تعرضت جماعة الإخوان المسلمين لانتقادات واسعة بسبب موقفها من أزمة الفيلم المسيء للنبى صلى الله عليه وسلم! ثمة آراء تقول إن الجماعة "اختفت" تماما من المشهد.. ولم "تدافع" عن عرض الرسول.. فيما ظهرت تيارات سياسية مدنية لتتمدد وتملأ الفراغ الذى تركه الإخوان لأسباب مازالت ملتبسة على البعض. هذه المرة.. حدث اصطفاف "علماني" للزود عن النبى صلى الله عليه وسلم حتى إن بعض القنوات الفضائية التى تتبنى رؤى مناهضة للإسلاميين عموما، كانت تنافس قناة الناس والحافظ والرحمة، فى تقديم مواد إعلامية "دينية".. وشرعت فى الدخول طرفا فى سباق "المزايدة" على الإسلام ومحاولة انتزاع "الشرعية الدينية" من جماعة الإخوان "المتكاسلة"، بحسب تقديرات خصومها السياسيين. والحال أن الكلام عن موقف الجماعة، يأتى فى إطار "التصيد" أيضا.. ولعله يذكرنا بالحوار الذى أجرته صحيفة الحياة اللندنية عام 2007 مع عصام العريان، وسألته عن موقف الجماعة، من كامب ديفيد، حال وصلت إلى السلطة. العريان فى ذلك الوقت قدم إجابة على سؤال افتراضي، يفترض وجود الإخوان فى الحكم، ومن الطبيعى أن تكون الإجابة متسقة مع المسؤولية السياسية لمن فى الحكم فعلا، وليس لمن فى صفوف المعارضة، وجاءت إجابة العريان فى هذا السياق.. باحترام الاتفاقيات الدولية التى أبرمتها مصر. الإجابة تم اصطيادها، وتعرضت الجماعة، حينها لحفلات تعذيب إعلامية غير مسبوقة، وتم تقديمها فى صورة الجماعة "المطبعة" مع الكيان الصهيوني. هذه الأيام.. الإخوان فى الحكم فعلا.. ومن الطبيعى أن يتصرف قادتها من منطلق "رجال دولة" مسؤولين عن شعب ومصالحه.. وليس من منطق "رجال معارضة" مسؤولين عن حزب سياسى فقط أو عن "خيمة" فى ميدان التحرير.. ولعل هذا الوعى بتبدل المنازل السياسية.. هو الذى حمل الجماعة على أن تكون أكثر هدوءا وحكمة من مواقفها ومن خبراتها السابقة مع مواقف مشابهة، حدثت قبل أن تتولى حكم البلاد رسميا.. ولعل هذا الهدوء "الحرفي" هو الذى جعلها أقل "توهجا" على النحو الذى ترك انطباعا عاما باختفائها وهروبها من المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والدينية تجاه النبى صلى الله عليه وسلم. البعض حتى اللحظة لم يدرك أن الجماعة ليست فى المعارضة الآن.. وإنما فى السلطة.. ولذا فإنه من الطبيعى أن تختفى تماما من ميدان التحرير.. ومن الشارع ومن كل الفعاليات الاحتجاجية على أداء من الحكم الآن.. فليس من المتوقع أن يتظاهر الرئيس مرسى ضد نفسه.. ولا جماعته "الإخوان" ضد نفسها.. هذه هى الحقيقة الغائبة عن الوعى السياسى المصرى على الأقل فى الشهور القليلة التى تلت "صدمة" نتائج الانتخابات الرئاسية. [email protected]