لا تسمح للشك بأن يتلاعب بك، لأن له حبائله التي يجيد بها انتقاء فريسته، ويذهب بك في غير رجعة، حتي أنك قد لا تدرك أهو ذلك الشخص الواقف علي أعتاب بابك ام لا، إن فتحت له الباب.. فتأكد، أنه ليس ضيفاً، سيدخل ويتلاعب بك، وفي لحظة بعينها ستجد نفسك أنت خارج بيتك، ليس هذا فقط، بل أنك ستخرج منها بيد ملطخة بالدماء. تفاصيل متشابهة ما بين مذبحة الشروق وسيدة أوسيم المشنوقة موضع البحث هنا متعلق بتصنيف أجريناه علي جرائم القتل التي حدثت مؤخرأ، ونختص منه تحديداً القتل الأسري، حيث نجد أن الشك هو اكثر دوافع القتل ظهوراً علي ساحة الجريمة، وأن من بين 10 حالات قتل أسري هناك على الأقل 8 حالات قتل كانت بسبب الشك، ولاسيما تلك التى تتعلق بجرائم قتل الزوج لزوجته، أشهرهم الشهر الماضى عندما أقدم " كرم . م " على قتل زوجته وأولاده الأربعة فى القضية المعروفة أعلامياً ب "مذبحة الشروق"، حيث أن المتهم اعترف فى التحقيق أنه شك فى سلوك زوجته، وأنها على علاقة بأحد اصدقائه، بل تطرق به الشك أيضاً إلى أن يصرح بأن شك فى أن أطفاله ليس من صلبة، وهذا التصريح إن أخذناه بعقلانية، كيف له أن يشك فى نسب أطفاله بعد كل هذه المدة؟، وعلى بالرغم من أن هناك طرق كثيرة حديثة منها تحليل DNA"" تثبت نسب الأطفال من عدمه، لكنه فى لحظة أخذ القرار بالقتل، وبنية مبيتة، دون أن يسمح لنفسه أن ينظر إلى الموضوع بعين تهديه من شكه إلى اليقين، اغمض عينه عن رؤية متأنية لما يجب أن يفعل فى مثل تلك الأمور، وبدأت الهواجس فى وظيفتها، فما كان منه غير أنه أمسك السكين وذبح زوجته وأطفاله دون أن يطرف له جفن، بل وغير أسفٍ على ما فعل. تلك الواقعة تعيدنا إلى واقعة أخرى مشابهة كانت قبل عام من الأن، المعروفة اعلامياً ب"سيدة أوسيم المشنوقه" عندما جن جنون الزوج "قرنى فاروق" واقدم على قتل زوجته خنقاً ب"إيشارب" كانت ترتديه، بعد اكثر من 20 عاماً من زواجهما، وله من الأطفال منها خمسة، جاء ذلك لمجرد أن كثرت الخلافات الزوجية بينهما بسبب شكه فى سلوكها، كيف ينسى شخص فى لحظة شك أكثر من 20 عاماً من العشرة؟ وكانت الإجابه فى تصرفه، قرر أن يقتلها دون أن يكون لديه دليل واحد على ظنونه، لم يفكر فى مصير أولاده، ولا إلى أى الطرق سيؤل حالهم وحاله، وبيد ثابتتين خنقها، وارتدى ملابسه وتهندم، ثم أغلق دونها الباب وذهب ليبلغ فى قسم الشرطة بأنه قتل زوجته لشكه فى سلوكها. الواقعتان متشابهتان فى أن الزوجين اعترفا بارتكابهما جريمة القتل بدافع الشك فى زوجتيهما، وفي واقعة الشروق اثبتت التحريات أن زوجة كرم هى سيدة شريفة، على عكس ما يؤكد زوجها أو يحاول أن يروج له، وأنها لم تخونه مثلما يزعم مع صديقه، وهو ما حدث فى واقعة سيدة أوسيم بشهادة جيران الضحية أنها كانت مثالأ للشرف والأخلاق، وأنها طوال معرفتهم بها لم يجدوا منها تصرفاً ينال من شرفها، ولو بكلمة، وعلى هذا فإن الدافع وارء جريمتى القتل هاتين كان مجرد هواجس دارت فى عقل مرتكبى الواقعتين، دون أن يمعنا النظر، أو أن يفكرا بعقلانية قبل قيامهما بالجريمتين، وانتهت حياة السيدتين فى لحظة شك، إحداهما أخذت أطفالها معها، والأخرى تركتهم يتضرعوا كأس الحياة المريرة بعدها. بسبب محادثة هاتفية ألقى بزوجته من الطابق الخامس أحدث الوقائع بدافع الشك كانت تلك التى فى البساتين، لشاب لم يتجاوز الثلاثون من عمره، مقيم فى 35 شارع الصعايدة التابعة لمقابر اليهود، يدعى "إسلام خليل" بالغ من العمر 28 عاماً، القى زوجتة "أمل" البالغة من العمر 21عاماً، من الدور الخامس، والسبب محادثة تليفونية، جاء ذلك عندما دخل المتهم بعد يوم عمل طويل إلى البيت ليكتشف محادثة بين الضحية وأحد الأشخاص، حيث وضح خلال التحقيق أنه فقد صوابه بمجرد أن رأى المحادثة، كيف لها أن تخونه وهو لم يقصر فى حقوقها على حد تعبيره، ولم يتباطئ لحظة فى تنفيذ طلباتها، لم ير أمامه وقتها، غاب عقله واستحضر مكانه العنف، ونشبت بينهما مشادة كلامية ومشاجرة عنيفة إنتهت بإلقائها من الطابق الخامس، وعلى حسب ما جاء فى حديث إحدى الشهود وهى جارتهم التى تدعى "حنان نصر" أنها أكدت على أن "صوتهم نسمعه من أخر الشارع" وأنها كانت تسمع صوت مشاجرة حادة بين الزوجين قبل أن تعرف أن الزوجة قد لقت مصرعها، ولذلك هى ترجح أن يكون الزوج هو الذى القاها، وفقاً لما ذهب الكثير فى ترجيح تلك الرواية. ذبح زوجته أمام أطفاله ويبرر..بتخوني الواقعة الثالثة كانت على نحو مخالف تماماً، تلك التى كانت فى منشأة ناصر فى بداية العام الجارى، حيث أقدم "محمود" فى بداية عقدة الثالث على ذبح زوجته أمام أطفاله لشكه فى سلوكها، ولكنه قال اثناء التحقيق أن الزوجة تخونه كثيراُ، وأنه كان يرضخ لضغوضها كى لا يخرب بيته بيده، وعلى هذا فإن الشك هنا كان من وجهة نظر صاحبه يصل إلى حد اليقين، وأنه سبباً مقنعاً دفعه إلى ارتكاب الواقعة، حيث قالها أثناء التحقيق دون أن يخجل او أن يخشى شيئاً " قتلتها ولو عاد بى الزمن هقتلها تانى!". الجرائم على هذا المنوال تؤكد أن مرتكبى الوقائع بمجرد أن وصل إليهم أحساس الشك فى زوجاتهم، قرروا قتلهم دون أسف عليهم، وذلك يدل على أن تلك الهواجس تؤثر على الشخص تأثيراً لا حد له، بل وتدفعه إلى أرتكاب امور_ ربما وإن كان فى طبيعته وليس تحت تأثير تلك الهواجس_ لا يصدق أن يوما ما قد يدفعىه سبب لارتكاب مثل تلك الأمور، وبناءاً عليه يجدر بنا أن نقرر أن تلك الهواجس الناتجة عن الشك كفيلة بأن تدفع شخص ما نحو التهلكة مهما بدت عليهم العقلانية فى تصرفاتهم، وما هى إلا لحظة من شك أن تسللت فى النفس البشرية لا تغادرها مطلقاً، بل تنمو وفقاً لما يتراءى لصاحبها. قاتل ابنته فى مواجهة قاتل شقيقته نخرج من الجرائم المتعلقة بقتل الرجل لزوجته ونسرد واقعتين كانتا على نحو مختلف. إحداهما قبل 4 سنوات من الأن، هى جريمة بشعة بكل ما تحملة الكلمة من معنى، عندما اقدم سمكرى على خنق ابنته وألقاها فى النيل بسبب شكه فى نسبها، فبعد أن ذهبت زوجته إلى بيت أبوها لاستحالة عيشتها معه واخذت معها الطفلين، ذهبا إليها وضربها وأخذ الأطفال عنوة ليقيما معه بعيداً عن أمهما، وبعد فترة لاحظت الأم غياب أبنتها عائشة، وعند سؤاله عن سبب ذلك تهرب منها، وادعى أنها أعطاها إلى سيدة ما لتحفيظها القرآن وتعلمها الصلاة والصوم، لكن تلك الحيلة لم تصدقها الأم، فما كان منه إلا أن يأس من محاولاتها المستمرة لمعرفة ما حل بالطفلة فقال لها أنها تغيبت عن المنزل ولم تعد منذ عدة أيام، وحيث أنها لم تجد منه ما يهدأ لوعتها حررت محضراً بتغيب الطفلة، وبتحري الواقعة تم ضبط الزوج واعترف بأنه خنق طفلته حتى لفظت أنفاسها الأخيرة ووضع الجثة داخل حقيبة سفر، واستعان بنجله فى حملها وألقاها فى النيل، وبرر فعلته هذه بأنه كان يشك فى سلوك زوجته وأن المجنى عليها كانت تشبه والدتها، شخص كهذا شك فى زوجته فقتل أبنته لأنها تشبها!، بل وأنه حاول من قبل أن يقتلهم من خلال دس السم فى طعامهما. الواقعة الثانية كانت قبل نحو عامين، حيث أقدم شاب يدعى "شريف" البالغ من العمر 32 عاما، عاطل ومقيم فى مساكن المحمودية التابعة لقسم شرطة حلوان، بقتل شقيقته "نيفين" البالغة من العمر 17 عاما، لأنه شك فى سلوكها، حيث أنه قام بالتعدى عليها بالسلاح الأبيض محدثاً إصابة بالغة أودت بحياتها، تلك الواقعتين وأن كان فيهما شئ من الغرابة، حتى أنه فى بعض الأحيان لا تصدق، إلا أن مرتكبيها وكأنهما لم يرتكبا شئ، هذا وأن دل على شئ إنما يدل على أن الموت قد أصاب قلوبهم، وأن الشك أخذ منهم ما أخذ حتى اغتال إنسانيتهم. جبروت امرأة كثيرأ ما كان الزوج دائم الشك فى تصرفاتها، يتهمها أنها على علاقة بأحد الأشخاص، ليس هذا فقط، بل يتحدث مع الناس عن أن زوجته خائنة، وكأن ثبوت تلك التهمة على زوجته لن تمسه بشكل أو بأخر، حتى ضاقت به ذرعا، وقتلته بضربة سكين فى رقبته، كانت تلك الحادثة منذ أكثر من 4 سنوات فى منطقة بولاق الدكرور التابعة المحافظة الجيزة حيث تم العثورعلى بواب احدى العمارات مقتولاً أثر طعنة سكين نافذة فى رقبته، ومن قتلته هى زوجته التى تدعى "صبرين" والتى أقرت أثناء التحقيق معها بعد الواقعة أنها قتلته لشكه الدائم فى سلوكها ومحاولة تلويث سمعتها بين أهالى المنطقة، وفى اليوم الذي وقعت فيه هذه الواقعة تعدى الزوج على زوجته بغرض الحصول على مبلغ من المال بحوزتها، وعندما رفضت ضربها ضرباً مبرحا وعايرها بسوء سلوكها كما يروج، فما كان منها غير أنها ذهبت إلى المطبخ وقتلته بالطريقة التى أشرنا إليها، وعلى الفور خر صريعا! د.يسري عبد المحسن: الرجل الشكاك مريض ويحتاج إلى العلاج وبما أن الشك..كان ولا يزال هو المدخل الأكثر تداولاً فى أغلب جرائم القتل الأسرى، ولذلك عند دراسة شريحة معينة من تلك الجرائم فى الأونة الأخيرة، لابد من محاولة فهم طبيعة ذلك المدخل لهذا النوع تحديداً من جرائم القتل، وكيف أنه أصبح سبباً لإغلب جرائم القتل التى تحدث مؤخراً، فمن الناحية النفسية يمكننا أن نعرفه على أنه وسواس قهري او حالة سيكولوجية تتميز بوجود أفكار غير قابلة للتفسير، يحدثنا الدكتور: يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة عن أن تلك الحالة التى تصيب الشخص قد تكون جراء أمور متعددة، من الممكن أن يكون الشخص شكاك بطبعه إلى حد كبير، يشك فى تصرفات الغير، أو أن يقل مؤشر الثقة إيزاء الآخرين حوله، ومن الممكن أن يكون ذلك الشخص طبيعياً جداً لكن تصرفات الشخص المقابل هى التى تدفعة للشك، وفى تلك الحالة لا يعتبر الشك مرض نفسى، إنما هى أمور عارضة جراء تعاملنا مع الواقع المحيط بنا، وهو يختلف من شخص لأخر، على حسب البيئة التى يعيش فيها، وهناك من يصاب بمرض عضوى، وهو ما نطلق عليه "ضلالات الشك" وهى بمعنى اليقين التام والراسخ والمعتقد الثابت، أن هناك مؤامرة ما تدبر ضده، أو أن هناك خيانة زوجية، أو مثلاً اتفاق أحد الأشخاص ضده، او أنه دائما موقع إتهام وربية، وأن اليقين التام بتلك الأمور يكون جراء خلل عقلي نتيجة تغيرات فى كيميا المخ ولا يمكن تصحيحه بالحجة أو المنطق أو حتى الواقع، وأنه لابد من العلاج الدوائي ، بل ويتطلب الأمر أحياناً إلى جلسات بالكهرباء.