عفيفى: نسعى للتوعية المجتمعية من مخاطر الإرهاب عميد كلية الشريعة: الأزهر يحرس الفكر كما يحرس الجيش الحدود تدشين أكاديمية الأزهر لتأهيل وتدريب الأئمة والدعاة والوعظ "تجديد الخطاب الديني"، دعوة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية المولد النبوي عام 2015، وهو ما أدى إلى تحرك الأزهر والمؤسسات الأخرى في ذلك المسار، فكانت أكشاك الفتاوى التي انتشرت داخل محطات مترو الأنفاق أولى الخطوات لإيصال "الإسلام الوسطي" إلى المواطنين، بعيدًا عن منهج الغلو والتطرف، من خلال التواصل مع رواد المترو والإجابة على تساؤلاتهم. وهي الفكرة التي لاقت تجاوبًا واسعًا من جانب المواطنين، إذ أنه وخلال 32 يومًا من إطلاقها، قال الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام للمجمع، إن لجنة الفتوى بمترو الأنفاق أجابت على نحو 2850 طلب فتوى خلال 32 يومًا، 27 % منها تخص الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق، قبل أن يتم وقف الخدمة، لعدم تجديد البروتوكول بين الأزهر ومترو الإنفاق. وعلى ذات المنوال، جاءت الحملات والقوافل الدعوية التي أطلقها المجمع خلال الشهور الماضية في المحافظات المختلفة، والتي قامت خصوصًا على مخاطبة المواطنين عن قرب، من خلال حملة طرق المقاهي، يتحدثون فيها حول مختلف القضايا التي تشغل اهتمام المواطن، والإجابة على التساؤلات التي تشغل اهتمامه. وأعلن الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، عن توسعات داخل الوسط الديني بمصر، كانت البداية بتوسيع أنشطة المقاهي الثقافية بجميع المناطق والأحياء السكنية بمحافظات الجمهورية، ضمن خطة إستراتيجية موضوعة خلال السنوات الأربع المقبلة؛ لتحقيق مزيدٍ من التواصل بين وعّاظ الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وفئات الشعب، في إطار المشاركة التوعوية والمجتمعية بمخاطر الإرهاب والتطرف الدخيل على المجتمع المصري. وأكد أن الهدف من الحملة الأساسي هو توعية المواطنين وتوضيح معاني مفاهيم الإرهاب والتطرف، وكيفية مواجهة الجماعات التكفيرية، والتصدي لمفاهيمهم المغلوطة. وأشار إلى أن الموضوع لم يكن وليد الصدفة ولكن البداية كانت في عام 2016؛ حيث شهد نحو 15860 لقاءً بين وعّاظ الأزهر وفئات الشعب المختلفة من رواد المقاهي، ولاقت هذه الحملات استحسان الجماهير، وحاول الوعاظ عدم الاقتصار على مفهوم تجديد الخطاب الديني، وتعريف الناس بمخاطر الإرهاب والتطرف، وخاض الأزاهرة نقاشات جانبية بشأن المسائل الدينية الأخرى التي يريد المواطنون إجابة لها. وتابع: "خلال النصف الأول من العام الحالي، تم إطلاق نحو 2001 لقاء بالمقاهي الثقافية في مختلف محافظات الجمهورية، إذ دار الحوار بين الوعاظ والمواطنين في إطار 5 محاور، وهي: "المشكلات التي تعرقل مسيرة التنمية لمصر - مكانة القدس - مكافحة الفساد - مفهوم التطرف والإرهاب - مفهوم تجديد الخطاب الديني". كما حرصت الحكومة في برنامجها لخطة "2019 : 2022"، والذي يحمل عنوان "مصر تنطلق"، على دعم الجانب الدعوى وتجديد الخطاب الديني؛ لمواجهة الفكر المتطرف وتفتيت الإرهاب بالتوازي مع المواجهات الأمنية، من خلال مجمع البحوث الإسلامية، باعتباره الجناح الدعوى لمؤسسة الأزهر، وذلك بتخصيص 3.1 مليار جنيه لتنفيذ عدد من الحملات والإجراءات التي تهدف وتضمن نشر الفكر الوسطى وضمان الريادة المصرية في نشر تعاليم الدين الإسلامي الوسطى. ونصت البرامج على تنفيذ 18 ألف قافلة دعوية ونحو 150 حملة توعية و30 ألف ندوة ثقافية وتنظيم نحو 300 دورة تدريبية، والتوسع في إنشاء لجان الفتاوى الدينية من 230 لجنة حاليًا إلى 456 لجنة بنهاية البرنامج، وزيادة عدد الوعاظ من 4105 حاليًا ل 10 آلاف واعظ بنهاية عام 2022. وقال الدكتور عبدالحليم محمد، عميد كلية الشريعة والقانون بالدقهلية: "إننا نتابع كل ما يُقال وينشر على الإسلام للرد عليه، ونتصدى لكل ما يتعلق بالفكر الإرهابي المتطرف ومقاومته، في إطار برامج التوعية التي يقدمها الأزهر، بالإضافة إلى أكثر من 85 كلية تقاوم الفكر المتطرف والمنحرف". وأضاف: "توجد طرق أخرى وجديدة في ظل الدعاوى المتكررة للرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني، فالفكرة ليست فكرة دينية بل فكرة مجتمعية، بالإضافة إلى تعلقها بأمن الوطن، فإذا كانت القوات المسلحة تسعى لحماية الحدود، فالأزهر منوط به الحفاظ على العقول وحمايتها من الاختطاف والعبث بها من الجماعات الإرهابية، والتي تريد صياغة العقل من جديد لدى بعض الأفراد حتى ينشروا التكفير في ربوع الوطن بأكمله". وأشار إلى أن "المشكلة مشكلة أمن قومي فلابد من تطوير فكرة المناهج التعليمية للأزهر بداية من سن مبكرة، من الابتدائي مرورًا بالإعدادية وحتى الجامعة، من خلال تدريس فكر المواطنة والتعايش الإنساني والسلمي، والأهم من ذلك كله هو تغيير الفكر الجهادي لدى البعض، خاصة وهو العقيدة الأهم عند المسلمين فلابد من التقييم الحقيقي لمفهوم الجهاد". وتابع: كل القضايا لابد من إعادة صياغتها في ضوء الواقع والمتغيرات الجديدة في العصر الحالي، وكل ذلك من خلال النصوص الدينية التي وجهها الله لنا، ثم يتم تدريس هذه المناهج وتعميمها على جميع المدارس والمعاهد والجامعات الإسلامية. واختتم بقوله: "علينا أن نخلق فكرًا يساعد على النهوض والتجديد حتى ينشر في وسائل الإعلام عن طريق أدعياء مؤهلين للحديث فيما يخص التجديد، ومن ثم نتحدث عن ميزانية هذه العملية". وفي سياق توجيهاته بتَجديد الفِكر الدينيّ والخِطاب الدعويّ، وتَزويد العاملين في المجال الدعويّ والإفتائيّ بالمَهارات والأدوات التي تُساعِدهم على مواجهة الأفكار المتطرفة، وتَرسيخ قيَم التعايُش والحوار وقَبول الآخَر؛ وَفقًا لقَواعِد المنهج الأزهريّ القَويم، أصدر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في السابع من أكتوبر الماضي قرارًا؛ بإنشاء "أكاديمية الأزهر الشريف لتأهيل وتدريب الأئمة والدعاة والوُعّاظ وباحثي وأُمناء الفتوى"، على أن يكونَ مَقَرُّها الرئيسُ بالقاهرة. ومن المقرر أن تنطلق الأكاديمية التي تهدف لتأهيل وتدريب الأئمة والدعاة والوُعّاظ وباحثي وأمناء الفتوى عملها، اعتبارًا من يناير المقبل، بعد الانتهاء من تجهيز مَقار الأكاديمية، وإعداد المناهج الخاصة بتأهيل وتدريب الأئمة، بحد أقصى: منتصف ديسمبر المقبل؛ وَفقًا لتوجيهات شيخ الأزهر. وتُمارِس "الأكاديمية" عملَها بالتعاون والتنسيق مع وزارة الأوقاف ودار الإفتاء والجهات المَعنيّة بهذا الشأن، وسوف يَعقد فضيلة الإمام الأكبر اجتماعًا تَنسيقيًّا بين هذه الجهات خلال الأيام القادمة؛ للاتّفاق على نظام العمل بالأكاديمية، ودَور كلّ جهةٍ منها. وتَهدِف أكاديمية الأزهر إلى تأهيل وتدريب العاملين في مجالات: الوعظ، والإمامة والخطابة، والدعوة، وأمانة الفتوى، من خِرّيجي الكُليات الشرعية والعربية بالأزهر، فيما نَصّ قرارُ شيخ الأزهر؛ على تشكيل لجنةٍ متخصّصة لوَضْع المناهج والبَرامِج التدريبية الخاصّة بالأكاديمية، على أن تنتهيَ من عملها خلال شهرين على الأكثر. وتشمل الأكاديميةُ قسمين؛ الأول: تأهيليّ، وهو مُخَصَّصٌ لحَديثي التَّخرُّج الراغبين في الالتحاق بالعمل الدعوي؛ وذلك بهدف تكوين عقولٍ قادرة على مُسايَرة تطوُّرات الأحداث والمجتمعات، وإتقان التعامل معها بالوسائل والتقنيات الحديثة، وتزويدهم بما يحتاجه الداعيةُ الأزهريّ، صاحبُ المنهجِ الوَسَطيّ المُعتدِل. أمّا القِسْم الثاني من الأكاديمية: فهو يَختصّ بتدريب العاملين في المجال الدعويّ؛ من الوُعّاظ والأئمة والدُّعاة وباحثي الفتوى وأُمنائها؛ وذلك لتَوعيتهم بالسياقات المختلفة المحيطة بالمَهَامّ الدعوية وفقه الواقع، وتنمية الجانب العِلميّ والخُلُقيّ لديهم؛ بما يُمَكِّنُهم من أداء المَهامّ المَوكولة إليهم. وتخضع الأكاديمية من الناحية العلمية والعَمَليّة والإدارية لإشراف مجمع البحوث الإسلامية، مع الاستعانة بأساتذة جامعة الأزهر، والمُتميّزين من وزارة الأوقاف ودار الإفتاء.