مشكلة الأقلية الناصرية فى المجتمع المصرى أنها ما زالت مصرة على عبادة حاكم طاغية جلب الهزائم والخراب على البلاد والعباد طوال مدة حكمه الإرهابية، ومازال المصريون يعانون بسببها، فعلى المستوى الشخصى انهزم الطاغية فى فلسطين عام 48 وتم حصاره فى الفالوجة، وعلى المستوى العام انهزم فى عام 56، وفى اليمن وفى الكونغو وفى الجزائر، وفى القاصمة الماحقة التى ندفع ثمنها حتى اليوم، أعنى هزيمة 67! ثم إن المصريين يدفعون ثمن جرائمه التى لم تكن قاصرة على تغييب الإسلام وإذلال المسلمين وحدهم؛ بل امتدت لتشمل كل مؤسسات الدولة وسياستها وتعليمها وثقافتها وصورتها العامة. ويكفى أن دويلة صغيرة طارئة على المنطقة قهرت مصر وأذلتها فى عهده كما لم يحدث من قبل، ومازالت سيناء منقوصة السيادة بعد ما يقرب من خمسة وأربعين عاما، ومحظور على جيشنا وقواتنا أن تدخل إلى مناطق بعينها إلا بإذن من العدو النازى اليهودى الذى منحه الفرعون / الإله جمال عبد الناصر فرصة لم يحلم بها أبدا، وجعله القوة الأولى التى تسحق كل القوى الأخرى فى المنطقة! الناصريون يظنون أنهم قوة قاهرة ساحقة يؤيدها الشعب المصرى، وينحنى أمام أمجادها وبطولاتها، فهم حسب مزاعمهم وزعوا الأراضى على الفلاحين وحققوا مجانية التعليم وجعلوا للعمال والفلاحين 50% من مجالس التأييد والتصفيق المسماة بالمجالس النيابية والمحلية، وحققوا الوحدة العربية ووقفوا كالأسود فى مواجهة الاستعمار وأذنابه! بيد أن الشعب المصرى لم يمنحهم فى الانتخابات التشريعية الماضية غير عدد قليل من النواب يعدون على أصابع اليد الواحدة من مجموع خمسمائة نائب، وللأسف فإنهم يفسرون عدم نجاحهم أو وجودهم البرلمانى - كما قال أحدهم فى المؤتمر الكاثوليكى السنوى العام بدير الفرانسيسكان بالمقطم قبل أيام: "لم يفز الإخوان فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية لقوتهم وإنما بسبب عجز النخب والقيادات المدنية التى تشكل أغلبية غير موحدة ومفرقة بين أحزاب وجبهات".. وأضاف: "الذين يحكمونا الآن لا أنتظر منهم شيئًا لإدراكى تكوينهم واختياراتهم وانحيازاتهم وطبيعة سياستهم فسوف يقدمون على طبق من فضة من عجزهم فى تحقيق آمال الشعب المصرى ما يجعل المصريين يسقطونهم فى صندوق الانتخابات الذى لن يستطيعوا السيطرة عليه، فكلما سيطروا على السلطات، خسروا رصيدهم فى الشارع". أمر جيد أن يعتمد الناصريون الاشتراكيون على صندوق الانتخابات الذى سيأتى بهم وبتيارهم الشعبى الثالث كما يزعمون، ولو جاء ذلك على حساب هوية الشعب ودينه، لقد غازل أحدهم الكنيسة فخاطب أفرادها فى تخليط عجيب، واستشهاد لا محل له قائلا: "لا تخشوا من اشتراكيتى. هدفى ألا يكون فى مصر فقير ومحتاج كما كانت الجماعة المسيحية الأولى، وكما تعلمت من القرآن النضال من أجل الفقراء، الآية "ومالكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين"، فالله جعل القتال فى سبيله مثل القتال من أجل المستضعفين، لا أريد أن أفقر الأغنياء ولكن أغنى الفقير وما أريده أخذ حقوقنا المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأنتم ستشاركوننى فى تطبيق ذلك فى الجولة الأخرى فى الانتخابات الرئاسية". من مشكلات الناصريين الأساسية عدم فهم الإسلام جيدا، وإن كانوا يرفعون بعض الآيات والأحاديث لاستمالة قلوب العامة بدعوى الاشتراكية، وهم مشغولون بما يسمونه التوحد ضد الإخوان المسلمين، ويزعمون أنهم لو توحدوا مع أشباههم سيمنعون أى جماعة من الاستيلاء على البلد، ولن يأتى ذلك إلا بالعمل فى الشارع الذى لن يعطوه - كما يقولون - زيتًا وسكرًا بل حوارا ويقظة ووعيا، وعدالة اجتماعية ليشترى بنفسه فهى ليست صدقة، وهذا فرق – كما ينادون - بين الاقتصاد الذى يؤمنون به وبين اقتصاد الإخوان الذى يعد الوجه الآخر للحزب الوطنى، والعدالة الاجتماعية لديهم صدقة وزكاة، أما لدى الناصريون فهى حقوق للمصريين وفقا للتنظير الناصرى العجيب الذى سقط منذ 67! ليت الناصريين يتفوقون على الإخوان المسلمين فى فهم الإسلام ودراسته، وساعتها لن يقعوا فى أخطاء قاتلة مثل التى وقع فيهم من قال: إن العدالة الاجتماعية عندهم صدقة وزكاة! فالإخوان لم يخترعوا الصدقة والزكاة، ولكنهم عرفوها من أركان الإسلام الخمسة وتعاليمه. الزكاة ركن من أركان الإسلام، ويجب على من بلغ ماله أو تجارته أو زروعه أو ماشيته النصاب الشرعى أن يخرجها فى مصارفها التى حددها الإسلام، والزكاة أكبر من الضرائب على كل حال لو تم إخراجها وتوجيه الناس إليها، ويمكن أن تجعل أهل البلاد فى غنى عن مد اليد إلى الدول الأجنبية وهى حق لا منّة. الصدقة والزكاة يا زعيم التضخم الذاتى نظام إلهى مستمر للقضاء على الفقر والجوع، ولو أنك من أنصار تطبيق الشريعة الإسلامية لعرفت أن الناس فى عهد عمر بن عبد العزيز اغتنوا بسبب تطبيقها ولم يجدوا فقيرا يأخذ الصدقات والزكوات، ولكن لأنك وقبيلك تشتهون السلطة والاستبداد، فالشريعة عندكم رجعية كما كان يقول رئيسكم خالد الهزائم والعار.. لقد كان سقوط الناصريين الذريع يوم انحازوا للبيادة، وطالبوا من خلال بعض المنتمين إليهم بحل مجلس الشعب، وعدم تسليم السلطة إلى المدنيين، بل دعا بعضهم بمنتهى البجاحة والوقاحة إلى انقلاب العسكر على الشرعية الثورية، واليوم يقولون إن الإخوان اغتصبوا السلطة بالسكر والشاى، ويخوفون المستثمرين الأجانب لأن هناك كما يزعمون ثورة قريبة فى مصر! لقد صار تخصص الناصريين بعد الثورة محكوما برفض محاولات الإصلاح وشتم الرئيس والإسلاميين والادعاء بأن الإسلاميين يتحدثون باسم الله وأنهم وحدهم الإسلام. بئس ما يأفكون!