لفت نظري ما كتبه الكاتب المرموق الأديب أستاذ الطب بجامعة طنطا الدكتور أيمن الجندي على صفحته "فيسبوك" عن شقيقه الدكتور أحمد الجندي الذي لم يكن الأول على دفعته فقط في بكالوريوس الطب عام 1980 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وإنما كان الأول في كل مادة، حيث تكرر هذا الترتيب في 7 مواد على التوالي هي نساء وتوليد، طب شرعي، طب وقائي، رمد وأذن وأنف وحنجرة، أمراض باطنة، جراحة عامة، طب الأطفال. أعلم أن التفوق في عائلة الدكتور الجندي وراثة، ولهم تاريخ مع النبوغ في مجالاتهم، لكني وقفت عند تساؤل طرحه الدكتور أيمن. لا شك أن نتيجة شقيقه تشير إلى نابغة في مجال الطب كان يمكن لوطنه أن يستفيد منه لو كان يلقي بالا لفئة المتفوقين النابغين وما أكثرهم، بدلا من اختفائهم وسط زحام مدنها وخريجيها وسوء مستوى التعليم الذي سنظل نشكو منه ولن نجد له علاجا، طالما لا تهتم الدولة إلا بالقشور، وتنظر للتعليم على أنه تحصيل حاصل لا يستحق أن ترصد له ميزانيات محترمة. يتساءل الدكتور أيمن الجندي: "هذا النابغة – بصرف النظر عن شخصيته – هل استفاد به وطنه كما تستفيد الدول المتقدمة من نبوغ قلة قليلة جدا من أبنائها، فيوسدون لهم القيادة ويهيئون المناخ المحيط المساعد لهم على الابتكار والإبداع؟. المؤكد بالنسبة للدكتور أحمد الجندي كان العكس. نبوغه كان وبالا عليه، وسببا لغيرة البعض منه، وتجمعهم لإفشاله وإفشال حلمه لهذا البلد وبأي طريقة. أسفا على بلد يقضي على أحلام القلة القليلة من نوابغه ويترك لهم الحسرة والخذلان في نهاية حياتهم". انتهى كلام الدكتور أيمن الجندي. كتبت يوما عن أوائل الثانوية العامة الذين يحصلون على مجامع مدهشة تزيد عن المائة في المائة.. أين يختفون؟.. يذهب كل منهم إلى الكليات التي يريدها، وغالبا نسميها كليات القمة، ثم يختفون في الزحام.. لا حس ولا خبر! دولة تخصص للتعليم تبرعات من الجمعيات الخيرية، لا نستغرب أنها لن تحرص على المتفوقين ولا يهمها نبوغهم. في النهاية لن توسد المناصب الرئيسة لهم ولن يكون لهم أي دور قيادي في بناء بلدهم. ومن ثم سيظل اهتمامنا ومبلغ شكوانا وهمومنا منحصرا في الطماطم والبطاطس وما شابه، والحلول العبقرية التي نتوصل إليها لحل مشكلة غلاء السلع الغذائية! [email protected]