تكررت جرائم الدفاع عن الشرف، أو ما يطلق عليها «جرائم العار» بشكل لافت للانتباه خلال الفترة الأخيرة، ما أثار تساؤلات حول أسباب التزايد الملحوظ لهذه النوعية من الجرائم. ووفق تقرير مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة عام 2018، قتل أكثر من نصف ضحايا الجرائم على أيدي شركاء أو أقارب من الدرجة الأولى، فيما فشلت الجهود المبذولة لوقف قتل النساء بمبرر صون الشرف. التقرير أشار إلى أنه من بين نحو 87 ألف امرأة وقعن ضحايا للقتل العمد 2018 في العالم، قتل منهن حوالي 34% على يد شريك مقرب، زوج أو حبيب، وكانت النسبة الأعلى في أفريقيا تليها الأمريكيتين وأوروبا. وبحسب تقارير عدة للأمم المتحدة، أبرز الدول التي تقع فيها جرائم الشرف هي: مصر، والهند، وإسرائيل، وإيطاليا، والأردن، وباكستان، والمغرب، والسويد، وتركيا، وأوغندا، والعراق، وإيران، وأفغانستان. وقبل أيام، أنهى عامل في العقد السادس من عمره، حياة ابنتيه ذبحًا بزعم أن سلوكهما سيئ وتربطهما علاقة غير شرعية بأحد الشباب، حيث استدرجهما من منزله لمنطقة زراعية وذبحهما وألقى جثتيهما في ترعة الحوامدية، لكن تبين بعد ذلك كذب رواية الأب وتبين أن الشات كان عبارة عن «غزل وحب»، ليس أكثر. فيما قام شاب بقتل شقيقته وخنقها بإيشارب؛ وذلك لتأديبها على رقصها في حفل زفاف نجل عمهما، بينما قام زوج يعمل حارس عقار بمنطقة العصافرة بقتل زوجته لمجرد شكه في سلوكه، دون أن يكون لديه أي إثبات على شكه. وتنص المادة 237 من قانون العقوبات على: «من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي ومن يزنى بها يعاقب بالحبس، بدلًا من العقوبات المقررة في المادتين 234 و236، وقد تصل عقوبته إلى الحبس من سنة إلى 3 سنوات»، وتعد هذه المادة هي الوحيدة التي تنص على عقوبة مخففة في جريمة القتل. الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، قال إن الانحدار الثقافي الذي شهده المجتمع المصري خلال الفترة الماضية، أدى إلى انتشار الجرائم الأخلاقية، حيث أصبح الزوجة تخون زوجها، وصار الأخ يخون أخاه، والبنت تخون والديها، ما أدى إلى ارتفاع مثل هذه النوعية من الجرائم. وأضاف ل «المصريون»، أن هناك نساء من اللاتي يتم قتلهن شرفاء ولم يرتكبن أي فعل مشين، غير أن الشك يدفع أهلها أو زوجها أو أحد الأقارب إلى التخلص منها. وأشار إلى بعض مرتكبي هذه الأفعال يريد يتخلص أحيانًا من أولاده أو بناته؛ حفاظًا على سمعته، رغم أنه في بعض الأحيان لا يكون هناك دليل قاطع على الخيانة. وأوضح أن متعاطي المخدرات بجميع أنواعها غالبًا ما يكون الشك لديهم مرتفع، الأمر الذي يثير شكوكه حول سلوك زوجته، ما يؤدي إلى قتلها والتخلص منه لمجرد الشك فقط. بدوره، قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إن 75% من الجرائم التي ترتكب بزعم الشرف تكون ضحاياها بريئة ولم ترتكب أي فعل مخل بالشرف أو بالعادات والتقاليد. وأشار إلى أن «خوف الرجل مما سيلحق به إذا لم يرتكب الجريمة يدفعه في بعض الأحيان إلى قتل زوجته أو أخته أو ابنته، خوفًا من أن يصفه أحد بأنه ديوث». أستاذ على الاجتماع، لفت إلى أن «تركيز وسائل الإعلام خلال هذه الفترة على القضايا الاجتماعية وتخفيف التركيز على القضايا السياسية، أدى إلى ظهورها بشكل ملفت. وأشار إلى أن الأردن تعتبر أكثر الدول التي يقع فيها مثل هذه الجرائم، كما أن مصر من بين هذه الدول. وأوضح أن تلك الجرائم موجودة في دول كثيرة، غير أنها منتشرة بكثافة في دول العالم الثالث، نتيجة عوامل كثيرة، مشيرًا إلى أن مرتكبيها من الرجال وليس العكس؛ نظرًا لأنها تعتبر جزء من الثقافة الذكورية المريضة في المجتمع المصري. وقال أوضح الدكتور فتحي قناوي، أستاذ الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، مفسرًا أسباب زيادة جرائم الشرف في مصر، إن هناك تعديات وجرائم تكون مواقع التواصل الاجتماعي شريك أصيل فيها باستدراج أحد الطرفين. وأضاف: «يُنظر إلى جريمة الشرف بأنها عذر أو مبرر، وتشمل العوامل المؤدية للقتل بدافع الشرف، لكن منها ما هو ليس موضوعي وفي تجني واضح على المرأة وحقوقها، فنجد أحيانًا قتلها بعد تعرضها للاغتصاب ويعلل الجاني بأنه لا يستطع العيش بوصمة العار رغم أنها ضحية». وأشار أن هناك دراسات أجريت في مصر أثبتت أن مرتكبي العنف من الذكور يمثلون 75%، بينما تشغل النساء نسبة 25%، وكان الجناة في جرائم الشرف هم الأزواج بنسبة (52%)، والآباء (10%)، والإخوة (10%)، والأمهات (4%)، والباقي أبناء أو أقارب الزوج أو الزوجة أو الأب أو الأم للزوج. من جانبه قال المستشار محمد كساب الخبير القانوني، قال إن عقوبة الزوج المتهم بقتل زوجته لمجرد شكه في سلوكها الشك: «هنا معناه أنه رتب لقتلها وشكه في سلوكها هو الدافع لقتلها، وهنا تكون تهمته القتل العمد وتصل عقوبته إلى الإعدام». وأوضح: «أما إذا كانت القضية تمس الشرف وأن الزوج المتهم شاهد زوجته في وضع مخل فقام دون تفكير مسبق بقتلها، هنا القضية تكون دفاعًا عن الشرف، وأقصى عقوبة لها تصل إلى السجن 3 سنوات». وتابع: «وإذا كان هناك تخطيط مسبق أخذ منه وقتًا للتفكير وترتيب وتجهيز السلاح وغيره من تفكير لتنفيذ القتل، وقام بالتخطيط والتنفيذ، هنا القضية هتبقى قتل عمد حتى ولو كانت لها سلوك غير سوى أو علاقات غير شرعية».