انطلقت خلال الأسابيع الماضية، حملات وقوافل دعوية في المحافظات المختلفة، والتي قامت خصوصًا على مخاطبة المواطنين عن قرب، من خلال حملة طرق المقاهي، للتحدث حول مختلف القضايا التي تشغل اهتمام المواطن، والإجابة عن التساؤلات التي تشغل اهتمامه. وأعلن الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، التوسع في أنشطة المقاهي الثقافية بجميع المناطق والأحياء السكنية بمحافظات الجمهورية، ضمن خطة استراتيجية موضوعة خلال السنوات الأربع المقبلة؛ لتحقيق مزيدٍ من التواصل بين وعّاظ الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وفئات الشعب، في إطار المشاركة التوعوية والمجتمعية بمخاطر الإرهاب والتطرف الدخيل على المجتمع المصري. وأكد أن الهدف من الحملة الأساسي هو توعية المواطنين وتوضيح معاني مفاهيم الإرهاب والتطرف، وكيفية مواجهة الجماعات التكفيرية، والتصدي لمفاهيمهم المغلوطة. وأشار إلى أن الموضوع لم يكن وليد الصدفة ولكن البداية كانت في عام 2016؛ حيث شهد نحو 15860 لقاءً بين وعّاظ الأزهر وفئات الشعب المختلفة من رواد المقاهي، ولاقت هذه الحملات استحسان الجماهير، وحاول الوعاظ عدم الاقتصار على مفهوم تجديد الخطاب الديني، وتعريف الناس بمخاطر الإرهاب والتطرف، وخاض الأزاهرة نقاشات جانبية بشأن المسائل الدينية الأخرى التي يريد المواطنون إجابة لها. وتابع: "خلال النصف الأول من العام الحالي، تم إطلاق نحو 2001 لقاء بالمقاهي الثقافية في مختلف محافظات الجمهورية، إذ دار الحوار بين الوعاظ والمواطنين في إطار 5 محاور، وهي: المشكلات التي تعرقل مسيرة التنمية لمصر - مكانة القدس - مكافحة الفساد - مفهوم التطرف والإرهاب - مفهوم تجديد الخطاب الديني". كما حرصت الحكومة في برنامجها لخطة "2019 : 2022"، والذي يحمل عنوان "مصر تنطلق"، على دعم الجانب الدعوى وتجديد الخطاب الديني؛ لمواجهة الفكر المتطرف وتفتيت الإرهاب بالتوازي مع المواجهات الأمنية، من خلال مجمع البحوث الإسلامية، باعتباره الجناح الدعوى لمؤسسة الأزهر، وذلك بتخصيص 3.1 مليار جنيه لتنفيذ عدد من الحملات والإجراءات التي تهدف وتضمن نشر الفكر الوسطى وضمان الريادة المصرية في نشر تعاليم الدين الإسلامي الوسطى. ونصت البرامج على تنفيذ 18 ألف قافلة دعوية ونحو 150 حملة توعية و30 ألف ندوة ثقافية وتنظيم نحو 300 دورة تدريبية، والتوسع في إنشاء لجان الفتاوى الدينية من 230 لجنة حاليًا إلى 456 لجنة بنهاية البرنامج، وزيادة عدد الوعاظ من 4105 حاليًا ل 10 آلاف واعظ بنهاية عام 2022. وقال، الأمين العام مجمع البحوث الإسلامية، إن "المجمع يعتمد على نشر وعاظه في المقاهي بمحافظات مصر لتوعية المواطنين بخطر الأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية سعيًّا وراء إعادة منظومة الأخلاق التي يفتقدها المجتمع". وأضاف عفيفي ل"المصريون" أن "للمجمع خططًا كثيرة سينفذها خلال الفترة المقبلة، منها نشر مؤلفاته العلمية بعدة لغات، علاوة على عقد لقاءات مع الطلاب الوافدين من غير سكان مدينة البعوث للاهتمام بهم ومساعدتهم في فهم المواد الدراسية". وأشار إلى أن "الحملة لا تقتصر على المقاهي فقط, بل ستتجه إلى جميع المؤسسات الحكومية, لأن الهدف توعية بالسلوك الوظيفي الرشيد وكيفية التعامل مع المواطنين، والحفاظ على الوقت، لما لذلك من بعد ديني ووطني في هذه المسألة، وترسيخ سلوك الانضباط والأمانة والدقة والصدق في أداء العمل الوظيفي، وحاز إعجاب عدد كبير من العاملين. وأوضح أنه "سوف يتم التنسيق مع المحافظات من أجل التفاعل، ودعم جهود الدولة في ضبط السلوك الوظيفي، وترسيخ مفاهيم وقيم الانتماء خاصة للموظفين". وقال الدكتور عبدالحليم محمد، عميد كلية الشريعة والقانون بالدقهلية: "إننا نتابع كل ما يُقال وينشر على الإسلام للرد عليه، ونتصدى لكل ما يتعلق بالفكر الإرهابي المتطرف ومقاومته، في إطار برامج التوعية التي يقدمها الأزهر، بالإضافة إلى أكثر من 85 كلية تقاوم الفكر المتطرف والمنحرف". وأضاف عبدالحليم ل"المصريون"، أنه "توجد طرق أخرى وجديدة في ظل الدعوات المتكررة للرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني، فالفكرة ليست فكرة دينية بل فكرة مجتمعية تتعلق بأمن الوطن، فإذا كانت القوات المسلحة تسعى لحماية الحدود، فالأزهر منوط به الحفاظ على العقول، وحمايتها من الاختطاف والعبث بها من الجماعات الإرهابية، التي تريد صياغة العقل من جديد لبعض الأفراد حتى ينشروا الفكر التكفيري في ربوع الوطن بأكمله". وأشار إلى أن "المشكلة مشكلة أمن قومي؛ فلا بد من تطوير فكرة المناهج التعليمية للأزهر، من الابتدائي، مرورًا بالإعدادية، وحتى الجامعة، من خلال تدريس فكر المواطنة والتعايش الإنساني والسلمي، والأهم من ذلك كله هو تغيير الفكر الجهادي لدى البعض، فلا بد من التقييم الحقيقي لمفهوم الجهاد". وأوضح عميد كلية الشريعة والقانون بالدقهلية، أن "كل القضايا لا بد من إعادة صياغتها في ضوء الواقع والمتغيرات الجديدة في العصر الحالي، وكل ذلك من خلال النصوص الدينية التي وجهها الله لنا، ومن ثم يتم تدريس هذه المناهج وتعميمها على جميع المدارس والمعاهد والجامعات الإسلامية". واستطرد: "علينا أن نخلق فكرًا يساعد على النهوض والتجديد حتى ينشر في وسائل الإعلام عن طريق أدعياء مؤهلين للحديث فيما يخص التجديد، ومن ثم نتحدث عن ميزانية هذه العملية".