أو تأليفاً والتي يحتاجها المواطن العربي في سبيل إستنارته الشاملة، فضلاً عن دعم دولة الكويت لهذا المشروع، حيث لا يتجاوز سعر النسخة الواحدة دولاراً واحداً في الدول العربية جميعاً، بالرغم من أن بعض الإصدارات قد يتجاوز عدد الصفحات أكثر من 500 صفحة، وهو ما يعكس مقدار الدعم الذي يقدمه دولة الكويت خاصة مع إرتفاع الأسعار في بعض الدول العربية، فمثلاً العدد 474 لشهر يوليو 2019 عنوانه الرئيسي "من أسيا الصغري إلي تركيا" عدد صفحاته 503 صفحة. الإستمرارية في نشر الثقافة والحرص علي تنوير وتعليم المواطن العربي، هي ميزة في هذه سلسة عالم المعرفة و السلاسل الأخري التي علي غرارها من بعض الدول العربية الأخري، وكانت مصر أيضاً من الدول الرائدة في نشر الثقافة في الوطن العربي، سواء عن طريق المطبوعات أو المعلم والأستاذ الجامعي المصري الذين لا يزالون يعملون في بعض الدول العربية، كذلك أظن بدأ مشروع مكتبة الأسرة في تسيعينات القرن الماضي في مصر، والذي ساهم كثيراً في إقتناء الكثير من المواطنين العديد من الكتب الثقافية والعلمية والمتخصصة في كافة المجالات وبأثمان زهيدة وكانت مدعومة من الدولة وقتها، لكنه وللأسف لم يستمر طويلاً قد يرجع ذلك لأنه إرتبط بالسيدة سوزان مبارك زوجة الرئيس حسني مبارك، حيث جعلها القائمين علي وزراة الثقافة أوالمسئولين هي راعية مشروع مكتبة الأسرة.
الإستثمار في العقول بالتثقيف والتنوير وكشف ظلمة الجهل وتحدي المجهول، هو سر تقدم الأمم، وحسناً تبني دولة الكويت لمثل تلك المشاريع، وأتعجب من قلة مشاركة بعض الدول العربية الغنية في مثلها تشجيعاً للعرب علي القراءة والتأليف حيث كما يقول بعض المهتمين أننا نحن العرب نقرأ بمعدل متدني جدا جدا ً مقارنة بالمواطنين في الدول المتقدمة، وبعضنا لا يقرأ من أساسه، بالرغم من أن أول كلمة في دستورنا الإسلامي كانت ما أمر به الله الرسول علي لسان أمين الوحي جبريل "إقرأ"، وكما قال سيدنا علي رضي الله عنه "لا غني كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كاالأدب".
الكثير من الدول العربية الغنية تتسابق فيما بينها في إقامة مهرجانات فنية أو غيرها قد لا يعود منها فائدة تذكر، ناهيك عن تأسيس فضائيات متعددة الأسماء والأهداف، لا دور لبعضها سوي نشر التفاهات وتجريف العقول وإشعال الفتن والمشاحنات بين الأشقاء العرب بعضهم البعض، ناهيك عن الهرولة لشراء أسلحة لتكديسها دون حاجة لها سوي أنها تكلف خزينة الدول الكثير من المليارات الدولارات، أو قد تستخدمها بعض الدول في محاربة دولة عربية أخري، بسبب الفتن التي يشعلها أعداء العرب في المنطقة، وكذلك المستفيدين من بيع تلك الأسلحة، لنا أن نتصور كيف ننهض بثقافة المواطن العربي لو أنفق عليه جزء من تكلفة هذه الأسلحة؟!!!.