هل تُصفي الدولة شركات الحديد والصلب؟، سؤال أثارته تصريحات الدكتور هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، بأنه لا مانع من طرح جزء من شركات قطاع الأعمال في البورصة لمستثمرين مصريين، لا سيما أن بعض الصناعات لم تعد إستراتيجية ومنها صناعة الحديد والصلب. الوزير قال إن الحكومة، على أتم استعداد للتعاون مع القطاع الخاص للمساهمة في إدارة وتطوير شركات قطاع الأعمال العام، فالقطاع العام لا يموت لكنه يحيا وينمو بالمشاركة مع القطاع الخاص. وأضاف خلال استعراض فلسفة خطة تطوير القطاع أمام لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب: "في أمريكا على سبيل المثال صناعة السلاح لم تعد صناعة إستراتيجية، والغذاء والدواء صناعات تتعلق بالأمن القومي ولا يمكن أن تكون كلها في يد القطاع الخاص". الدكتورة علياء المهدي، الخبيرة الاقتصادية، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، رفضت تصريحات ،الوزير قائلة: "إنه في ظل التوسع العمراني والإنشائي الكبير في مصر، تصبح صناعة الحديد والصلب صناعة إستراتيجية هامة". وأضافت المهدي عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أنه "في خارج مصر تتقاتل الدول الكبرى مثل أمريكا والاتحاد الأوربي وكندا وتركيا وحتى السعودية وغيرهم علي حمايتها، و ترفع أسوار حمايتها لتصل إلي تعريفة جمركية تساوي أو تزيد عن %20». وأشارت إلى أنه "يجب حماية صناعة الحديد والصلب المصرية باعتبارها صناعة محلية مهمة وتصدر ما قيمته 900 مليون دولار أو أكثر وتوظف 120 ألف عامل، بالإضافة إلى توفيرها المدخلات الأساسية لصناعة التشييد و كل الأدوات المنزلية المعمرة من ثلاجات وغسالات و بوتجازات ومواد التعبئة للمنتجات من المياه الغازية. وتابعت: "نرجو من سيادة وزير الصناعة حماية صناعة الحديد والصلب من طوفان إغراق قادم لا محالة لمصر بعد إغلاق الدول الأخرى حدودها برفع التعريفة الجمركية علي 25% بينما نحن في مصر متوسط تعريفتنا الجمركية لا تتجاوز 3.6%". وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن "الوزير صرح سابقًا، بأنه سيمنح الشركة مهلة لشهر فبراير القادم، وإذا حققت أرباحًا سيتم الإبقاء عليها، أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه وظلت الخسائر مستمرة سيتم تصفيتها والتخلص منها". وفي تصريح إلى "المصريون"، أوضح النحاس، أنه "خلال الساعات الماضية ظهرت تصريحات جديدة في هذا الشأن، تشير إلى بدء الحديث عن إجراء تسوية مع بنك مصر، صاحب المديونية الأكبر، ما يعني أن الكيان سيظل مستمر". وأشار إلى أن "التسوية ستشمل تنازل البنك عن جزء من فوائد الديون، وجزء منها سيحصل عليها "كاش"، فيما سيحصل على جزء من هذه الديون في صورة أراضي، بينما جزء آخر سيكون في صورة أسهم". وتابع: "هذا يعني استمرارية هذا الكيان، إلا أن الغموض لا زال يحيط الموقف، وربما تظهر تصريحات أخرى تختلف عن تلك التصريحات". فيما اعتبرت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن "حديث الوزير لا يعني بأي حال من الأحوال تصفية شركات الحديد والصلب لمجرد أن كفاءتها الإنتاجية انخفضت أو هناك بعض المشكلات التي تواجهها، لأن تنفيذ هذا الأمر غاية في الصعوبة". وأوضحت الحماقي ل "المصريون"، أن "حل مشكلات تلك الشركات ليس بالتصفية أو التخلص منها، لكن هناك طرق وأساليب من شأنها أن تساعد على رفع الإنتاجية والحفاظ على تلك الأصول، التي تمثل أهمية للدولة". الخبير الاقتصادي، أشارت إلى "ضرورة فتح شراكات بين القطاعين الحكومي والخاص"، معتبرة أن "ذلك حل مناسب لتحقيق نوع من التوازن، وما تم تصفيته في السابق كانت حالات لها خصوصيتها". من جانبه، علق الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، على حديث وزير قطاع الأعمال قائلًا: "أفهم أن يكون الأمر كذلك في دول ما بعد الصناعة التي يعمل أغلب مواطنيها بقطاع الخدمات وهي علي أعتاب الدخول في الثورة الصناعية الرابعة التي تجمع مابين منجزات المعلوماتية والهندسة البيولوجية". وكتب السيد عبر صفحته الشخصية على "فيس بوك": "لكن في دولة لم تنجز حتى الآن ثورتها الصناعية الأولى تبقى صناعة الحديد والصلب صناعة إستراتيجية توفر مستلزمات صناعات كثيرة أخري تستخدم الصلب البيليت الذي تنتجه هذه الصناعة". وتساءل: "هل يكون ذلك مقدمة لتصفية شركة الحديد والصلب وإغضاء الطرف عن الاتفاق الذي وقعه هو نفسه مع المسئولين الروس لتطوير هذه الصناعة في مصر، نلتمس التوضيح". بينما أبدت النائبة نادية هنري، عضو تكتل "25-30"، تخوفها من عدم وجود خطة مستقبلية واضحة المعالم، متسائلة: "ما هو حجم الأموال التي ستدخل الموازنة من الوزارة؟ وما موقف العمالة التي سيتم تخريجها من الشركات التي سيتم طرحها؟". وخلال اجتماع وزير قطاع الأعمال مع اللجنة، قال إن الحكومة لديها خطة كاملة وتفصيلة لتطوير شركات قطاع الأعمال، إلا أن الشركات التي ستفشل معها هذه الخطة يجب إغلاقها في حالة عدم نجاح كافة إجراءات الإصلاح. وأضاف: "مش عايزين نكرر سيناريو الدخول في خسائر لمدة 20 عاما، ولازم يكون عندنا شجاعة قرار التصفية"، مؤكدًا أن الحكومة لديها خطة دقيقة وتفصيلية لدمج الشركات سواء على مستوى المصانع أو العمال أو الماكينات التي سيتم بيعها كخردة "سعر طن الخردة يصل الآن ل 7 آلاف جنيه". وأوضح أن "خطة الإصلاح لن تٌحمّل خزانة الدولة شيء، من خلال استغلال الاأصول والأراضي غير المستغلة، وقال إنه بمراجعة هذه الأصول اكتشفنا وجود أراضي ومصانع ومحالج بالقرب من الكتلة السكانية وعلى ضفاف النيل، لذلك فالحكومة تستعد لتحويل نشاط هذه الأراضي من صناعي إلى سكني خدمي، وهو ما سيوفر التمويل للازم لخطة التطوير "مش هنحتاح حاجة من الدولة أو البنوك". واعتبر أن "مشكلة قطاع الحديد والصلب ليست في توفر الخام وإنما في تطوير الأفران الموجودة حاليًا"، مشيرًا إلى أن "خام الفحم الموجود في المنجم الذي يمد المصنع بالخام اللازم لديه احتياطي لمدة 19 عامًا".