القاعدة الأمنية تقول إن العنف يولد مزيدًا من العنف، وقد عاتبنى الكثيرون بعد نشر مقال «شهداء ومسئولون» يوم الأربعاء قبل الماضى 8 أغسطس، عقب المجزرة البشعة التى ارتكبت ضد جنودنا فى رفح حيث قلت بالحرف الواحد: «لماذا الاستنكار والدهشة المفتعلان اللذان وسما وجوه كل من يسمع باحتمال أن يكون الجبناء.. الكفار.. الفجار منفذو الاعتداء الوحشى «مصريين»! أو على الأقل بعضًا منهم، ألم يعلمنا التاريخ بوجود جماعات متطرفة، يحتاج أفرادها لعلاج نفسى مكثف، ولا تزال الدولة فى عقيدتهم كافرة، والدليل على ذلك ما قاله الجندى الوحيد الناجى الذى وصف الحادث، وقال: إن القتلة كانوا يهتفون: «الله أكبر.. الله أكبر يا خونة».. فمن - سوى مجنون مغيب - يعتقد أن أطهر جنود الأرض «خونة»، وأن «عينًا باتت تحرس فى سبيل الله» هى عين «خائن»! واستنكر اللائمون أن يكون المجرمون مصريين، وألقوا باللائمة على إسرائيل و«موسادها»، أو الفلسطينيين و«جهادهم». واليوم وبعد المعركة الشرسة التى تخوضها قوات الجيش والشرطة ضد قوى الظلام فى سيناء، وإحالة أوراق 14 من أعضاء تنظيم «التوحيد والجهاد» إلى فضيلة المفتى؛ بسبب مشاركتهم فى تخطيط وتنفيذ الهجمات الدموية التى روعت العريش، وقتلت الأبرياء فى الهجوم على قسم ثانى العريش وفرع بنك الإسكندرية، إضافة للشواهد التى تؤكد أن «أغلب» مجرمى مجزرة رفح من المصريين بعد كل ذلك، لابد من وقفة جادة مع ما يحدث فى سيناء ولها. طبعًا لابد من الاستمرار فى تطهير أرض الفيروز من كل عناصر الإرهاب التى لا مجال لحديث العقل معها، ولكن المؤكد أن العلاج الجذرى يجب ألا يكون بطلقات الرصاص ودانات المدافع وصواريخ الطائرات، فكما نعرف، وكما تؤكد شواهد التاريخ، العنف لا يولد سوى العنف، والدخول فى حلقة مفرغة لا تنتهى، تسيل خلالها الدماء من الطرفين، وكلاهما مصريون وإن لم يتساويا أبدًا. الخوف كل الخوف أن يتحول «الإرهاب فى سيناء» إلى معركة مفتوحة، تتصل وتمتد لتشغل الجميع عن مواجهة الأوضاع «الكارثية» على أصعدة الاقتصاد والأمن والتنمية، وسيكون الخاسر الأول هو الشعب المصرى الذى ينتظر الكثير ليتحقق تحت حكم الرئيس المنتخب، كما سيتم بذلك تحويل انتباه الفريق الرئاسى والحكومة عن الأولويات والتحديات الأساسية ليركزوا على مكافحة الإرهاب ومواجهة الإرهابيين. وهنا يجب التأكيد أن المستفيد الأكبر من ذلك ولا شك هى إسرائيل التى تكون قد نجحت فى إشغال مصر بذاتها، عن مواجهة العدو الأول، وعن التيقظ لمخططه، وكذلك بقايا النظام السابق وأتباعه الذين سيجدون فى عدم تحقيق الإنجازات المطلوبة، والوعود التى قطعها على نفسه الرئيس المنتخب ذريعة لتأليب الناس عليه، وبالتالى إدخاله فى قضايا جانبية تستنزف تركيزه ووقته وجهده، بدلاً من التركيز على تحقيق الإنجازات.. والحل فى رأيى المتواضع هو الإسراع قدر الإمكان فى إنهاء العمليات العسكرية، وتشكيل «جبهة» من علماء المسلمين تفتح حوارًا مع الجماعات الجهادية المتمركزة فى سيناء، جند الله، والتوحيد والجهاد وغيرها، وفى الوقت نفسه يتم إعلان خطة عاجلة، قصيرة ومتوسطة المدى لإحداث التنمية الشاملة والمستدامة فى سيناء، بما يوفر فرص العمل لشبابها، ويرفع المستوى المعيشى لأسرها، وملء الفراغ السكانى الموحش بملايين الشباب المصريين الذين سيؤدى وجودهم إلى تغيير إيجابى لخريطة سيناء، ودورها فى حماية أمن مصر ودعم اقتصادها. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66