دمج وتمكين.. الشباب ذوي التنوع العصبي يدخلون سوق العمل الرقمي بمصر    زيادة متوقعة في إنتاج اللحوم الحمراء بمصر إلى 600 ألف طن نهاية العام الجاري    حالة الطقس اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محافظه المنيا    أذان الفجر اليوم السبت13 ديسمبر 2025.. دعاء مستحب بعد أداء الصلاة    محكمة بوليفية تقرر حبس الرئيس السابق لويس آرسي احتياطيًا 5 أشهر بتهمة اختلاس أموال عامة    قفزة تاريخية.. مصر تقترب من الاكتفاء الذاتي للقمح والأرز    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    بين مصر ودبي والسعودية.. خريطة حفلات رأس السنة    بدأ العد التنازلي.. دور العرض تستقبل أفلام رأس السنة    الاتحاد الأوروبي يواصل دعم أوكرانيا ويوافق على تجميد أصول روسيا لأجل غير مسمى    د.هبة مصطفى: مصر تمتلك قدرات كبيرة لدعم أبحاث الأمراض المُعدية| حوار    ترامب يثمن دور رئيس الوزراء الماليزى فى السلام بين كمبوديا وتايلاند    زعيمة المعارضة الفنزويلية تؤيد زيادة الضغط على مادورو حتى "يدرك أنه يجب عليه الرحيل"    بعد الخروج أمام الإمارات، مدرب منتخب الجزائر يعلن نهايته مع "الخضر"    ياسمين عبد العزيز: كان نفسي أبقى مخرجة إعلانات.. وصلاة الفجر مصدر تفاؤلي    تقرير أممي: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية يبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2017 على الأقل    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم بزراعى البحيرة    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية خلية تهريب العملة    ياسمين عبد العزيز: ما بحبش مسلسل "ضرب نار"    سلوى بكر ل العاشرة: أسعى دائما للبحث في جذور الهوية المصرية المتفردة    أكرم القصاص: الشتاء والقصف يضاعفان معاناة غزة.. وإسرائيل تناور لتفادي الضغوط    محمد فخرى: كولر كان إنسانا وليس مدربا فقط.. واستحق نهاية أفضل فى الأهلى    وول ستريت جورنال: قوات خاصة أمريكية داهمت سفينة وهي في طريقها من الصين إلى إيران    قرار هام بشأن العثور على جثة عامل بأكتوبر    بسبب تسريب غاز.. قرار جديد في مصرع أسرة ببولاق الدكرور    محمود عباس يُطلع وزير خارجية إيطاليا على التطورات بغزة والضفة    كأس العرب - مجرشي: لا توجد مباراة سهلة في البطولة.. وعلينا القتال أمام الأردن    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    الأهلي يتراجع عن صفقة النعيمات بعد إصابته بالرباط الصليبي    الأهلي يتأهل لنصف نهائي بطولة أفريقيا لكرة السلة سيدات    فرانشيسكا ألبانيزي: تكلفة إعمار غزة تتحملها إسرائيل وداعموها    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    ياسمين عبد العزيز: أرفض القهر ولا أحب المرأة الضعيفة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجة نارية بالرصيف عند مدخل بلقاس في الدقهلية    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    روشتة ذهبية .. قصة شتاء 2025 ولماذا يعاني الجميع من نزلات البرد؟    عمرو أديب ينتقد إخفاق منتخب مصر: مفيش جدية لإصلاح المنظومة الرياضية.. ولما نتنيل في إفريقيا هيمشوا حسام حسن    بعد واقعة تحرش فرد الأمن بأطفال، مدرسة بالتجمع تبدأ التفاوض مع شركة حراسات خاصة    سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل لهذا المستوى    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر بشأن تزايد الطلب على موارد المياه مع ازدياد الندرة    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع والواحد الأحد بمدينة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية    غلق مزلقان مغاغة في المنيا غدا لهذا السبب    لجنة المحافظات بالقومي للمرأة تناقش مبادرات دعم تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاقة قوية للمرحلة الثانية لبرنامج اختراق سوق العمل بجامعة سوهاج |صور    محافظ أسوان يأمر بإحالة مدير فرع الشركة المصرية للنيابة العامة للتحقيق لعدم توافر السلع بالمجمع    اسعار الفاكهه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    سويلم: العنصر البشري هو محور الاهتمام في تطوير المنظومة المائية    هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    ضبط المتهمين بتقييد مسن فى الشرقية بعد فيديو أثار غضب رواد التواصل    نقيب العلاج الطبيعى: إلغاء عمل 31 دخيلا بمستشفيات جامعة عين شمس قريبا    بتوجيهات الرئيس.. قافلة حماية اجتماعية كبرى من صندوق تحيا مصر لدعم 20 ألف أسرة في بشاير الخير ب226 طن مواد غذائية    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    عاجل- الحكومة توضح حقيقة بيع المطارات المصرية: الدولة تؤكد الملكية الكاملة وتوضح أهداف برنامج الطروحات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستثمار فى العقارب.. سم بالملايين يصطاده أطفال ب«ملاليم»


لتر سم العقرب الأصفر ب13 مليون دولار
تكلفة المشروع لا تتجاوز 20 ألف جنيه والربح 12 ألفًا شهريًا
الوادى الجديد والتجمع الخامس وأبو رواش رواد صناعة سم العقارب فى مصر
أوروبا وأستراليا أسواق عطشى للعقارب المصرية
يُستخدم كطب بديل لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدى وسرطان الدماغ والحبل الشوكى وأمراض التصلب
أطفال العقارب: اليوم ب50 جنيهًا.. و«متعودين على كده».. طفل: «بطلع مصروفى من حاجة بحبها ومش بخاف»
على الرغم من أن لفظ "العقرب" ارتبط في الأذهان بلدغته السامة، وأصبح مصدر فزع للناس، ويتركب السم من إنزيمات ومركبات بعضها تسبب الآلام المبرحة للضحية، ومركبات أخرى تؤثر على الجهاز العصبي، حيث تخدر الجسم وتسبب لهُ الاضطراب في التنفس وهبوط في القلب.
إلا أنه وكما أنه يحمل السم القاتل في جوفه، فإنه يمنح الحياة لآخرين، بعد أن أصبح سم العقرب مصدرًا للشفاء من بعض الأمراض، وزاد الإقبال على الاستثمار فيه، وأضحى مصدر ثراء لكثير من الشباب الذين يقومون باستخلاص سمه، وبيعه بأسعار مرتفعة، وهناك تجارب سابقة لمثل هذه الاستثمارات في بعض الدول العربية مثل المغرب والسودان التي يقوم فيها الأهالي بجمع العقارب، واستخلاص السم وتصديره لأوروبا، دون وجود مزارع متخصصة.
وفي مصر، يوجد العديد من مزارع تربية العقارب، حيث توجد مزرعة في التجمع الخامس، ومزرعتان بالوادي الجديد، ومزرعة في "أبو رواش"، ولا تتجاوز تكلفة إنشاء مزرعة لتربية العقارب 20 ألف جنيه، ولا تحتاج إلى مساحة كبيرة للتربية، فمن الممكن البداية بغرفة واحدة.
ويعتبر سم العقارب أغلى سائل في العالم، حيث يبلغ ثمن الجالون الواحد منه، أي 3.7 لتر حوالي 39 مليون دولار، أي 663 مليون جنيه مصري.
وبحسب المراكز البحثية الطبية، فجميع العقارب باختلافها التي تقارب ألف نوع، جميعها صالحة للاستخدامات الطبية عن طريق مراكز الأبحاث المعتمدة في الدول المتقدمة.
أنواع العقارب وأسعارها
يقول الدكتور أحمد الخواجة، صاحب مفرخة لتربية واستخلاص السموم من العقارب في منطقة "أبو رواش"، ل"المصريون": "البيئة المصرية غنية بكل العقارب التي تنتشر في كثير من الأماكن؛ مثل الفيوم وبورسعيد والجيزة والوادي الجديد، ويتم تصدير سمومها إلى الخارج لاستخدامه كعلاج لكثير من الأمراض".
يضيف: "أتعامل مع معامل في بلجيكا تقوم بشراء العقارب مني لاستخلاص سمومها، وهو ما دفعني إلى التفكير في إقامة هذا المشروع وتصديرها مجففة، خاصة أن أسرتي متخصصة في مجال صيد العقارب والثعابين منذ قرون".
وموسم تصدير الزواحف في مصر – كما يشير الخواجة - يبدأ من أول شهر أبريل، ويستمر حتى شهر سبتمبر، وهناك 7 أنواع رئيسية من العقارب وهى "سكوربيو موراس"، وهو الأقل سمًا، وسعره يتراوح بين 40 و100 جنيه، و"باى كلر" ويتراوح سعره بين 70 و120 جنيهًا، و"كريسكودا" وهو الأشد سمًا والأعلى سعرًا، وأسعاره تتراوح بين 180 و250 جنيهًا، ويستخدم لاستخراج السم وبيعه لشركات الأدوية.
أما نوع الجنزير، فيبدأ سعره من 30 جنيهًا ويصل إلى 80 جنيهًا، وعقرب القزم يباع بأسعار تتراوح بين 50 إلى 100 جنيه، وعقرب بلطيم يباع بأسعار تبدأ من 25 وتصل إلى 50 جنيهًا، والعقرب الأصفر، المعروف أيضًا باسم أسوان وفلسطين، وهو الأكثر مبيعًا في الأسواق، ويباع بأسعار تتراوح بين 10 إلى 25 جنيهًا.
وعلى عكس نظرة الخوف التي ينظر الكثيرون إلى العقرب وتصيبهم بالفزع والرعب، فإن الخواجة بحكم عمله لا يخاف من التعامل معه؛ لأنه يتعامل معها منذ صغره، إلى جانب أن هناك طريقة علمية للإمساك بها، والتعامل معها من خلال "جفت حديد"، والإمساك بذيلها الخلفي، خاصة أن العقرب كائن دفاعي وليس هجوميًا، بينما يقوم بعض شباب الذي يعمل في تربية العقارب بقطع إبرة السم، لتكون العقارب آمنة في البيوت".
أما غذاء العقارب، فهي "تتغذى على الحشرات مثل الصراصير والدود، وتتم تربيتها داخل علب بلاستيك أو أحواض زجاجية مفروشة بالرمل، وتوضع في مخبأ عبارة عن حجر أو مكان يختبئ فيه العقرب، ولأن العقارب صحراوية؛ لذلك لا تحتاج إلى الرطوبة، وتستمد المياه عن طريق الحشرات التي تتغذى عليها"، بحسب "الخواجة".
ويصل العقرب إلى عمر البلوغ خلال 8 أشهر تقريبًا من مولده، ويكون قادرًا على التزاوج، وتبقى الصغار على ظهر والدتها خلال أول 3 أسابيع من مولدها، لتنزل بعد ذلك وتنطلق في البيئة، وأنثى العقرب تلد ما يقرب من 30 إلى 70 عقربًا في المرة الواحدة، كما يشير الخواجة.
ويقول صلاح طلبة، والد الدكتور أحمد، صاحب حديقة "حيوان طلبة" ل"المصريون": "دورة حياة العقرب من 6 أشهر إلى عام، وينتج العقرب السم بعد أول أسبوع من التربية، وبعد شهر من تربيته ينتج 1000 عقرب نحو جرام من السم يتم بيعه لمراكز طبية ودوائية متخصصة، وكذلك للباحثين والطب الشرعي وشركات الأدوية ومعامل تصنيع الأمصال خارج مصر".
"وجرام سم العقرب سعره يصل من 7 إلى 12 ألف جنيه، وإذا تم بيعه خارج مصر يباع الجرام الواحد ب3 آلاف يورو؛ مما يجعله مشروعًا مربحًا ولا يحتاج إلى رأسمال كبير"، كما يقول طلبة.
ويوضح أنه "يجب حفظ السم في درجة حرارة 20 تحت الصفر عن طريق وضعه في ثلاجات نيتروجين إذا كانت متوفرة أما إذا كانت غير متوفرة يمكن وضعها في "ديب فريزر".
الوادى الجديد
في الوادي الجديد، افتتح المحافظ اللواء محمد الزملوط، أول مشروع لإنتاج واستخلاص سم العقرب وزراعة النباتات الطبية والعطرية بقرية الموهوب في الداخلة على مساحة 200 فدان، بتكلفة تقديرية 10 ملايين جنيه في أواخر العام الماضي.
ويقول المهندس أحمد أبو السعود، صاحب المشروع، إنه على بالرغم من عمله في مجال البترول 17 عامًا، إلا أنه قرر تركه والعمل في إنتاج سم العقارب المنتشرة بكثرة في الوادي، وتمثل خطرًا على المواطنين لكثرتها، خاصة بعد الدراسات التي أجراها التي تثبت أن هذا النوع من السموم هو الأغلى في العالم، لذلك فكر في إقامة مزرعة متخصصة في اصطياد العقارب وجمعها واستخلاص السم منها، والاستفادة منها محليًا وكذلك تصديرها.
وأشار إلى أن "العقرب الأصفر هو الأشهر في مصر خاصة في الواحات الغربية، وسم هذا النوع من العقرب يباع بالجرام، ويصل ثمن اللتر حسب البورصات العالمية إلى أكثر من 13 مليون دولار، ويعتبر سم العقارب هو أغلى أنواع السموم على مستوى العالم؛ نظرًا لصعوبة الحصول عليه".
وأكد أنه على الرغم من العديد من الصعوبات مثل توفير الأرض، وجمع العقارب وتغذيتها من خلال تربية النحل لتتغذى عليها، وكذلك استخلاص السم، إلا أنه مصمم على الاستمرار في التجربة، متوقعًا لها النجاح بتوفيق الله.
وهذا ليس المشروع الوحيد بالوادي الجديد، حيث إنه – والكلام ليوسف مرزوق، رئيس مركز باريس بالوادي الجديد- جارٍ إنشاء مزرعة للعقارب، لإنتاج سم العقرب بمركز باريس على مساحة 1000 متر مربع.
ويضم المشروع مزرعة للعقارب، ومعمل تحليل لاستخراج سم العقرب، ويوفر العديد من فرص العمل لشباب مركز باريس.
الجرام ب 12 ألف جنيه
كما يعمل في هذه المهنة الوليدة محمد حمدي بوشتة، وأحمد رجب العشري، واللذان يملكان مزرعة متخصصة في تربية العقارب والثعابين وتفريخ العقارب واستخلاص السموم منها، ويتم بيع الجرام الواحد من السم بسعر 12 ألف جنيه.
يقول "بوشتة": "المزرعة تضم 53 ألف عقرب و200 ثعبان سام، وقد تعرضت لنحو 52 لدغة من العقارب حتى اعتدت عليها، ولم تعد تؤثر بي".
يوضح: "لاستخراج سم العقارب يجب أن يكون الشخص على دراية بكيفية تربية العقارب والتعامل معها، وأن يكون ملمًا بأنواعها وأماكن تواجدها، وكيفية تجهيز المزرعة والأدوات التي يجب استخدامها ومعرفة كيفية تغذيتها".
ويؤكد أن "المشروع لا يحتاج إلى مساحة كبيرة، ومن الممكن أن تكون البداية بغرفة واحدة في مكان آمن ومجهزة ب"استاندات" وأجهزة استخلاص السم والتجفيد (تجفيف الأشياء القابلة للتلف)".
وأشار إلى أن "العقارب تتغذى على نوع من أنواع الديدان اسمه "ميل وورم"، وسعر الكيلو منه ب1500 جنيه"، لكنه عالج هذه المشكلة بأن قام بعمل مزرعة موازية للديدان تنتج ال"ميل وورم"، الغذاء الأول للعقارب.
ويحتاج المشروع في البداية إلى 1000 عقرب، تكلفتها 9 آلاف جنيه، مع تجهيز المزرعة وتفريخ الديدان بنحو 7 آلاف جنيه، ويمكن أن يبدأ الشاب المشروع بمبلغ لا يتجاوز 20 ألف جنيه، وفق "بوشتة".
أما العشري، فيقول إن مزرعته عمرها 5 سنوات وتتجاوز استثماراتها نحو 600 ألف جنيه، وتضم أنواع عقارب غير موجودة في دول أوروبا، مشيرًا إلى أن عمر العقرب في الطبيعي من الممكن أن يصل إلى 20 عامًا، لكن داخل المزرعة نعتبره هالكًا من 6 أشهر إلى عام، وبعد الفقد يتم تجفيد العقرب وبيعه، ويستخدم في الإكسسوارات حتى يتم الاستفادة من كل شيء في المشروع.
الطب البديل
على الرغم من أن العقارب ارتبطت بالكراهية والخوف الشديد منها، إلا أنه من الصعب أن تتخيل أن يلجأ إنسان إلى العقرب كي يعالج نفسه، إلا أن الطب الحديث أثبت أنها من العلاجات الناجحة لبعض الأمراض المستعصية.
وأثبت الطب الحديث، أن سم العقرب له استخدامات طبية متنوعة، وحاليًا تستخدم مراكز الأبحاث العالمية سم العقرب الذي تستخرجه في تحضير كثير من الأدوية أبرزها علاج سرطان المخ والروماتيزم وبعض الأدوية للأمعاء وعدد كبير من المضادات الحيوية.
ويحتوي سم العقرب على بروتين فريد، يستخدم هذا البروتين في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض الأمعاء الالتهابية، ومرض التصلب المتعدد، وهي من الأمراض المستعصية التي تصيب كثيرًا من الناس، والآن أصبح بالإمكان علاجها أو التخفيف من أعراضها بفضل سم العقرب، ولدغة العقرب المميتة من الممكن أن تكون دواء يشفي ملايين المرضي، خاصة أن بعض الأبحاث الطبية اكتشفت منه علاجًا لمرض سرطان الدماغ والحبل الشوكي، كما يستخدمه الباحثون في مراكز الأبحاث والسموم والطب الشرعي.
علاج السرطان
يعتبر الدكتور "جيم أولسون"، طبيب أعصاب الأطفال، من رواد الأبحاث الطبية في علاج السرطان، وأبحاثه عن قدرة سم عقرب "ديثستوكر" الإسرائيلي في فصل الخلايا السرطانية عن باقي الخلايا السليمة، وأنه أمل جديد في استئصال الخلايا الخبيثة من الجسم وعلاج السرطان.
وبدأت أبحاثه عن كيفية تلوين الورم وفصله عن الخلايا السليمة حتى لا تتأثر بالاستئصال، وتؤدي إلى إصابتها بالمرض اللعين، وكان دائمًا ما يؤكد أن العقبة الرئيسية في جراحة السرطان هي عدم النجاح في إزالة جميع الخلايا السرطانية أو إزالة خلايا صحية من دماغ المريض، حيث إنه في الوقت الذي تلمع فيه الخلايا السرطانية أثناء التصوير بالأشعة، إلا أنها تبدو مماثلة للخلايا غير المصابة أثناء الجراحة، لذلك فقد ركز كل أبحاثه إلى أسلوب يمكنه من فرز الخلايا السرطانية بالأخرى غير المصابة أثناء العملية، إلى أن عثر على عالم يعمل في جامعة ألاباما يستخدم سم عقرب "ديثستوكر" الإسرائيلي لإصابة الخلايا السرطانية في الدماغ، ويعمل ذلك السم على ربط الخلايا السرطانية ببعضها البعض من دون أن التأثير في الخلايا غير المصابة، وتوصل "أولسن" إلى فكرة أن إضافة أسلوب إضاءة للسم سيسهل كثيرًا على الجراحين لفرز الخلايا السرطانية عن غيرها.
وسمى "أولسن" الكشف الجديد ب"فيوليت" نسبة إلى مريضة تبرعت بدماغها للأبحاث العلمية، وتوصل هو وفريقه إلى بروتين يفرزه سم العقرب ونجح في تحويله إلى ملون للورم، نجح ذلك البروتين في تحييد ورم كامل في فأر و"جمعه" إلى بعضه البعض في غضون ساعة بحيث كان من السهل على العين المجردة التعرف إلى ما ينبغي إزالته وما ينبغي عدم لمسه، فهو أكثر فاعلية بما لا يقل عن 500 مرة من فحص الأشعة.
وستشهد الأيام المقبلة تجارب على البشر؛ لتمنح أملًا جديدًا في علاج أخطر الأمراض علي الأرض.
التهاب الروماتويدى
أظهرت الأبحاث العلمية، أن التهاب المفاصل "الروماتويدي"، يمكن أن يشفى باستخدام سم العقرب.
وقال علماء بكلية بايلور الأمريكية، إن مادة كيميائية موجودة في اللدغة القاتلة في نهاية ذيل العقرب، قادرة على خفض الأعراض المرضية من دون أي آثار جانبية، ويمنح هذا الاكتشاف أملًا في التوصل إلى دواء جديد قد يمنع التورم المؤلم والصلابة على مستوى الركبتين والوركين واليدين، التي يعانيها مرضى الالتهاب المفصلي الروماتويدي.
وتقول البروفيسورة في الفيزياء الجزيئية، "كريستين بيتون"، من كلية بايلور للطب في هيوستن، إن التهاب المفاصل الروماتويدي هو أحد أمراض المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي الجسد، وفي هذه الحالة يؤثر على المفاصل، مما يؤدي إلى الالتهاب والألم، ومع تطور الضرر، تصبح المفاصل غير قادرة على الحركة".
وكشفت التجارب التي أجريت على الفئران أن سم الببتيد "iberiotoxin " الذي استخدم في العلاج وهو واحد من مئات مكونات سم العقرب نجح بوقف تطور المرض، لافتة إلى أنه لا يجب استخدام السم كله؛ لأن ذلك سيكون خطرًا للغاية، في انتظار تطوير دواء يمكنه علاج هذا المرض المزمن الذي لا علاج له حتى الآن.
علاج للروماتيزم
تجربة جديدة لمزارع كوبيّ في فضل العقارب في علاج الألم، حيث اعتاد اصطياد عقرب مرة كل شهر خلال السنوات العشر الماضية كي يلدغ نفسه بسمه، مؤكدًا أن هذا السم يخفف عنه آلام الروماتيزم.
ووجد باحثون في كوبا، أن سم العقرب الأزرق المنتشر في البلد الكاريبي يمتلك خواص مضادة للالتهاب ومخففة للألم، وربما تكون قادرة على تأخير نمو الأورام لدى بعض مرضى السرطان، وبالرغم من أن تلك التجارب ما زالت تحت الاختبار إلا أن شركة "لابيوفام" الكوبية تستخدم حاليًا المنتجات الدوائية لسم العقرب منذ عام 2011، لصنع أحد أدوية الطب التماثلي، ويعرف باسم "فيداتوكس"، الذي يباع في نحو 15 دولة في شتى أنحاء العالم، وتجري حاليًا محادثات مع الصين لطرحه في سوق الدواء هناك.
ويقول المزارع الكوبي "كاساناس"، إنه قام باستخدام عقرب عثر عليه تحت كومة من الأنقاض في أرض يزرعها غرب كوبا: "أضع العقرب في المكان الذي أشعر بألم فيه، وبعد أن أضغط عليه لمدة كافية يلدغه العقرب، مضيفًا أنه يؤلمه لفترة وجيزة، لكن بعد ذلك يهدأ الألم ويختفي ولا أشعر بأي شيء بعد ذلك".
أعراض مختلفة
ويقول الدكتور أحمد الخواجة، المتخصص في تربية واستخراج سم العقارب ل"المصريون": "الإنسان ذو المناعة الضعيفة هو الذي يتأثر بسرعة من لدغة العقرب، أما ذو المناعة القوية فلا يتأثر بلدغته ويعاني فقط من سخونة وأعراض بسيطة".
ويوضح أن "الكثير من الأبحاث الطبية تجرى حول سم العقارب في السوق الطبية بالصين وبلجيكيا وبريطانيا، وأستراليا، والهند، حيث يستخدم في علاج كثير من الأمراض، خاصة أمراض القلب، والأورام والأمراض السرطانية، وتفضل هذه الدول نوع العقارب التي يطلق عليه "لورياس"، الذي ينتشر في الوادي الجديد، حيث تتعدى نسبة البروتين في هذا النوع 80%".
وأضاف: "السعودية على رأس الدول العربية في استيراد السموم حيث تقوم باستيراد كميات كبيرة من العقارب من مصر، كما يتم تحويلها إلى أطباق شهية، إلى جانب استخراج سمها لبعض شركات الأدوية كعقاقير طبية".
مشروع عقارب يبحث عن موظفين
أعلن صاحب مشروع لإنتاج سموم العقارب عن توفير فرص عمل للشباب للعمل معه، قائلًا: "تقوم أبحاث لا حصر لها على سموم العقارب والثعابين بمختلف أنواعها لإنتاج أدوية لعلاج السرطانات ونقص المناعة المكتسب والجلطات وغيرها، ومع ندرة هذه السموم يجعل أسعارها مرتفعة جدًا؛ مما جعلني أقدم على عمل هذا المشروع بقدرة إنتاج 100 جرام شهريًا من سموم العقارب فى بداية الأمر وجارٍ حاليًا التوسع إن شاء الله؛ لإنتاج كمية أكبر قد تصل في المرحلة الثانية إلى 300 جرام، ثم إضافة سموم الكوبرا المصرية إلى المشروع مع التوسع تدريجي، ولدى المكان، ولا يوجد مانع إذا كان هناك من يمتلك خبرة كافية عن هذا المجال بالمشاركة، ولدي رأس المال والمكان والخبرة المكتسبة من البحث والتدريب، أبحث عن شباب للعمل معي في صيد العقارب واستخلاص السم منها".
اصطياد العقارب
"العيل بياخد 50 جنيه في اليوم في صيد العقرب"، يقول الحاج صلاح طلبة، ل"المصريون"، عن كيفية صيد العقارب، مضيفًا أن الأطفال اعتادوا على الحشرات السامة منذ صغرهم، ويعرفون كيف يتعاملون معها وإمساكها دون خوف.
ويوضح: "موسم العقارب يبدأ من شهر أبريل حتى شهر سبتمبر، وهي فترة الإجازة المدرسية أي طوال موسم الصيف، وفى فصل الشتاء تكون هناك صعوبة في الصيد، لأن العقارب تكون في حالة بيات شتوي، لأنها تختبئ في أماكن تختارها للتدفئة، ويتم اصطياد العقارب في جماعات، والصيادون يعرفون أماكن تجمعها، وبالتالي ويكون من السهل اصطيادها".
ويقول "سامح"، أحد صيادي الثعابين والعقارب، إنه يعمل في مهنة صيد الحيوانات، فهي مهنة يرثها من أجداده، ويقوم باصطياد جميع أنواع الزواحف، ولا يشعر بالخوف لأنه تعود عليها ويعرف كيف يصطادها، مؤكدًا أنه سيورث تلك المهنة لابنيه "مريم" و"زياد".
ويقول الخواجة: "نقوم بجمع العقارب من المزارع والقرى التي تنتشر فيها مئات بل آلاف العقارب، ونخرج في رحلات صيد ليلية بالاتفاق مع أصحاب البيوت والأراضى، ولا يوجد أي نوع من الخطورة، خاصة أننا نتبع جميع إجراءات السلامة؛ فنقوم بارتداء أحذية معينة "سيفتى- الأحذية طويلة الرقبة، قفازات، ونقوم بالإمساك بالعقرب بالمساكات، ويكون معنا كشافات فوق بنفسجية، وتساعدنا هذه الكشافات على إظهار العقرب، حتى إذا كان مختبئًا داخل الجحر الخاص به، وتوضع في أوانٍ بلاستيكية مغلقة جيدًا ثم ننقلها للعيش في صندوق زجاجي كبيت للزوجية، وتتكاثر بداخل الصندوق".
وتابع: "وقد نصطاد في المرة الواحدة حوالي 300 إلي 400 عقرب، ولأن التجربة ناجحة ومثمرة بدأ كثير من المزارعين مساعدتنا في جمع العقارب، فهو بالنسبة إليه يتخلص من العقارب التي توجد في أرضه إلي جانب أنه يحقق مكسبًا ماديًا أيضًا".
«مش بنخاف»
أكد أبناء الحاج صلاح وأحفاده، أنهم لا يخافون من صيد العقارب أو الثعابين؛ خاصة أنهم تربوا بينها في بيئتها التي تزخر بها، إلا أنه في وقت الصيد يخرجون في جماعات كبيرة.
ويقول حمادة مهدي صلاح، ل"المصريون": "بالرغم من إني مازالت في التعليم إلا أنني أعمل في هذا المجال"، مشيرًا إلى أن أجداده في البداية كانوا ينظرون إلى الاصطياد على مباهاة بالشجاعة كاصطياد ثعبان أو ثعلب أو عقرب، إلا أنها الآن أصبحت تجارة وتصدر إلى الكثير من البلاد مثل فرنسا وأمريكا وتايلاند.
ويقول صلاح أسامة، نجل أخيه، طالب بالصف الإعدادي ل"المصريون": "أنا مش بخاف من العقارب لأني متعود علي معاملتها، لأن أسرتي كلها بتشتغل في الحاجات دي، وأنا كده بطلع مصروفي من حاجة بحبها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.