"البلطجة، التسلط، الترهيب، الاستقواء".. أسماء مختلفة للتنمر الذي بدأ يغزو المجتمع المصري، لاسيما بعد أن شهدت الفترة الأخيرة ظهور حالات تنمر عديدة داخل المدارس سواء بسبب لون البشرة أو الغيرة التي انتهت في بعض الأحيان إلى الانتحار. ويُعد التنمر أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر عن عمد وبطريقة متكررة، سواء وجهًا لوجه، أو عبر الإنترنت، بدءًا من الأذى الجسدي إلى الإساءة اللفظية والنفسية، التي يمكن أن تؤدي إلى الإقصاء، والاكتئاب، وأحيانًا الانتحار. وفي الأسبوع الماضي، انتحر طفل بشنق نفسه على شجرة بأرض زراعية بمنطقة العياط؛ إثر تعرضه للتنمر من أصدقائه ومعارف وكشفت تحقيقات النيابة أن الطفل المتوفى "إسلام. م" ( 13 عامًا) كان "يعاني أزمة نفسية من مدة، سببها معاناته من اللعثمة في الكلام، ما جعله عرضة للتنمر من أصدقائه ومعارفه". وأضافت التحقيقات، أن "المتوفى انعزل عمن حوله حتى لا يتعرض للتنمر والسخرية من طريقة كلامه، إلا أن شقيقه سخر منه مؤخرًا، ما دفعه للخروج من المنزل والتوجه لأرض زراعية مجاورة، وشنق نفسه بشجرة موجودة بها". وأكدت أسرته في التحقيقات أنها "حاولت علاج الفتى، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، إلى أن فوجئت باختفائه يوم الواقعة، وبالبحث عنه، وجدوه معلقا في شجرة وقد فارق الحياة". وأطلقت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسف مصر"، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، حملة لمحاربة ظاهرة التنمر بين الأطفال بالمدارس. وقالت النائبة مارجريت عازر، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب, إن "ظاهرة التنمر ناتجة عن ثقافة المجتمع, وهي موجودة منذ الأزل دون معرفة نتائجها وأضرارها على الشخص ومن دون الشعور بالآخرين". وأضافت ل"المصريون"، أنه "لا توجد عقوبة أو تشريع يجرم ظاهرة التنمر، لعدم إمكانية إثبات هذا، والقانون لا يعاقب إلا وفق أدلة مادية وليست معنوية". وأوضحت أنه "لابد من إلقاء الضوء على الظاهرة من خلال الإعلام والخطاب الديني والتوعية المستمرة بمخاطر التنمر؛ لأنها تعتبر اغتيالًا معنويًا, فلابد من وجود معاقبة للشخص حتى تختفي هذه الظاهرة من المجتمع". من جانبه، قال المحامي أيمن محفوظ, إن "التنمر هو إيقاع الأذى بنفسية المجني عليه قبل الإيذاء البدني، ويعد جريمة سلوكية وأخلاقية قبل أن تكون جريمة جنائية". وأضاف ل"المصريون": "التنمر ظاهرة تعاني منها الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع، والأولى بالحماية وقانون العقوبات يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه، ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس؛ بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وترتب على هذا التمييز إهدار لمبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة الاجتماعية أو تكدير للسلم العام". وأشار إلى أن "التنمر له أشكال عدة، فقد يكون باستعراض القوة بحمل أسلحة لترويع المجني عليه، فهنا تصل العقوبة إلى سنة إذا قام بها الجاني منفردًا أو تصل العقوبة إلى 5 سنوات إذا كان بالاشتراك مع آخرين طبقًا لنص المادة 375 و375 مكرر المعدلة بالقرار بقانون رقم 10 لسنة 2011". ولفت إلى أن "محاربة التنمر قبل تفعيل القانون وبشدة على الجناة؛ تكون من خلال غرس أصول الدين السليمة، ومبادئ الرحمة والإنسانية في نفوس أطفالنا وشبابنا، وترسيخ مبادئنا لأننا جميعًا إخوة في الإنسانية، وبالطبع معاقبة المتنمر بأشكال العقاب سواء الجنائي أو العقوبة الإدارية إذا كانت لها محل.