قص أبراهام محام بريطاني يبلغ من العمر 32 عاما، أنه عاش طوال عمره في لندن ومثل العديدين من اليهود البريطانيين جاء أجداده إلى بريطانيا في أوائل القرن العشرين هرباً من الاضطرابات السياسية في أوروبا. وجاءت عائلة والدته إلى بريطانيا من البلقان في عام 1914 هرباً من الحرب هناك. وكانوا يعيشون لأجيال في سالونيكا، حاليا ثيسالونيكي في اليونان، ومن المعروف أن يهود سالونيكا استقروا هناك بعد طردهم من إسبانيا والبرتغال، كما أن جده أوصاه بألا ينسى أبداً أنه سفارديم "الأسم الذي أطلق على يهود شبه جزيرة إيبيريا". ويردد: "إن ذلك جزء من هويتي، فرغم أن جدي ولد في لندن فإنه كان يتحدث مع أسرته باللادينو، وهي إسبانية تنتمي للعصور الوسطى بلكنة برتغالية متأثرة ببعض التركية والإيطالية والعبرية". وبعد ثلاث سنوات من رؤية ذلك الإعلان صار أبراهام أباً للمرة الأولى، وهو بصدد أن يصبح مواطناً برتغالياً رغم أنه لم يذهب في حياته إلى هناك سوى مرتين إحداهما للسياحة. ووفقا لتقرير نشره "بى بى سى" عربى، ففي عام 1492 أصدر ملكا إسبانيا فرديناند وإيزابيلا "مرسوم الحمراء" الذي قضى بطرد اليهود من إسبانيا مما دفع بعشرات الآلاف منهم إلى طلب اللجوء عبر الحدود في البرتغال ، ولاصرارهم على الدخول بات عددهم نحو خمس عدد السكان، ولكن في عام 1495 أراد ملك البرتغال مانويل الأول الزواج بابنة فرديناند وإيزابيلا فاشترطا عليه طرد اليهود من البرتغال أيضا. وفي ديسمبر عام 1496 أمر مانويل الأول بطرد كل اليهود الذين لم يعتنقوا المذهب الكاثوليكي المسيحي. وعلى أثر ذلك شهد وسط العاصمة لشبونة تحول 20 ألف يهودي إلى الكاثوليكية. ورغم التحول إلا أن المسيحيين الجدد واجهوا قيوداً قانونية ومالية ومدنية بل وتهديداً لأمنهم في عهد جواو الثالث خليفة مانويل. ففي عام 1536 تم طرد المشكوك في إيمانهم المسيحي وأنهم يمارسون الديانة اليهودية سراً، حيث كانت محاكم التفتيش تقيم محاكمات علنية لهم، ويقدر عدد المطرودين بنحو 40 ألفاً. وفي عام 1506 قامت مجموعة من الرعاع بغزو أحد أحياء اليهود القديمة في لشبونة وقتلوا نحو 3 آلاف شخص من بينهم نساء وأطفال. وقد أدت تلك المذبحة لموجة جديدة من الهجرة، وفي ذلك الوقت منحت الإمبراطورية العثمانية اللجوء لهم في سالونيكا بالبلقان. وفي عام 2013 وافق البرلمان البرتغالي بالإجماع على قانون بمنح أحفاد السفارديم الجنسية البرتغالية. وكان هذا القانون فكرة وزيرة الصحة السابقة ماريا دي بيليم روسيرا. وتقول ماريا إن أحداث القرنين الخامس عشر والسادس عشر لهما علاقة بسياسات اليوم "فليس بوسعنا توقيع اتفاقيات دولية حول حقوق الإنسان والتسامح والمساواة إذا كنا قد اضطهدنا أناساً بسبب معتقداتهم ففي السياسة لابد وأن تقدم الإشارات الصحيحة". قد بني المعبد اليهودي في لشبونة في القرن العشرين على يد اليهود الذين عادوا من منفاهم الطويل في المغرب وجبل طارق. ومنذ صدور القانون عام 2015 تقدم نحو 30 ألف شخص للحصول على الجنسية، ونالها حتى الآن أكثر من 7 آلاف شخص. وكان أغلب المتقدمين من إسرائيل وتركيا والبرازيل. ويقول محامي الهجرة الإسرائيلي يورام زارا: "إن عدداً كبيراً من يهود تركيا تقدم بطلب للحصول على الجنسية البرتغالية لأنهم يشعرون بالقلق من الوضع هناك، ومن احتمال تقلص الديمقراطية أمام تقدم النزعة الإسلامية، إنهم يريدون الأمان، أما الإسرائيليون فيريدون الحصول على جواز سفر أوروبي ليمروا من الطابور القصير في المطارات كما أنهم يرون أن جنسية أخرى لن تضر، فحتى وقت غير بعيد كان اليهودي يتعرض للاضطهاد وإذا كانت معه الوثائق السليمة فإنه ينجو من المصير المؤلم". ويقول رئيس الجالية اليهودية في لشبونة غابرائيل شتاينهاردت إن عدد طالبي الجنسية من اليهود السفارديم البريطانيين ارتفع كثيراً بعد نتيجة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، مشيراً إلى أن عدد المتقدمين بلغ عشرات الآلاف. لكن لا يتفق كل السفارديم البريطانيين مع هذا التوجه بحسب أليكس أبراهام الذي يقول "والدتي اعتقدت في البداية أنني أحمق، حتى علمت بعدد المتقدمين فبدأت تنظر إلى الأمر بجدية أكبر". ويقول أبراهام: " إنني فخور بالجنسية البريطانية وفخور بانتمائي للندن ولا أنوي المغادرة، ولكنني فكرت في حرية الحركة عندما تقدمت بالطلب عام 2016 فالجنسية المزدوجة ليست محرمة فبوسعك أن تحمل هويتين و جوازي سفر".