لا توجد مهنة من المهن ولا حرفة من الحرف ولا صناعة من الصناعات أخذت حظا من الدين مثل ما أخذت مهنة الطب. وقديما ومنذ آلآف السنين وجد أن الطب، والسحر، والدين وقد ارتبطا بعضهم ببعض بدرجة كبيرة ، وكان للكاهن، والساحر، ورجل الدين ، والطبيب، المكانة المرموقة في المجتمع ، كما سجل ذلك قدماء المصريين واليونانيين على جدران معابدهم. وكان الكهنة والقساوسة ورجال الدين يلجأ إليهم كثير من المرضى للعلاج والتداوي من الأمراض المختلفة ، ولا نزال نلاحظ ذلك في وقتناالحاضر. كما أن الأطباء قديما تحدثوا وكتبوا في شتى العلوم مثل الرياضيات كما ذكر عن فيثاغورس والفلك، والفقه وحتى الألوهيات والمنطق والفلسفة ، فكان الطبيب يعتبر فيلسوفاً وحكيمًا في ذات الوقت ، ولعل أشهر مثال على ذلك هوالشيخ الرئيس الطبيب المسلم ابن سينا، أشهر طبيب وفيلسوف مسلم على مر التاريخ . وبعد بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، بنحو ثلاثمائة سنة من الهجرة تقريبا، ظهرمصطلح (الطب النبوي) وهو ما يشار به إلى الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العلاج والتداوي، فقد وضع علماء جامعي الحديث أمثال، البخاري ومسلم وابن ماجه والترمزي وابن داوود والنسائي هذه الأحاديث تحت عنوان الطب . ثم جاء من بعدهم من أخذها ووضعها تحت مسمى ( الطب النبوي ) فصارت تعرف بمسمى ( الطب النبوي ) ومن المعروف أن النبوة ليست مهنة من المهن ولا صناعة من الصناعات ولا حرفة من الحرف ، ولا يستطيع أي شخص أن يكتسبها بالتعلم، ولا بالجد والإجتهاد، ولا حتى بكثرة العبادة . والنبوة ثابتة وراسخة، لا تغير فيها، ولا تبديل ولا تطوير . بينما الطب يعتبر حرفة من الحرف، وصناعة من الصناعات، ومهنة من المهن، يمتهنها البر والفاجر والصالح والطالح والمؤمن وغير المؤمن. ومن الممكن ان يتعلمها أي شخص، ويكتسبها أي إنسان، وتدرك بالجد والإجتهاد، وهي متطورة وغير ثابتة، فهي من أكبر المتغيرات حسب ما يقتضيه الظرف ( الزماني أو المكاني ). فما هو الرابط بين الطب والنبوة حتى يطلق على مجموعة الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العلاج والتداوي ب ( الطب النبوي) ؟ علما بأن هذه الأحاديث الواردة في العلاج والتداوي هي في مقام التشريع منه لمقام الطب وهو ما يؤكد على ان النبوة وكلامها لا يتغير مع مرور الدهر كقوله صلى الله عليه وسلم ( ما انزل الله من داء إلا أنزل له شفاء ) رواه البخاري ، وسنوضح في المقال الثاني علاقة الطب بالنبوة كما ورد في كتاب الله تعالى . د محمد رسلان طبيب وباحث خريج جامعة الأزهر [email protected]