الإعلام والأوقاف.. وثقافة الثورة نقصد بمنظومة العمل الوطنى مجموعة القوى المؤثرة فى المجتمع المصرى كله، حكومة ومعارضة، وقوى أخرى شعبية ربما لا تنتمى لهؤلاء ولا لأولئك. • الناتج القومى لكل أمة هو مجموع عدد العاملين بها مضروب فى عدد ساعات العمل. • إعلام الغواية السياسية يجب أن ينتهى ليبدأ إعلام الهداية الوطنية. • الإعلام الذى يقتات على الخلافات غير البريئة عليه أن يتحول إلى إعلام بناء للعقول بالمعرفة والعلم وإعلاء العطاء الوطنى، وتثمين دور الإنتاج ورفع كفاءة العاملين فى الدولة. • نريد من إعلام الهداية المعرفية أن يجعل ميادين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ساحات عبادة وصلاة ومناجاة. • نريد أن نتعلم منه كيف نعبد ربنا فى المجالات المذكورة آنفاً. • فى المجالات الاجتماعية بتفجير الطاقات البشرية وبالدعوة إلى تحقيق العدالة وصيانة الحريات والكرامات، وبصدق الخبر وتحرى الحقيقة، والموضوعية والمهنية التى تحمى عقول الناس ووجدانهم حين تنأى عن التحيز والإسفاف والهبوط بالكلمة والصورة والموقف. • وفى المجالات الاقتصادية برفع الهمم ويقظة العزم والإقبال على استصلاح الأرض وزراعتها، واستنبات النبات وتشغيل المصانع وزيادة الإنتاج والعمل على الاكتفاء الذاتى وتصدير الفائض. • وفى المجالات السياسية بتوفير المناخ للتحول الديمقراطى الصحيح ونضوج الأحزاب والبعد عن المراهقات والكيد السياسى، بنحت المصطلحات من نحو "أخونة الدولة" لتخويف الناس، وباستعمال نفس فزاعات الرئيس المخلوع "عبد الجدار العازل". • الثقافة السائدة يجب تغييرها لتتواكب مع تحقيق أهداف الثورة فى التغيير والتجديد والنهضة. صياغة الرأى العام تقوم بها وزارتا الإعلام والأوقاف، ومن ثم تكون مسؤولية الوزيرين العزيزين الأستاذ صلاح عبد المقصود، والعالم الجليل الدكتور طلعت عفيفى، ويجب التنسيق بينهما على إدارة الذات المصرية وتفجير طاقاتها المبدعة فى المرحلة الراهنة. • إعلام الغواية السياسية والاجتماعية والاقتصادية يجب أن ينتهى ليبدأ إعلام التبصر والنهوض والخروج من عنق الزجاجة، المسجد أيضا يجب أن يستعيد دوره الرائد فى توجيه المواطن لتكون ذمة المجتمع واحدة وفى إطار من الحرية الملتزمة، ويمكن هنا لوزارة الأوقاف أن تساهم بعلمائها فى وضع منظومة ثقافية جديدة لخطباء وأئمة المساجد، أستأذن القارئ أن أطلق عليها مصطلح "إدارة الذات". • وفى تصورى أن إدارة الذات تعنى التنسيق المتوازن بين الملكات المتنوعة والمكونة للذات الإنسانية وهى عقل وقلب، وجسد وروح ورغبات وشهوات، المنظومة الجديدة يمكن أن تتناول إعادة تشكيل الملكات والقدرات الذاتية وتعيد صياغة وعيها لتكون ضمن منظومة متناسقة تعمل معا على التنسيق بين عاطفة تتسع بالحب فتسع الناس والأحياء، أو تضيق بالكراهية والحقد فتكره كل شىء حتى نفسها. • التنسيق بين فكر يصيب فيرقى الحياة ويضيف إليها وتزدان به الدنيا، أو بين فكر يشرد فيضل الحياة ويخزيها ويشقيها. • ملكات المرء وقدراته حين لا تنتظم فى الاتجاه الصحيح تؤدى فى نهاية المطاف إلى كوارث فى شتى كل الميادين. • ولحماية الوجود من هذا الشطط كانت كل ميادين الحياة فى الرؤية الإسلامية مجالات طاعة وعبادة يمارسها المسلم باختياره الحر طاعة وامتثالا، والخطباء والأئمة يمكن أن يكون لهم دور فعال فى توجيه الناس ورفع هممهم بشرح هذه الحقائق ودفع الناس إلى الإقبال على الحياة باعتبارها مجال الاستخلاف ودار طاعة وميدان عبادة بالتدبير والتعمير. • الكبائر الاقتصادية التى تتمثل فى نقص الإنتاج وتعطيله وتحويل المجتمع إلى مجتمع يعيش عالة على غيره وينتظر المعونات ويرهن إرادته نظير عدد من أطنان القمح أو حفنة ملايين من الدولارات تتساوى تماما مع الكبائر الدينية ولا تقل فى الجرم عنها. • الكبائر الاجتماعية التى تتمثل فى السلوك الردىء بتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة وممارسة الأنانية فى صورها البشعة وكأن الإنسان يعيش وحده فى هذه الدنيا وليس له شريك يراعيه ويحافظ على حقوقه ويمارس حريته فى إطار حقوق المحافظة على حقوق الآخرين، ويدخل تحت هذه الكبائر أيضا قطع الطرق وتعطيل وإرباك المرور والتجاوز والتعدى على القوانين المنظمة للسير والحركة والرمى بالمهملات فى غير أماكنها واللامبالاة بما يحدث فى الشارع من بعض الأشخاص، وترك الحبل على الغارب لكل إنسان ليفعل ما يؤذى الآخرين ويسىء إليهم، وإهدار المال العام والتعدى المستمر على الممتلكات العامة وعلى حقوق الآخرين، كل هذه كبائر اجتماعية تعطل مسيرة النهضة وتسبب للمجتمع بعمومه ضررا بالغا، ومن ثم يجب أن تأخذ من الدعاة والأئمة وأجهزة الإعلام نصيبها من العناية والتوجيه، ولابد من الإشارة إليها هنا والتحذير من الوقوع فيها باعتبارها مساوية للكبائر الدينية. • الكبائر السياسية، ونعنى بها خطاب التخوين والتخويف والتجديف وتعدى الخصومة لتيار معين إلى خصومة مع المنهج والفكرة فى محاولة لنفى ثوابت المجتمع المصرى، وكأننا أمة مفرغة من أى محتوى ومن ثم يجب ألا يكون لها دين يحترم ويعتبر، أو ليس لها قيم أخلاقية يجب أن تراعى، ويدخل تحت هذه الكبيرة أيضا تغليب مصلحة الحزب على مصلحة الوطن، والفجور فى الخصومة السياسية، واتباع أساليب الكيد السياسى الذى لا يراعى فى الوطن ولا فى المواطن إلاً ولا ذمةً، فيختلق الأزمات ويطلق الإشاعات الكاذبة. و يتبنى خطاب التحريض المستمر، وكأننا يجب أن نظل مشغولين ببعضنا بدلا من أن ننشغل جميعا بقضايانا الوطنية ومشكلاتنا المزمنة والتحديات الكبرى التى تواجه وطنا يريد أن يستعيد ذاته بعد غياب طال، ويسعى ليعيد للمواطن حقه فى الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش بكرامة، ذلك فضلا عن تطلعاته فى أن يمارس دوره الإقليمى والدولى ويعمل على الاستقلال عن التبعية للآخرين، فهلا بدأنا بتطبيق ثقافة الثورة بأولويات التغيير وصياغة الرأى العام من خلال الإعلام والأوقاف؟ • وقبل أن ننهى، أستأذن القارئ الكريم باعتباره الشريك المرفوع فى المبدأ والقضية، "مبدأ التغيير والتنوير، وقضية التحرير والنهضة"، والرفيق الباحث عن خلاصة الربح فى الفكرة، أن موضوع "الثورة ومنظومة العمل الوطنى" يستحق مقالا ثالثا مضافا، أزعم أنه يحسب كخلاصة ونتيجة للموضوع المطروح ومن ثم أذكره بانتظار النتيجة فى المقال الثالث. مفتى عام القارة الأسترالية Email: [email protected]