دراسة: 7 آلاف سيارة خردة تنتشر فى شوارع العاصمة يستغلها الخارجون عن القانون خبراء أمن: قانون المرور الجديد سيقضى عليها ولا تمثل خطورة على الأمن العام شهدت البلاد، عدة تفجيرات فى أماكن مختلفة عن طريق السيارات المتروكة على جانبى الطرق, والتى استغلتها العناصر الإجرامية فى زرع متفجرات بداخلها، وتفجيرها عن بُعد عند اقتراب موكب المسئول، والتى كان من بينها موكب النائب العام، المستشار هشام بركات، فى مدينة نصر, وكان آخرها تفجير سيارة بالقرب من كوبرى أكتوبر فى الدقى قبل أسابيع. فدائمًا ما تكون السيارات المتروكة فى الشوارع هدفًا للإرهابيين وتجار المخدرات، ودائمًا ما يكون ترك السيارات القديمة أو التى تعرضت لحادث، فهناك سيارات من ماركات عالمية معروفة بأسعارها المرتفعة وموديلاتها الحديثة تعانى نفس المصير، ولا أحد يتدخل ليستفيد من هذه الثروة المهدرة لتكون الفرصة الذهبية للمجرمين باستغلالها فى أنشطتهم. السيارات المتروكة فى الشوارع متنوعة الموديلات، وأصحابها بين مواطن عادى وسفير ورجل أعمال وبواب، ولكل سيارة حكاية, إما كون صاحبها سافر للعمل فى الخارج, أو استغنى عنها صاحبها ولا يريد بيعها بسبب ذكرياته كونها أول سيارة تم شراؤها, أو كونها سيارة "أنتيكا". وتواصل أجهزة الأمن، شنّ حملات متعددة للقضاء على السيارات المتروكة فى الشوارع، بالتعاون مع جميع الإدارات، فهل يكفى ذلك للقضاء على المشكلة؟. "المصريون" رصدت هذه الفوضى فى شوارع وأحياء العاصمة, فلم نلمس أى تحرك أو إجراء فعلى من المحليات تجاه آلاف السيارات الخردة، الذى يكتظ بها شارع مصر حلوان التابع لحى دار السلام، وأيضًا أسفل كوبرى السواح المتجه إلى منطقة الأميرية، وكذلك شارع بورسعيد وتحديدًا بجوار المنطقة العسكرية وبالقرب من محطة المياه والإطفاء التابعين لقطاع شمال القاهرة الموجودين بنفس الشارع, وبجوار محطة مياه أسفل كوبرى محمد نجيب بالمرج. خلال السنوات الماضية اُستخدمت السيارات المتروكة والمسروقة فى كثير من العمليات الإرهابية التى نفذتها الجماعات الإرهابية، تمت بنفس الأسلوب الذى اعتمد على استخدام السيارات المفخخة بكميات كبيرة من المتفجرات بلغت طنًا فى بعض العمليات، واستهداف المنشآت الأمنية والحيوية، إما بركنها فى محيطها أو قيادتها من جانب انتحارى. التسلسل الزمنى لأكبر عمليات إرهابية يكشف أن الأسلوب المعتمد فى أى عملية هو تفخيخ السيارات المتروكة والمسروقة فى الشوارع، وكان آخرها بتاريخ 24 مارس الماضى، انفجار سيارة مفخخة فى شارع المعسكر الرومانى بمنطقة رشدى وسط الإسكندرية، ما تسبب فى استشهاد شخص وإصابة 4 من أفراد الشرطة. وتفجير القنصلية الإيطالية فى 11 يوليو 2015، عندما نفذت الجماعات الإرهابية، عملية فى قلب القاهرة بتفجير سيارة مفخخة بنصف طن متفجرات أمام القنصلية الإيطالية فى القاهرة، ما أسفر عن مقتل مواطن وإصابة 9 آخرين. وعملية اغتيال النائب العام الراحل هشام بركات فى 29 يونيو 2015، بعد استهداف موكبه باستخدام سيارة مفخخة. وعملية تفجير مديرية أمن القاهرة يوم 24 يناير 2014، بواسطة سيارة نصف نقل مفخخة، وقُتل فيها 4 أشخاص وأصيب 76 آخرون، إضافةً إلى تفجير مديرية أمن الدقهلية ليلة 24 ديسمبر 2013، وقُتل 16 من رجال الشرطة وقيادات مديرية الأمن، وأصيب نحو 150 آخرين، وعملية تفجير مديرية أمن جنوبسيناء يوم 7 أكتوبر 2013، عندما استهدف الإرهابيون مبنى المديرية بواسطة سيارة مفخخة، ما أسفر عن تدمير المبنى بالكامل ومقتل ثلاثة من ضباط الشرطة. وبعد كل عملية يخرج بيان بضرورة القضاء على ظاهرة السيارات المتروكة فى الشوارع، وهو ما حدث بعد التفجير الذى وقع فى شارع المعسكر الرومانى بالإسكندرية قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وتضمن البيان: «تحذر الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية، من خطورة السيارات المركونة بشوارع العاصمة على الأمن العام، منبهة على أن عناصر متطرفة يمكن أن تستخدمها فى تنفيذ عمليات إرهابية». وتؤكد دراسة لمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، أجرتها الدكتورة عزة كريم، أن السيارات المتروكة فى الطرق أو عند محطات البنزين أو المقرات الدبلوماسية، هى سلاح فى يد البلطجى والإرهابيين لترويع وقتل المصريين، فى ظل تباطؤ المسئولين بالأحياء، مطالبة باليقظة السريعة لهذه المشكلة، ومواجهتها بوسائل الحماية والأمان المجتمعى والسلامة على الطريق، مشيرة إلى وجود حوالى 7 آلاف سيارة خردة تنتشر فى شوارع القاهرة والجيزة، يستغلها الخارجون عن القانون فى الأعمال المنافية للآداب وتعاطى المخدرات، متسائلة: "ما الذى يمنع من استخدامها للتفجيرات؟". وقال أحمد على، موظف، ومقيم فى منطقة الأميرية، إن إهمال نظافة الشوارع من السيارات القديمة والخردة يزعج أهالى شارع مصر حلوان، بعدما تحولت إلى مقالب عمومية للقمامة والقاذورات، مما أدى إلى انتشار الحشرات والروائح الكريهة التى تصيب المواطنين بالأمراض المختلفة، وقد تؤدى إلى الموت أحيانًا، أو استخدامها من قبل المخربين وزرع فيها متفجرات لحصد أرواح أبرياء, كل ذلك نتيجة غياب دور المسئولين بالمحليات، وقوة الردع على المخالفين. مستشار وزير النقل: حملات مستمرة لرفع السيارات القديمة والحد من مخاطرها أكد اللواء عبد السميع وهدان، مستشار وزير النقل، رئيس حى المقطم الأسبق, أن حملات الإشغالات ستظل مستمرة فيما يخص رفع السيارات القديمة للحد من مخاطرها الأمنية والبيئية، والعمل دومًا على ضبط السير وتيسيره لجميع المواطنين. وأضاف "وهدان"، أن موظفى الأحياء يقومون بحملات يومية على الطرق والشوارع والأحياء المختلفة، لرفع السيارات المهملة التى لا تحمل لوحات معدنية، بعدما تركها أصحابها لمدة طويلة فى الشوارع، وهى بالتأكيد تمثل عبئًا فى مباشرة عملهم، كما أنها تمثل استنزافًا للوقت فى حالة إبلاغ الإدارات المرورية عن تواجدها فى منطقة ما لكى يتم التعامل معها، لخطورتها على الأمن العام وسلامة المجتمع. مصدر أمنى: تمثل خطورة كبيرة ويمكن استغلالها فى عمليات إرهابية قال مصدر أمنى، إن إلغاء كلابشات السيارات المتوقفة بجانب الطرق، لن يطبق حاليًا، وهو مقترح من بعض مواد مشروع قانون المرور، والذى لم يتم الموافقة عليه حتى الآن. وأضاف المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه ل"المصريون"، أن مشروع القانون تطرق لمشكلة ركن السيارات المخالفة بالطريق العام وتركها بشكل مخالف، مشيرًا إلى أن تلك الظاهرة تتطور مع الوقت لتصبح ركن السيارات بشكل دائم بالطرق ما يتسبب فى حالات ازدحام مرورى كبير؛ فضلًا عن إمكانية استغلال تلك السيارات فى الحوادث الإرهابية عن طريق زرع عبوات ناسفة بالقرب منها أو أسفلها وخاصة السيارات المركونة بالقرب من الأماكن المهمة والحيوية. وتابع المصدر: أنه نظرًا لخطورة تلك السيارات فإن القانون الحالى يتعامل مع أصحابها بتحرير مخالفة وكلبشت السيارة وتركها بمكانها، إلا أن مشروع القانون الجديد اقترح رفع السيارات المخالفة نهائيًا من الشارع عن طريق أوناش ورافعات خاصة بالمرور، ونقلها لأماكن معلومة بكل محافظة سيتم تحديدها عقب البدء في تنفيذ القانون، وإجبار صاحب السيارة على دفع المخالفة والإفراج عن سيارته بعد ذلك. وأشار المصدر، إلى أن إدارات المرور على مستوى الجمهورية لم تعدل أو تطبق أى مواد موجودة بالقانون الجديد حتى يتم الموافقة عليه بشكل كامل من قبل مجلس النواب، مضيفًا أنه من الوارد تعديل أغلب بنود المشروع وفق احتياجات ومتطلبات الطرق والإدارات خلال الأيام المقبلة وأنه من السابق التحدث بشكل جازم على القانون وكأنه سيطبق فى الغد القريب. نور الدين: السيارات المتروكة فى الشوارع خاصة المتهالكة بمثابة قنابل موقوتة ومن جانبه قال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق, والخبير الأمنى حاليًا، إن وجود تلك السيارات نتيجة سلوكيات خاطئة, موضحًا أن تلك السيارات المتروكة فى الشوارع خاصة المتهالكة بمثابة قنابل موقوتة يمكن استغلالها فى عمليات إرهابية عن طريق وضع متفجرات بداخلها واستهداف شخصيات أو مواطنين. وأضاف "نور الدين" ل"المصريون"، أن هناك تعليمات من وزارة الداخلية لجميع الضباط على مستوى الجمهورية بعمل تحرٍ عن أى سيارة متروكة فى الشارع ويملأها التراب والكشف عن هويتها وتحديد مالكها. وتابع الخبير الأمني: أن هناك العديد من السيارات تم استخدامها في عمليات إجرامية مثل السرقة وغيرها، وتم تركها بعد تنفيذ الجريمة, موضحًا أن ضباط المرور يقومون بالتبليغ عن تلك السيارات المشكوك فيها لفحصها. وأوضح "نور الدين"، أن السيارة التى لم يستدل على صاحبها تقوم الداخلية بالاستعانة بمهندس فنى تابع للمرور للكشف عن هوية السيارة عن طريق الرقم الموجود على شاسيه الموتور، وبحث البلاغات المقدمة من المواطنين بسرقة سيارتهم للوصول لصاحبها. وطالب "نور الدين"، كافة أجهزة الدولة خاصة رؤساء الأحياء, فى إزالة تلك السيارات التى يمكن أن يستغلها عديمو الضمير فى تنفيذ عمليات إجرامية الهدف منها زعزعة أمن البلاد. فؤاد علام: لا تمثل خطورة على الأمن المصرى وفى تصريح ل"المصريون"، قال اللواء فؤاد علام، رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، والخبير الأمنى حاليًا, إن وجود تلك السيارات فى الشوارع وأمام المصالح الحكومية لا تمثل خطرًا على الأمن المصرى, موضحًا أن هناك مواقع معينة وشخصيات معروفة يسعى العنصر الإرهابى للوصول إليها مشيًا على الإقدام لحصد أكبر عدد من الأرواح مثل ما حدث فى مسطرد. وتابع "علام", أن الدولة لابد أن تعمل على إزالة تلك السيارات من أماكنها خاصة أن معظمها متهالك, وذلك لإفساح الطريق وتوسعة الشارع، وعدم التضييق على المواطنين, أو الاستفادة منها ماديًا عن طريق بيعها، ووضع قيمتها فى خزينة الدولة.