في عام 2007 سُئل د. عصام العريان في "الحياة اللندنية"، عن موقف الجماعة من اتفاقية "كامب ديفيد" حال وصل الإخوان إلى السلطة؟! السؤال في ذلك الوقت كان من قبل "الكمائن الصحفية" وأثارت إجابة العريان عليه جدلا كبيرا وخصوم الحركة تصيدوه ل"التسلية" على الإخوان والإساءة إليها. في حينها كتبت ناصحا الجماعة بعدم الإجابة على الأسئلة الافتراضية، لأنها عادة ما تكون "شركا" و"تصيدا".. ونشرت ما قلته في كتابي "الإخوان والجماعة الوطنية في مصر". بعدها رفض العريان الإجابة على أسئلة مشابهة بإحدى الندوات، وكان واضحا أنه عمل بالنصيحة حيث وصف الأسئلة ب"الافتراضية" التي لا نفع من الإجابة عليها. كان ذلك قبل الثورة، ولم يكن متوقعا أبدا أن تصل الجماعة أو غيرها من القوى التي توصف ب"المدنية" إلى الحكم.. وبالتالي فإن مثل هذه الأسئلة إن لم تكن "عبثية" فهي "توريطية" ولا نفع لها إلا استدراج الإخوان إلى حيث يتمنى لها خصومها الإيديولوجيون. اليوم الدنيا تغيرت.. وبات للإخوان وللإسلاميين أحزاب سياسية، ومهمة الأخيرة هو التنافس على السلطة، وبالتالي فإن سؤال "السلام" مع الكيان الصهيوني لم يعد "كمينا" وإنما موقف وبرنامج سياسي ينبغي الإجابة عليه بوضوح ولا يجوز التهرب منه. عام 2007 أجاب العريان على السؤال بشكل يتسق مع "الفرضية" التي افترضها الصحفي..وهو وصول الإخوان إلى الحكم.. في تلك اللحظة كان العريان يعي بأنه سيتكلم بافتراض أنه "رجل دولة" وليس "زعيما معارضا".. والأول مسئول عن شعب والثاني مسئول عن "حزب" أو عن جماعة سياسية.. وشتان بين المسئولتين. قال آنذاك "سنحترم الاتفاقية".. وهاجت بعدها الدنيا، وقالوا : الإخوان "تطبيعيون"!! وسددت الجماعة حينها فاتورة الإجابة على سؤال افتراضي في بيئة سياسية وأمنية على المستويين الإقليمي والدولي، يستحيل معها أن نرى الإخوان على قمة السلطة وفي موقع صناعة السياسات الرسمية للدولة. يوم أمس 8/10 عام 2011 سُئل في "الشروق" القيادي الإسلامي وضابط المخابرات السابق عبود الزمر على ذات السؤال، وأجاب تقريبا بذات الإجابة التي صدرت من العريان عام 2007، غير أنها لم تحدث دويا شبيها ب"زلزال" العريان..لأن التوقيت اختلف .. والقوى السياسية "تداولت".. وبات الباب مشرعا أمام الإسلاميين ليكونوا شركاء في الحكم.. وهي لم تعد فرضية..وإنما توقعات أقرب ملامسة لحقيقة المستقبل السياسي في مصر بعد الانتخابات التشريعية المقررة خلال الشهور القليلة القادمة. إجابات السياسيين الإسلاميين.. مقارنة بغيرهم من السياسيين الناصريين واليساريين والليبراليين.. تعتبر هي الأنضج والأكثر قربا ل"الواقيعة السياسية" وإدراكا بدقة وحساسية اللحظة..حيث تظل عيون المجتمع الدولي معلقة ومدققة في كل ما يصدر من القوى المرشحة لقيادة البلد بعد الثورة.. وما إذا كانت مصر بعد يناير ستمسي "دولة مسئولة" أم دولة يحكمها المزايدون والغوغائيون.. والطبقة السياسية غير المسئولة؟ إجابة عبود الزمر يوم أمس وهو شخصية "معيارية" يمكن القياس عليها تشير إلى أن مجتمع النخبة وبالمران السياسي والديمقراطي سيكون أفضل بكثير بإذن الله تعالى. [email protected]