ما زال السؤال: (علي فين؟) يتردد علي ألسنة ملايين المواطنين، والقاسم المشترك الأعظم في الإجابات عليه هو (لا أعرف!) ولأن السؤال مهم والإجابة عنه بالغة الصعوبة فقد سعي الزملاء الصحفيون والإعلاميون إلي من يظنون أن لديهم الإجابة التي تختلف عادة من واحد إلي آخر نظراً إلي اختلاف وجهات النظر التي تعبر عن آراء الأحزاب التي ينتمون إليها، والبرامج التي يخوضون بها المعارك والانتخابات العديدة المنتظرة. لقد قرأت، وشاهدت، الكثير من هذه الحوارات التي إن اختلفت فيما بينها إلاّ أن أصحابها يتنافسون علي إقناع الرأي العام بأنهم يعرفون الإجابة الصحيحة عن سؤال: (إحنا رايحين فين؟). الأمثلة كثيرة ومتعددة منها ماقاله الدكتور عصام العريان أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ونائب رئيس حزب (الحرية والعدالة) في إجاباته عن أسئلة الزميلين: محمد الفقي وأحمد داود في صحيفة (الأخبار). وجه الزميلان محمد الفقي وأحمد داود أسئلة مباشرة لاستيضاح حقيقة ما قيل ويقال عن الجماعة، وعن حزبها الذي أصبح بعد ثورة 25 يناير 2011معلناً لأول مرة.. بعد أن كان محظوراً حتي ك :(جماعة) منذ بداية سنوات ثورة 23يوليو1952. عن سؤال: (هناك اتهامات لحزب الحرية والعدالة ولجماعة الإخوان المسلمين بأنهما علي علاقة سرية بالمجلس العسكري). أجاب د. عصام العريان بالنفي وأكد أن الإخوان يتعاملون دائماً مع كل فئات المجتمع باستثناء: الجيش والشرطة والقضاء . وكانت لهم صلات بالشرطة لانهم كانوا يقبضون عليهم، وأيضاً بالقضاة لأنهم كانوا يحكمون عليهم. ولم تكن هناك علاقة لهم بالجيش..الا من خلال بعض القضايا البسيطة التي تم محاكمتنا فيها امام القضاء العسكري خاصة ان النظام السابق لم يسمح لهم ولا لغيرهم ان يكونوا علي علاقة بالقوات المسلحة. وأضاف د. عصام العريان قائلاً: (إن الجماعة والقوات المسلحة نفيتا وجود تلك العلاقة، فكل ما جمعنا بالمجلس العسكري هو لقاءات عادية في اطار لقاءاتهم بقيادات الاحزاب). ولم يقتنع الزميلان مندوبا (الأخبار) بهذا الرد، فتساءلا: (رغم ذلك.. يقال إنكم أصبحتم الآن الذراع الشعبي للسلطة، مثلما كان الحزب الوطني المنحل، الذراع الشعبي للنظام السابق؟)، وهو ما أثار رفض نائب رئيس حزب الإخوان المسلمين قائلاً: (هذا الافتراء ناتج عن تصور قديم للتجارب السابقة بانه يجب ان تكون هناك قوة شعبية لمساندة القوة الحاكمة). الرد لم يكن كافياً: لا للزميلين المحاورين ولا لقارئ مثلي وأحسنا أنهما أوضحا إن (الكثيرين ربطوا بين علاقة الإخوان بالمجلس العسكري، وبين نفس علاقتهم بالضباط الاحرار إبان ثورة يوليو عام 52). فأجاب د. عصام العريان معترفاً، ومبرراً.. في الوقت نفسه: (بالفعل الاخوان كانوا جزءا من تنظيم الضباط الاحرار ولكن الحقيقة الواقعة ان عام 2011يختلف عن عام 2591، فالشعب بكل مكوناته في عام 2011 هو الذي قام بالثورة، في حين أن الجيش هو الذي قام بثورة 1952. ولا أحد يستطيع المقارنة بين الثورتين. وعلي العموم.. نحن ضد بقاء المجلس العسكري في ادارة البلاد.. كما أننا ضد النظام الذي حدث عام 52 بأن يحكم الجيش من وراء ستار). الإجابة جاءت غامضة.. وهو ما تطلب من الزميلين البارعين المزيد من الاستفسار، فتساءلا عما ينتظره الإخوان المسلمين حزباً والجماعة قبله الآن من المجلس العسكري؟! وجاءت الإجابة من نائب رئيس الحزب الإخواني بأن علي المجلس العسكري أن: (يفي بوعوده، ويقوم بتسليم السلطة إلي المدنيين.. وفقا لما جاء بالاعلان الدستوري). .. وللحديث بقية.