«الباشا»: الجفاف يضرب الدول المصدرة.. «عبدالرحمن»: تناقص المساحة المزروعة السبب.. و«أبوصدام»: الفلاح يعزف عن زراعته لأنه لا يغطى تكلفة إنتاجه يعد الفول الوجبة الشعبية الرئيسية لدى الشعب المصري، وهو "سيد الطعام" على مائدة إفطار المصريين، يستوي في ذلك الأغنياء والفقراء، الذين يتفننون في تناوله، بطرق وأشكال عدة، حتى إنه أصبح "ماركة مسجلة" لا يمكن الاستعاضة بها بوجبة أخرى، لكن هذه الوجبة التي تتميز برخص سعرها مقارنة بغيرها، ستفقد هذه الميزة التي جعلتها في متناول الجميع، مع ارتفاع أسعار الفول خلال الفترة الأخيرة إلى أرقام غير مسبوقة. وشهدت الفترة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الفول المستورد والمحلي بنسبة تتراوح ما بين 40? إلى 50?، نتيجة تعرض الدول التي تستورد منها مصر الفول لموجة جفاف أثرت على إنتاجية المحصول. وقال صاحب عربة فول، إنه بعد ارتفاع أسعار الفول أصب سعر طبق الفول يتراوح ما بين 5 إلى 8 جنيهات باختلاف المناطق، ويتراوح سعر سندوتش الفول والطعمية بين 3 و4 جنيهات. وهو الأمر الذي يمثل أزمة لكثيرين، ومن بينهم "أحمد.ع"، محاسب، والذي يضطر لظروف عمله للبقاء خارج البيت طوال اليوم، ويضطر لتناول الغداء والإفطار خارج المنزل. وأضاف، أنه لا يوجد أرخص من وجبة الفول والطعمية، لكن بعد ارتفاع الأسعار لم تعد "أكلة الغلابة"، كما كان يقال عنها في السابق، بعدما أصبح "الغلابة" عاجزين عن شرائها. أحمد الباشا إدريس، رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بالغرفة التجارية بالقاهرة أرجع الزيادة الأخيرة في أسعار الفول إلى أن "الدول الموردة للفول، ومنها أستراليا وبريطانيا شهدت حالة من الجفاف أثرت على إنتاجها من الفول، ما أدى إلى ارتفاع أسعاره في تلك الدول، وبالتالي ارتفاع أسعاره في الدول المستوردة، ومنها مصر، حيث ارتفع سعر طن الفول المستورد من 11 ألف جنيه إلى 15 ألف جنيه للطن الواحد، وأثر ذلك على سعر الإنتاج المحلي من الفول، حيث ارتفع طن الفول البلدي من 13 إلى 18 ألف جنيه". وأوضح الباشا ل"المصريون"، أن تجار الجملة والتجزئة اضطروا إلى تحريك الأسعار للحفاظ على هامش الربح الخاص بهم، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار بيع الفول في مصر، خاصة وأن مصر تستورد 90? من استهلاكها من الفول و10? إنتاجًا محليًا، بسبب انخفاض المساحات الزراعية المخصصة لمحصول الفول خلال ال30 عاما الماضية وعزوف الفلاحين عن زراعته". وطالب رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بالغرفة التجارية بالقاهرة, الحكومة بوضع الحاصلات الزراعية تحت سيطرتها، وتخصيص مساحات لا تقل عن 400 ألف فدان لزراعة الفول، "لأننا نحتاج إلى 600 ألف طن سنويًا من المحصول لسد احتياجات المصريين". وقال حسين عبدالرحمن، نقيب عام الفلاحين، إن "زراعة الفول البلدى تتناقص وأسعاره ترتفع، حيث وصل سعر الكيلو الفول البلدى "المدمس" وجبة الغلابة من 9 إلى 12 جنيهًا بعدما كانت هذه الحبوب فى متناول الجميع". وأضاف، أن "سبب ذلك هو الاحتكار، حيث تقلصت مساحات زراعة الفول البلدى وتحكم المستوردون فى السوق، فى ظل ضعف الرقابة وعزوف الفلاحين عن زراعة الفول لتدهور الإنتاجية بسبب انتشار أمراض "التبقع البنى والصدأ والذبول وعفن الجذور". وأوضح أن "العوامل الجوية، خاصة ارتفاع درجات الحرارة تؤدى إلى زيادة نشاط الحشرات خاصة حشرتى المن والذبابة البيضاء واللتان لهما علاقة وثيقة بانتشار الأمراض الفيروسية ومرض الندوة العسلية والإصابات بالمن والبياض، بجانب تفشى حشائش الهالوك بشدة، وارتفاع مستلزمات الزراعة وعدم ضمان تسويق المحاصيل، فى غياب شبه تام لوزارة الزراعة". وأشار عبدالرحمن إلى أن "الفول البلدى يعد من أهم المحاصيل البقولية الغذائية الشتوية فى مصر، ويعد مصدرًا مهمًا للبروتين الرخيص خاصة للطبقات الشعبية، عوضًا لهم عن نقص البروتين الحيوانى مرتفع الأسعار". وذكر أنه "خلال السنوات الماضية تناقصت المساحة المزروعة بالفول إلى 190 ألف فدان، بعدما كانت نحو نصف مليون فدان في السابق"، مشيرًا إلى أن "مصر تحتاج إلى نحو 600 ألف طن، ما يعني أنها تحتاج إلى زرع مساحة 400 ألف فدان، طبقًا لمتوسط إنتاجية الفدان فى مصر التى تقدر بطن ونصف للفدان". وقالت النائبة جواهر الشربيني, عضو لجنة الزراعة والرى والأمن الغذائى والثروة الحيوانية بمجلس النواب, إن "سبب ارتفاع أسعار الفول يرجع إلى عزوف الفلاحين عن زراعته داخل مصر، وبالتالي يتم استيراده من الخارج بأضعاف سعره في مصر، بسبب شرائه بالعملة الصعبة". وأضافت ل"المصريون"، أن "من بين أسباب ارتفاع أسعار الفول أيضًا أنه لا توجد له دورة زراعية محددة بمساحة الأراضي التي سيتم زراعتها به، والفلاح مخير بأن يزرع أم لا". فى السياق، قال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن "المساحة المزروعة بالفول انخفضت بشكل كبير, حيث إن المساحة التى كانت تتم زراعتها به تبلغ 350 ألف فدان على مستوى الجمهورية, تراجعت الآن إلى 80 ألف فدان على مستوى الجمهورية ولا تعطى إنتاجية عالية. وأضاف ل"المصريون"، أن "الفلاحين عزفوا عن زراعة الفول نتيجة إصابة المحصول بالمِن, وارتفاع تكلفة زراعته من أسمدة ورعاية من الفلاح بشكل مستمر, أو الخوف من انقضاض الطير عليه وأكله". وتابع: "مصر باستيراد 80?? من الاستهلاك المحلى لتغطى الفرق بين الإنتاج والاستهلاك، على الرغم من أن الفول مكون رئيسي على مائدة الغذاء للشعب المصري". وأشار إلى أن "أزمة الفول أصبحت تمس كل المصريين وليس طبقة معينة, نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي يتعرض لها المواطن, وهو ما يجعل الفول وجبة أساسية في مصر". وأوضح نقيب الفلاحين، أن "تكلفة زراعة الفدان تتجاوز 7 آلاف جنيه بدون احتساب مصاريف الإيجار، يعطى إنتاجية من 10 إلى 15 إردبًا، وهذه الإنتاجية ضعيفة لا تغطى التكلفة الإجمالية". وقلل أبوصدام من دور وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية في مواجهة ذلك، بسبب عدم توافر تقاوي مقاومة للأمراض، وعدم اهتمام وزارة الزراعة بدعم زراعة الفول على الرغم من أنه محصول رئيسي في مصر.