سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء على قصة الطبيب السوداني، بابكر سلامة، الذي توفي في الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس عمر البشير، كاشفة عن مقتطفات من حياة "بابكر" من بداياته وصولاً إلى الدافع وراء خروجه في المظاهرات، رغم أنه يندرج من أسرة ميسورة مالية، انتهاءً بوفاة. وتحت عنوان "في شوارع السودان.. الشباب يتظاهرون ضد الاستبداد"، قالت الصحيفة، في تقريرها، إن "طبيب شاب ظهر في شارع مهجور في الخرطوم، وكانت يده مرفوعة عاليا ثم وقع صريعًا. وقال شاهد عيان، إن "الطبيب بابكر سلامة، اقترب من مجموعة من مسئولي الأمن تجمعوا حول شاحنة الأسبوع الماضي، قائلاً إن "أحد المتظاهرين أصيب وينزف بشدة، هل يسمح لنا الضباط بعلاجه". وذكرت الصحيفة أن رصاصة أطلقت عليه وسقط بابكر، على الأرض وأصيب بجروح بالغة، وبعد ساعة كان قد توفي. وجاءت وفاة الدكتور بابكر، وهو شاب خلوق من عائلة ثرية، شرارة للتصعيد في موجة قوية من الاحتجاجات التي دمرت السودان خلال الأسابيع الخمسة الماضية، ما يشكل أكبر تهديد حتى الآن على رئيس البلاد عمر البشير الذي يحكمها منذ 30 عامًا. وعقبت الصحيفة أن الدكتور بابكر، كان رمزًا محتملاً للثورة، إذ قالت شقيقته: "نحن لسنا أناسًا فقراء ولم يكن لنا أي علاقة بالسياسة"، رغم ذلك أصبح "بابكر" هتافا جديدا للمتظاهرين. وخاطب الطبيب الذي حاول إنقاذ حياته، حشدًا باللغتين العربية والإنجليزية، وعلى كتفيه العلم السوداني، قائلا: "هذه رسالة إلى العالم، الناس الذين قتلوا في السودان لم يفعلوا شيئا خطأ، كانوا يخرجون بسلام ليقولوا لا لهذا النظام القاسي" . بدوره، وفي خطبة ألقاها يوم الأحد، تحدث الرئيس عمر البشير عن وفاة بابكر، وألقى باللوم على عملاء متسللين في قتله، وادعى متحدث باسم الحكومة في وقت لاحق أن الدكتور بابكر أصيب برصاصة فتاة مجهولة سحبت المسدس من محفظتها، وفي إشارة واضحة إلى المرأة قال: "الشيوعيون ليس لديهم دين ولا أخلاق." وأظهرت أشعة سينية مأخوذة من تشريح جثة الدكتور بابكر، التي قدتمها أحد أفراد الأسرة، العديد من الحبيبات في الجزء العلوي من جسمه، ما يشير إلى أنه أصيب برصاصة من بندقية. بينما كشفت وزارة الصحة السودانية، الأحد الماضي، تفاصيل مقتل الطبيب بابكر عبد الحميد سلامة خلال احتجاجات الخميس الماضي، بضاحية بري شرق العاصمة، وقالت إن "أداة الجريمة عبارة عن بندقية "خرطوش"، أصابته من الخلف". وبدأت المظاهرات في 19 ديسمبر، ضد ارتفاع أسعار الخبز في مدينة "عطبرة"، وتحولت إلى حركة على مستوى البلاد مدفوعة بالاحتجاجات اليومية التي تطالب بالإطاحة بالرئيس البشير. ويهتف المحتجون في شوارع السودان يوميًا بشعار "فقط ارحل.. هذا كل المطلوب"، واجتذبت موجة جديدة من الاحتجاجات يوم الخميس، الآلاف من الأشخاص في الخرطوم، وبورتسودان والعديد من المدن الأخرى، وهي المظاهرات الأكثر انتشارًا حتى الآن. وفي السياق، قال نشطاء إن "اثنين من المتظاهرين قُتلا، أحدهما أطلق عليهما الرصاص في صدره"، ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، لقي ما لا يقل عن 40 شخصًا حتفهم، واعتُقل المئات. ويقود الثورة التي انتشرت من الخرطوم إلى 35 مدينة في 15 محافظة سودانية من أصل 18 محافظة، الشباب المعارضون لحكم البشير . وفي حديث عبر الهاتف، قال 12 متظاهرًا لصحيفة الأمريكية، إنهم مرهقون من التدهور الاقتصادي والعزلة الدولية، كما إنهم يأملون في أن رد فعل الحكومة الغاضب والقلق يشير إلى أن حكم البشير يتجه نحو نهايته. وفي السياق، قال زاك فيرتين، مسئول سابق في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عمل في السودان، ونشر كتابًا عن جنوب السودان مؤخرًا: "التاريخ يخبرنا مجددا ومجددا، بأن نفكر بجدية في ما سيحدث بعد ذلك وكيف".