وضع خبراء وأمنيون، مجموعة من السيناريوهات والخطوات التي من الراجح أن تلجأ إليها مصر خلال الأيام القليلة المقبلة؛ لحل أزمة «سد النهضة»، بعد أن وصلت المفاوضات لطريق مسدود بين أطرافه، مستبعدين أن يكون من بينها التدخل العسكري. وقبل أيام أعلنت عدة جهات رسمية مصرية وصول مفاوضات سد النهضة لنفق مظلم، لا سيما بعد التعنت الإثيوبي ورفضه لكافة المقترحات المصرية لإنهاء الأزمة، إذ أعلن المهندس محمد السباعي المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أن مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا، وصلت إلى طريق مسدود، نظرًا للتعنت الإثيوبي. وأضاف أن هذه النتيجة بسبب تشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة الأطروحات التي تراعى مصالح مصر المائية وتتجنب إحداث ضرر جسيم لمصر. وبحسب المتحدث، رفضت أثيوبيا مناقشة قواعد تشغيل سد النهضة، وأصرت على قصر التفاوض على مرحلة الملء وقواعد التشغيل أثناء مرحلة الملء، بما يخالف المادة الخامسة من نص اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 23 مارس 2015، كما يتعارض مع الأعراف المتبعة دولياً للتعاون في بناء وإدارة السدود على الأنهار المشتركة. وعلى مدار 8 سنوات دخلت مصر والسودان وإثيوبيا في أكثر من 20 اجتماع على المستوى الوزاري وعشرات الاجتماعات الفنية والزيارات المتبادلة بين الثلاث دول دون نتيجة. اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق وخبير شئون الأمن القومي، قال إن مفاوضات سد النهضة مع الأطراف الأخرى وصلت لطريق مسدود، لافتًا إلى أن مصر تهاونت في بعض حقوقها وتعاملت بحسن نية مع الأطراف، غير أنهما أظهرا دائمًا سوء النية، ما نتج عنه الوصول لهذا الوضع الحالي. وخلال حديثه ل«المصريون»، أضاف «رشاد»، أن مصر لجأت للمفاوضات مع الجانب الإثيوبي وحاولت الوصول لحلول سلمية معه غير أنه لم يبدي سوى الرفض وعدم احترام حقوق مصر المائية، ومن ثم هي أمامها الآن إما تدويل القضية أو إشراك طرف رابع له تأثير على إثيوبيا. وأشار إلى أنه في حال رفض إثيوبيا لتدخل طرف رابع لحل الأزمة، فإن مصر لن يكون أمامها إلا تدويل القضية وهذا سيتم عن طريق تدخل الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة وكذلك مجلس الأمن، مؤكدًا أنه في حال اللجوء إلى مجلس الأمن سيعطي مصر حقها. وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، لفت إلى أن القنوات المائية التي تمر على الدول ليس من حق أي دولة أن تستأسد بها على حساب أي دولة أخرى، مشيرًا إلى أن هذا معروف دوليًا، ومصر عليها أن تسلك تلك المسارات. وعن إمكانية اللجوء للتدخل العسكري لحل الأزمة، أكد أن هذا الحل غير وارد بالمرة ولا نية لدى مصر للجوء إليه، بل لا تفكر فيه من الأساس، لا سيما أن النزاعات بين الدول لا تُحل بالتدخلات العسكرية. خبير شئون الأمن القومي، شدد على أن أي نزاع بين دولة وأخرى ينتهي عن طريق المفاوضات وليس التدخل العسكري، لافتًا إلى أن الأمور في المنطقة لا تتحمل أي عمل عسكري، إضافة إلى أن مصر لا نية لها لهذا الأمر. أما، الدكتور حسام رضا، خبير الموارد المائية، قال إن هناك سبل وطرق كثيرة يمكن أن تتبعها مصر لحل الأزمة، مضيفًا أن من بينها إخطار الأممالمتحدة بالخلافات والمخالفات التي تقوم بها إثيوبيا، وهذا لم تقم به مصر حتى الآن، على الرغم من أنه يحق لها اتخاذ الإجراءات المطلوبة في هذا الإطار، بحسب تصريحه. وأضاف ل«المصريون»، أن مصر يمكنها طلب وساطة أمريكا لحل النزاع، غير أنه أشار إلى أنها الدولة التي هندست السد والذي كان ضمن أربع سدود أخرى، بهدف تضييق الخناق على مصر مائيًا. ولفت إلى أن مصر كان عليها اتخاذ إجراءات أخرى بجانب الخطوات القانونية، منوهًا بأنها لم تدقق فيما حصل منذ عام 2005 ولم تراجع القرارات التي اتخذت، إضافة إلى أنها لم تحاكم المسؤولين عن وصول القضية لهذا الحد، لا سيما أنهم بأفعالهم ساهموا في هذا الأمر. خبير الموارد المائية، أوضح أن البنك الدولي له يد في بناء هذا السد، خاصة أنه يتحرك بشركات عملاقة تريد أن يكون للمياه تكلفة وأسعار، متابعًا: «الأمور عايمة ولا توجد إجراءات حاسمة، والوقت بات لا يحتمل». ونوه بأن المياه أمن قومي وبالتالي كل الخيارات مفتوحة أمام مصر، حيث من الممكن اللجوء للحل العسكري وإن كان مستبعدًا بعض الشيء لكنه وارد، مضيفًا أن مصر أمام خيارات كثيرة كاستخدام قواها الناعمة، أو استغلال الخلافات داخل إثيوبيا والاستفادة منها. وأنهى حديثه قائلًا: «لابد من تحركات عاجلة فمصر تأخرت وتعاملت بحسن نوايا لكن لا وقت لتضييعه، وهناك مقترحات وحلول كثيرة عليها اللجوء إليها». والأسبوع الماضي، أعلنت الولاياتالمتحدة الأميركية عن دعمها للمفاوضات الجارية بين مصر وإثيوبيا والسودان للتوصل إلى اتفاق تعاوني ومستدام ومتبادل المنفعة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي. وذكر بيان صادر عن البيت الأبيض، أن الإدارة الأميركية تدعو جميع الأطراف إلى بذل جهود تتسم بحسن النية للتوصل إلى اتفاق يحفظ حقوق الجميع لتحقيق الازدهار والتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى احترام دول وادي النيل لبعضهم بعضا فيما يخص حقهم من المياه. وعقب ذلك، أعلن السفير بسام راضي، المُتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، بأن مصر ترحب بالتصريح الصادر عن البيت الأبيض بشأن المفاوضات الجارية حول سد النهضة. المُتحدث باِسم الرئاسة، ذكر أن مصر تتطلع لقيام الولاياتالمتحدةالأمريكية بدور فعال في هذا الصدد، خاصة على ضوء وصول المفاوضات بين الدول الثلاث إلى طريق مسدود بعد مرور أكثر من أربع سنوات من المفاوضات المباشرة منذ التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ في 2015. ونوه بأن تلك المفاوضات لم تفض إلى تحقيق أي تقدم ملموس، ما يعكس الحاجة إلى دور دولي فعال لتجاوز التعثر الحالي في المفاوضات، وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، والتوصل لاتفاق عادل ومتوازن يقوم على احترام مبادئ القانون الدولي الحاكمة لإدارة واستخدام الأنهار الدولية، والتي تتيح للدول الاستفادة من مواردها المائية دون الإضرار بمصالح وحقوق الأطراف الأخرى.