هل تأتى هيبة الدين من هيبة الدولة، أم تأتى هيبة الدولة من هيبة الدين؟ تعالوا نحسبها ونسأل: كيف كانت دولة الإسلام الأولى التى ملكت المشرقين والمغربين، وامتدت حضارتها فى أراضٍ شاسعة وقارات واسعة ولا تزال تمتد؟ هل أخذ الإسلام هيبته بقوته؟، لو سلمنا بهذا فكيف انتشر هذا الانتشار الكبير والداعى له فرد واحد لم يكن يملك فى يده سلاحًا ولا جنودًا ولا عتادًا، وهو يقول لأهله وعشيرته فقط: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، ويخاطب عمه أبا طالب، وهو الأقرب إليه نسبًا، وصاحب الفضل عليه - بعد الله تعالى- فى احتضانه وتربيته، والمدافع عنه، والنبى يودعه على فراش الموت: "يا عم قل كلمة أحاجج لك بها أمام الله يوم القيامة". فالقوة التى بنتها الدولة كانت فردًا واحدًا ثم ثانى اثنين ثم ثالث ثلاثة وهكذا.. حتى ازداد العدد وقوى عود الدين واشتدت الدولة الفتية وزادت وامتدت. فلو كان الدين قد أخذ هيبته من هيبة دولة حمته فى البداية لقلنا إن الدين اعتمد على قوة الهيبة، ثم لما زالت هيبة الدولة زال الدين، غير أن الدين الذى بدأ بفرد وامتد ليصل إلى أكثر من مليار ونصف المليار فرد الآن امتد قوته من ربه الذى حماه وحفظه وهيأ له الأسباب لكى يشع النور فى جنبات الأرض ويساهم فى أن يجعل الإنسان ضمن المنظومة الكونية الجميلة التى توحد الله وتسبح بحمده ليل نهار وإن كنا لا نفقه تسبيح الكثير ممن فى كون الله تعالى من مخلوقات الله التى خلقها الله وتعترف بذلك فتشكره تسبيحًا . استوقفنى كلام الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشئون القانونية، هو يرى فى قضية الفيلم المسىء للرسول، أنه لا يمكن أن نظهر غضبنا على الإساءة للإسلام بأن نضرب هيبة الدولة المصرية.. والرجل يرى - وهو صادق فيما يرى -أننا فى منظومة دولية فرضت علينا ولم نصنعها، وهناك طرق سياسية وطرق شعبية للاحتجاج، ولكن لابد أن تأخذ فى اعتبارها أن تكون سلمية كى تكون مسموعة فى العالم، ولم تأخذ على أنها حركات عدوانية إرهابية.. وهو يرى حسب تصريحه لقناة "المحور": "أننا مسئولون عن حماية سفارة أى دولة فى مصر وفقًا للقانون الدولى، ولا يمكن أن نظهر غضبنا على الإساءة للإسلام أن نضرب هيبة الدولة المصرية وقدرتها على تأمين السفارات". وهذا يرجعنى مرة أخرى لحديثى الذى بدأت به عن هيبة الدولة، من المسئول عن تثبيت هيبة الدولة نحن أم الغير؟، بمعنى هل نحن الذين نقدر وبأيدينا أن نجعل للدولة هيبة وقوة وكلمة مسموعة فى العالم فتكون لنا كلمتنا الواعية والمحترمة من قبل الغير والمؤثرة فى الغير؟، وكيف يتم ذلك ومن المنوط به تحقيق ذلك؟.. أما تحقيق ذلك فوجب أن يكون القائم على قيادة الدولة تتحقق فيه الصفتان الأصيلتان "القوى الأمين".. لكل أجير، ولو كان هذا الأجير هو رئيس الدولة؛ لأن رئيس الدولة هو أجير عند الشعب وليس مالكًا للشعب أو إلهًا للشعب. إن الرئيس مرسى لما قالها صريحة من بروكسل: "إن الرسول خط أحمر، ومن يتعدى عليه نعاديه".. فى إدانة واضحة وصريحة للفيلم المسىء وللقائمين عليه وعلى توزيعه، وصل رسالة للعالم كله بأن هيبة الدولة تستمد هيبتها من هيبة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم الذى يستمد هيبته من دينه، وهذا ليس نصرة للدولة فقط بل نصرة لدين الدولة الذى يمثل مقام النبوة فيه أعلى مقام بعد مقام الألوهية.. لا تجد مصريًا مسلمًا على وجه الأرض إلا ويعتبر مقام النبوة أكبر وأعظم وأجل من أن يمسه مستهزئ أو يحوم حوله بهيمى حاقد أو كلب ضال من الكلاب المسعورة التى تلهث بالخبث مستغلة وجودها خارج أرض مصر متلبسة بلباس الزور من الحرية المزعومة.. ولئن قام موريس أو غيره ممن يتكئون على حماية اللوبى الصهيونى لهم خارج مصر بتأجيج نار الفتنة فلا يلومنَّ إلا نفسه.. وقد تبرأ منه المسيحيون فى مصر قبل المسلمين، وعراه الناس كل الناس حتى ورقة التوت التى كان يستر بها عورته لم تعد تنفعه بعد أن سقط قناعه وبانت نيته الحاقدة التى تعزم على إيقاظ الفتنة النائمة، ونقول له ولغيره: لعن الله من أيقظ الفتنة النائمة وهى نار مستعرة أول من تحرق هو مشعلها.. وأنا أعبر عن الشعب المصرى كله، وأدين وأتصدى لكل من يحاول أو من يتكلم أو يفعل أو يمارس أى نوع من أنواع الإساءة إلى رسولنا محمد "صلى الله عليه وسلم" أو إلى أى من مقدساتنا الإسلامية. دعونا نكرر مع الرجل الذى نظن فيه القوى الأمين قوله لدعاة هذه الفتنة: "ونقول لهؤلاء العابثين الذين يريدون إشعال الفتن وتأجيج الصراعات بين الشعوب لن تفلحوا ولن يكون لكم مكان على هذه الأرض".. وفى ذات الوقت نعلم جميعًا أن حرمة النفس وقتل الأبرياء والعدوان على الإنسان -عموم الإنسان- يرفضه الإسلام ونرفضه جميعًا.. التعبير عن الرأى.. حرية التظاهر والإعلان عن المواقف مكفول ولكن بغير تعدٍ على الممتلكات العامة والخاصة أو على البعثات الدبلوماسية أو على السفارات.. ودعونى أرجع بكم إلى الوراء 14 قرنًا من الزمان، وهذا الإمبراطور العربى المسلم حاكم الدنيا كلها ومالك أطرافها فى مشرق الأرض ومغربها، عمر بن الخطاب وهو يتوسد يده تحت خده نائمًا تحت ظل شجرة فى وقت قيلولة، والقائد الفارسى قد وصل إلى المدينةالمنورة وقد ملأ روعه ما فعله المسلمون، وهو يؤمل أن يرى عمر فى صورة كسرى عظيم الفرس فإذا به يصدمه الواقع الحى والتواضع المسجد على الأرض، فقالها كلمة باقية ببقاء الزمن شاهدة على عصر عمر وعصوره التالية وعصورنا الحالية: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر". وهى فى نظرى صورة حقيقية جسدت هيبة الدولة فى هيبة حاكمها، مع أن حاكم الدولة نائم تحت شجرة فى الشارع دون حراسة أو جنود أو سيوف فوق رأسه تحرسه أو خيول تحيط به لينام هنىء البال. هيبة الدولة لكى تتحقق تريد هيبة مواطنيها ورجالاتها، وهيبة المواطن تقتضى هيبة الدين الذى يستطيع أن يمنح تلك الهيبة المرتقبة. ***************** ◄◄ آخر كبسولة: ◄السعودية تقيم مهرجانًا لاختيار ملكة جمال الماعز بمشاركة 170 رأسًا. = بما أن إسرائيل تطلب مائة ألف حمار مصرى، واليابان من قبل طلبت مليونًا، والصين أيضًا، فلنعمل مسابقة أجمل حمار مصرى! دمتم بحب [email protected]