قلنا إن الحق سبحانه وتعالى ضرب لنا المثل فى قضية المرض وكيفية العلاج منه وذلك بضرورة الأخذ بالطرائق التجريبية المعروفة، وذلك بمثل سيدنا أيوب عليه السلام ، وضرب لنا مثلا آخر فى قضية العلاج دون النظر للطرائق التجريبية ولا بالأخذ بها وذلك برسوله سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام. ومن هذين المثلين يفطن المؤمن أن الأخذ بالطرائق التجريبية فى العلاج والتداوى لا ينفى التوكل على الله سبحانه وتعالى، والإيمان بأنه الشافى والبارئ. وقد ورد فى الأثر أن نبى الله إبراهيم عليه السلام، وهو المتيقن بأن الشافى هو الله فقال (وإذا مرضت فهو يشفين ). سأل ربه ممن الداء؟ قال: منى. قال وممن الدواء ؟ قال: منى . قال فما للأطباء ؟ قال أناس أسوق الشفاء على أيديهم ، وفى رواية، شىء أسرى به خواطر عبادى، والله أعلم. وقلنا إن النبوة رسالة والطب مهنة وصناعة، وقلنا إن هناك صناعات كصناعة الدروع التى خص الله بها سيدنا داود، وصناعة الفلك وقد خص الله بها سيدنا نوح ، ولم يخص الله الطب كصناعة لأحد من أنبيائه، حتى بمن كانت معجزته الطب وهو سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام. وعندما نسلط أنوار النبوة على أى مهنة من المهن أو صناعة من الصناعات، فإننا سنجد النبوة تقول بالمنطق الشرعى، لأنه هو المنطق الذى لا يتبدل ولا يتغير مثل منطق الحلال والحرام والهدى والإرشاد كقوله صلى الله عليه وسلم "يا عباد الله تداوا فإن من أنزل الداء أنزل الدواء علمه من علمه وجهله من جهله"، وقوله: صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "وقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " ويقول صلى الله عليه وسلم " من غشنا فليس منا " وعن سؤال صحابته بالخمر يتداون بها قال: " بل هى داء وليست دواء " وكقول صحابته له صلى الله عليه وسلم أرأيت يا رسول الله نرقى نسترقيها، ودواء نتداوى به ، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شىء؟ قال " هى من قدر الله " . أليس الطبيب راع ومسئول عن رعيته وهم المرضى هل يمكن لهذه الأقوال أن تتغير مهما تغير الزمان أو المكان؟ . لا، لأنها كلمات نبوة كلمات شرع، وليست كلمات تجارب. وإذا كان علم الطب من أجل العلوم وأعظمها كما قال عنه الإمام الشافعى رضى الله عنه " لا أرى علماً أجل وأعظم بعد علم الشرع ( الحلال والحرام ) من علم الطب" .فقد ورد ذكر الطب فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو داود فى سننه من حديث مجاهد، عن سعد قال: " مرضت مرضا شديدا فأتانى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودنى، فوضع يده بين ثديى حتى وجدت بردها على فؤادى ، وقال لى أنت رجل مفؤود، فأت الحرث بن كلدة، من ثقيف ، فإنه رجل يطبب، فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهن بنواهن ، ثم ليلدك بهن " . ويذكر أبى هريرة : أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر طبيباً أن يبط بطن رجل رجل أجوى البطن ، فقيل يا رسول الله هل ينفع الطب؟ قال: " الذى أنزل الداء أنزل الشفاء، فيما شاء " هذه أحاديث ذكرت فيها كلمة الطب فى عهد النبو، ولم يرد مصطلح ( الطب النبوى ) لا فى عصره ولا فى عصر الخلفاء الراشدين المهديين من بعده. فمتى ظهر؟ وكيف ولماذا؟ د.محمد رسلان طبيب وباحث – خريج جامعة الأزهر.