أثار د. عصام العريان الجدل مجددًا، بشأن اتفاقية "كامب ديفيد".. حينما قال إن المس بالمعونة الأمريكية، يعطى لمصر الحق فى مراجعة اتفاقيات السلام مع الكيان الصهيونى، باعتبار "المعونة" جزءًا منها. ويبدو أن صديقنا العزيز د. عصام، موعود ب"مشاكل" كامب ديفيد.. وسبق له أن تعرض للتجريح عام 2007 عندما أدلى بتصريحات بشأنها لجريدة الحياة اللندنية.. وفى أكتوبر الماضى كتبت مقالاً على الموقع الإلكترونى للجريدة معقبًا على إجابات ل عبود الزمر عن أسئلة "الشروق" بشأن ذات الملف.. رأيت أنه من الأهمية إعادة نشره اليوم وفى النسخة الورقية.. يقول المقال: فى عام 2007 سُئل د. عصام العريان فى "الحياة اللندنية"، عن موقف الجماعة من اتفاقية "كامب ديفيد" حال وصل الإخوان إلى السلطة؟! السؤال فى ذلك الوقت كان من قبل "الكمائن الصحفية" وأثارت إجابة العريان عنه جدلا كبيرًا وخصوم الحركة تصيدوه ل"التسلية" على الإخوان والإساءة إليها. كان ذلك قبل الثورة، ولم يكن متوقعًا أبدا أن تصل الجماعة أو غيرها من القوى التى توصف ب"المدنية" إلى الحكم.. وبالتالى فإن مثل هذه الأسئلة إن لم تكن "عبثية" فهى "توريطية" ولا نفع لها إلا استدراج الإخوان إلى حيث يتمنى لها خصومها الأيديولوجيون. اليوم الدنيا تغيرت.. وبات للإخوان وللإسلاميين أحزاب سياسية، ومهمة الأخيرة هو التنافس على السلطة، وبالتالى فإن سؤال "السلام" مع الكيان الصهيونى لم يعد "كمينًا" وإنما موقف وبرنامج سياسى ينبغى الإجابة عنه بوضوح ولا يجوز التهرب منه. عام 2007 أجاب العريان عن السؤال بشكل يتسق مع "الفرضية" التى افترضها الصحفى.. وهو وصول الإخوان إلى الحكم.. فى تلك اللحظة كان العريان يعى بأنه سيتكلم بافتراض أنه "رجل دولة" وليس "زعيمًا معارضًا".. والأول مسئول عن شعب والثانى مسئول عن "حزب" أو عن جماعة سياسية.. وشتان بين المسئولتين. قال آنذاك "سنحترم الاتفاقية".. وهاجت بعدها الدنيا، وقالوا: الإخوان "تطبيعيون"!! وسددت الجماعة حينها فاتورة الإجابة عن سؤال افتراضى فى بيئة سياسية وأمنية على المستويين الإقليمى والدولى، يستحيل معها أن نرى الإخوان على قمة السلطة وفى موقع صناعة السياسات الرسمية للدولة. يوم 8/10 عام 2011 سُئل فى "الشروق" القيادى الإسلامى وضابط المخابرات السابق عبود الزمر على ذات السؤال، وأجاب تقريبا بذات الإجابة التى صدرت من العريان عام 2007، غير أنها لم تحدث دويًا شبيهًا ب"زلزال" العريان..لأن التوقيت اختلف .. والقوى السياسية "تداولت".. وبات الباب مشرعًا أمام الإسلاميين ليكونوا شركاءً فى الحكم.. وهى لم تعد فرضية.. وإنما توقعات أقرب ملامسة لحقيقة المستقبل السياسى فى مصر بعد الانتخابات التشريعية. إجابات السياسيين الإسلاميين.. مقارنة بغيرهم من السياسيين الناصريين واليساريين والليبراليين.. تعتبر هى الأنضج والأكثر قربًا ل"الواقعية السياسية" وإدراكًا بدقة وحساسية اللحظة.. حيث تظل عيون المجتمع الدولى مدققة فى كل ما يصدر من القوى المرشحة لقيادة البلد بعد الثورة.. وما إذا كانت مصر بعد يناير ستمسى "دولة مسئولة" أم دولة يحكمها المزايدون والغوغائيون.. والطبقة السياسية غير المسئولة؟ [email protected]