كنت أسمع صوت أبى ينخفض - عندما كان يتحدث عن أحد جيراننا، والذى كان أحياناً يصدر من منزله صراخ قرب الفجر - قائلاً إنه "إخوانجى..! والتصقت الكلمة وذعر أبى بذاكرتى منذ أكثر من أربعين عاماً حتى الآن وأخذتها كمَسَبة أو شتيمة مثلها مثل كلمات التصقت أيضاً بالعليلة ذاكرتى كإشارة أمى على هؤلاء - مع لى شِفتها السفلى وكرمشة أنفها - لأ لأ.. دول "بروتستانت" أو لأ مالكش دعوة بيهم دول "شهود يهوه"!! وكان ينقصها أن تقول بعد كل هذه المعلومات الثمينة، التى ألصقتها بعقلى "أعوذ بالله من غضب الله". وكبرنا.. وأقر بأن نوع الغراء الذى استعملته أمى فى اللصق كان من النوع المستورد ولم أنج منه إلا وأنا الآن فى العقد الخامس من عمرى.. وبدأت أتعلم ألا آخذ بالمسلَمات أبداً، وأن أُعمل عقلى فى كل شىء مهما كلفنى من الوقت فعاقبة الأخذ بالمسلَمات كماهى تحرمنى من أعز ما خلقه الله داخل الإنسان ....عقل الإنسان! كنت أشاهد التلفاز منذ عدة سنوات قبل الانتخابات الاسترالية مباشرة، وقد شاهدت فتاتين أستراليتين تقول إحداهما "حانتخب حزب العمال" وسألها المذيع لماذا؟؟ قالت "أبداً نوع من التغيير.. زهقنا بقى من الأحرار هاهاها"..! وكدت أن أجن قائلاً: أهكذا يترك مصير أستراليا بين يدى هؤلاء المراهقات؟! ومرت السنوات مع العمال وأجزم بأننى قد ندمت على كل ما قلت عن هؤلاء المراهقات وعن الانتخابات.. وكانتا على حق.. فالتغيير لمجرد التغيير هو هدف صالح وتنموى بل وصحى أيضاً.. ولكن دعونا من أستراليا ولنرجع إلى مصر والإخوانجية فزاعة مصر بلا منازع على مدى ستة عقود مضت.. كانوا دائماً لغزاً نفشل فى حل شفرته وضعوا وأعلنوا العديد من البرامج الإصلاحية وكل برنامج يضعونه كان يتضارب مع ما قبله ثم يتلوه برنامج آخر يتضارب مع كل ماسبقه...!! وكانت برامجهم هذه برامج على الورق ولم تر الأسفلت ولا النور أبداً ولم تتفاعل تطبيقياً مع حياة المصريين.. وجاءت بهم الأغلبية من الشعب المصرى وقلت لنفسى "يعنى هما بنات أستراليا العيال دول أشجع منى" والتحمت مع الأغلبية مؤمناً بأنه مهما كان حكم الإخوان فلن يكون أسوأ لمصر من حكم الثلاثة عقود المباركية، والتى أخرجت مصر من خارطة العالم الثالث.. وقلت ومن قلبى هو فيه حد يحمى غيرك..... يا رب. وبدأ مرسى فترته الرئاسية.. حامياً نشطاً منذ اللحظة الأولى وشاهدت صور الرئيس السابق تهوى وقرار بمنع وضع صور لمرسى بدلاً منها، وذلك بقرار من مرسى نفسه!! وتساءلت: خير اللهم اجعله خيرًا ... !!؟ وجاءت الوزارة الجديدة ومعها سلة مملوءة بالمشاكل المتراكمة ومعنا سلتنا المملوءة بأسئلتنا وتساؤلاتنا ولم نستطع رؤية بعضنا البعض بوضوح، وذلك لانقطاع التيار الكهربائى بصورة تدعو إلى الشك فيمن وراء ذلك؟! واتهموك بالتقصير يامرسى وكأنك كنت أنت وزير الكهرباء فى كل وزارات مبارك السابقة! وبدأت أتمسك بك نعم.. فانقطاع الكهرباء كان مستغرباً وأكثر من المعتاد.. ولابد أن من يريدون الإطاحة بك سواء كانوا من الفلول أو الكنيسة – التى ربطت التظاهرات ضد مبارك وأحلتها ضدك!!! أو آخرين كانوا يتصيدون شهر الصيام حتى يضمنوا التأثير المضاعف لنواياهم الشيطانية.. عندها أدركت مدى خطورتك عليهم وعلى مخططاتهم النجسة.. وسيأتى يوم 24 أغسطس 2012، وستزداد قرباً من الشعب لأنك تعمل من قلبك ولأن أسبابهم واهية.. وإن كنت أنصحهم بإلغاء هذه المليونية لانتفاء الأسباب. يقولون إن المرشد هو من يضع القرارات فى فمك لتنطق بها للشعب وأقول ربما.. ولكن ليس بهذه الصورة.. فالرجل لا يقرأ من ورق مكتوب، ولكنه وفى معظم الأوقات يتكلم مباشرة ومن القلب.. نعم قد يكون المرشد أحدهم فعلاً.. ولكن ألا يمثل المرشد وفريقه قطاعاً كبيراً من الشعب؟! ثم جاء تعيين المستشار مكى نائباً لك وأدركت حينها مدى اتساع وتنوع دائرة فريقك الإستشاري.. واطمأن قلبي. وتوالت الأحداث وقتل 16 من أولادنا فى سيناء فى لحظة غدر وخسة من مجرمين لا دين لهم ولا معتقد.. أعقبها قرار صدر بسرعة من بعد دراسة أسرع وتم نشر الجيش والشرطة فى سيناء.. واحتَرمت المعاهدة يا مرسى.. عندها وضعت سبابة يدى اليمنى على الحبر.. وبصمت.. طبعاً ولم لا فإن الأرض، وقد مالت من تحت قدميك.. ولكنك يا دوك لم تنزلق...!! وتذكرت حينها القول الشهير "لقد وقعنا فى الفخ".. ولكننا نجونا معك يامرسى ولم تقع مصر فى الفخ. ثم توالت مفاجآتك وأقلت الُمقصرين وبعدها أحلت قيادات الجيش للتقاعد وأصبح لمصر أخيراً رئيس واحد وكلمة واحدة وظهرت معالم الثورة فى ذلك اليوم التاريخى 13 أغسطس 2012، والذى أثلج صدور معظم فئات الشعب المصرى وبالمناسبة أقترح أن يبدأ العد التنازلى للمائة يوم الشهيرة من 14 أغسطس 2012. إن ميدان التحرير ذلك الصامت الثائر هرم مصر الرابع سيبقى شامخاً مدى التاريخ وسيشهد على خلع الرؤساء والحكام الباطلين والفاشلين بلا هوادة كما أنه سيشهد أيضاً تكريم الصالحين منهم والعادلين المتقين لربهم.. لن تخشى شيئاً يا مصر بعد اليوم.. مصر الأهرامات مصر قناة السويس مصر حقوق الإنسان.. ومصر ميدان التحرير. أرجو من السيد الدكتور محمد مرسى، رئيس جمهورية مصر العربية، الإسراع بتفعيل قانون ازدراء الأديان والمعتقدات وتفعيل قوانين التفرقة العنصرية ومنع الإعلام من ذكر الديانة أو اللون أو العِرق حتى تنسى مصر السؤال العنصرى بل وتجرمه "إنت مسلم ولا مسيحي؟".. وفى انتظار مفاجآتك القادمة. م. هانى سوريال – سدني