فيما يواصل نظام الأسد مجازره الوحشية على أرض سوريا الحبيبة، ويفيض شلال الدم العربى المسفوح فداءً لنظام البعث العلوى الدموى، وبينما تتداعى منظمات حقوق الإنسان لإنقاذ المدنيين المعرضين للموت كل لحظة جراء القصف الوحشى لحمص وحلب ودير الزور وحماة وريف دمشق وغيرها من مواطن الثورة السورية الأبية، فى ذات الوقت مازال البعض يطل علينا مدافعًا عن النظام العلوى مناهضًا لأى تدخل خارجى فى سوريا مصورًا الأمر بأنه صراع بين نظام ممانع ومليشيات مدعومة من الغرب، ويدافع هؤلاء باستماتة عن النظام الإيرانى لكونه الحليف الأكبر للقتلة الداعم لهم سياسيًا وعسكريًا، تُرى من يسمح له ضميره أو تواتيه الجرأة كى يدافع عن نظام دمشق الدموى وشريكه الإيرانى الراعى الرسمى لتذبيح الأطفال والنساء والشيوخ؟ إذا اتخذنا مصر مثالاً سنجد أن مجمل القوى السياسية والشعبية تعادى سفاح دمشق وداعميه فى إيران وروسيا والصين، بينما ينفرد ثلة من القوميين العرب والناصريين بدعمهم لنظامى دمشقوطهران عبر تزييف الوقائع وقلب الأحداث أو إمساك العصا من المنتصف والتعميه على جرائم النظام بذريعة الحرص على وحدة الأراضى السورية، ويظهر ذاك جليًا فى مواقف عديدة أشهرها وفاة الصحفى الناصرى (عادل الجوجرى) أثناء مناظرة تليفزيونية دافع فيها عن سفاح دمشق، وأكثرها فجاجة كانت زيارة أمين عام الحزب الناصرى (أحمد حسن) لدمشق بعد قيام الثورة السورية بعدة أشهر داعمًا بشار وأتباعه من القتلة، وما يزال يتنقل بين الفضائيات متحدثاً عن صمود نظام الممانعة فى وجه المؤامرة العالمية الإرهابية!! وإثر الخطاب التاريخى للرئيس مرسى فى طهران الذى أدان فيه نظام بشار فاقد الشرعية، وكشف عن سوءة آيات الله الذين يستبيحون سفك الدماء فى سبيل الحفاظ على مشروع الهلال الشيعى العلوى (إيران – العراق – سوريا – حزب الله)، وبينما أشاد العالم العربى من شرقه لغربه بخطاب مرسى، واستقبله المصريون بالترحيب والتأييد الواسع الذى ظهر جليًا سواء فى الشارع أو فى مواقع التواصل الاجتماعى، خرج علينا شرذمة من الناصريين والقوميين ليهاجموا الرئيس بشراسة فوصفه إبراهيم عيسى (بأنه خطاب شيخ فى مسجد ليس له علاقة بالسياسة، ويسير على خطى مبارك)، وقال الموتور جمال فهمى (خطاب مرسى خطاب بائس لا يعكس رؤية أو توجه؛ فنحن استبدلنا مبارك بمبارك آخر لكن بلحية)، وآخرون كرروا نفس الهجوم المفضوح على الرئيس؛ لأنه عبر بصدق عن ضمير الشعب المصرى وهويته الحضارية. إذا فتشنا عن الدوافع سنجد أن هناك جناحين لهذا التيار الخارج عن إجماع الشعب المصرى، الجناح الأول ممن يسيرون على نهج (من يدفع للزمار يحدد النغمة) فولاؤهم لمن يدفع، والأموال تتدفق الآن من حسابات سفاحى دمشق وسادتهم فى طهران مما جعل هؤلاء القوميين الناصريين العلمانيين يشكلون النواة الأساسية للوبى الإيرانى الشيعى فى مصر!!! يتناسى هؤلاء أنهم شحنوا الجماهير العربية وراء عراق صدام حسين يمدونه بالمال والسلاح فى حرب استمرت 8 سنوات للدفاع عن بغداد ضد الغزو الفارسى لجزيرة العرب، وها هم الدعاة المزيفون للعروبة يناصرون الآن إيران ضد دول الخليج العربى، وبينما يصدعون أدمغتنا بالدفاع عن الدولة المدنية ضد الدولة الدينية المزعومة ويشنون هجومًا إعلاميًا ليل نهار على التيار الإسلامى وعلى الإخوان المسلمين والمرشد مشبهين نظام الرئيس مرسى بحكم المرشد الإيرانى، ينادون بمصالحة نظام طهران الذى ناصبوه العداء طوال 33 عامًا بصفته أسوأ نماذج الحكم الدينى، ولا يتورعون عن تدبيج المقالات مدحًا فى دولة ينص دستورها على كونها شيعية إثنا عشرية يقودها آية الله المعصوم!! أما الجناح الآخر للطابور الإيرانى فيتشكل من المفكرين أصحاب الهوى الشيعى (د. رفعت سيد أحمد مثالاً)، الذين تستروا خلف دعمهم لحزب الله كحركة مقاومة لكن أمرهم انكشف الآن لدفاعهم المستميت عن القتلة فى سوريا والنظام الطائفى فى طهران، متعامين عن نهر الدم المراق يوميًا على جنبات دمشق، وهم يا للغرابة لا يكتفون بهذا الموقف المخزى تجاه شهداء سوريا وإنما يتبجحون بالهجوم الدائم على الرئيس والتحذير من حكم الإخوان والسلفيين (الوهابيين)، بل يفقدون حياءهم حين يصفون الثورات الشعبية العظيمة فى سوريا وليبيا بأنها صنيعة المخابرات الغربية. إن هؤلاء الناصريين والقوميين يجسدون مثالاً حيًا للحديث الشريف: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت). [email protected]