تعتبر مصر المستورد الأول للقمح في العالم، والذي يمثل سلعة أساسية مهمة تستخدمها الحكومة في برنامج كبير لدعم الخبز يعتمد عليه عشرات الملايين من المصريين. ويقول تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية، إن من المتوقع أن تستورد مصر نحو 12.5 مليون طن من القمح في السنة المالية 2018-2019 التي تبدأ في يوليو، وهو رقم يتضمن مشتريات الهيئة العامة للسلع التموينية والقطاع الخاص. ويطمح المصريون أن تحقق بلدهم الاكتفاء الذاتي من القمح، وأن تتوقف تمامًا عن استيراده، وكان ذلك يمثل أحد أهداف ثورة يناير، في الوقت الذي أعلنت فيه مصر أمس عن تحيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي. وقال عصام عبد الله بركات عضو مجلس النواب، إن "لاقتصاد المصري سيستفيد من توفير 27 مليار جنيه سنويًا من فاتورة وقف استيراد الغاز المسال، ونعمل على أن تكون مصر مركزًا إقليميًا لتجارة وتداول الغاز". وأضاف: "تحقيق مصر للاكتفاء الذاتى من الغاز سيكون له تأثيره الإيجابى، ومن بينها الحد من استيراد أنابيب البوتاجاز خاصة بعد توصيل الغاز الطبيعى ل 9ملايين وحدة سكنية، وإعلان وزارة البترول عن توصيل الغاز الطبيعى ل 3 ملايين وحدة سكنية جديدة خلال 3 سنوات". وتابع: "نأمل أن يتبع هذه الخطوة تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع خاصة الغذائية والاستراتيجية وفى مقدمتها القمح"، معربًا عن أمله فى أن يأتى اليوم الذى تعلن فيه الحكومة تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح ووقف استيراده من الخارج أيضًا. من جانبه، قال الدكتور عباس الشناوي، رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بوزارة الزراعة، إن "الدولة تسعى بكل جهودها لتقليص الفجوة الاستيرادية من محصول القمح، من خلال زيادة التوسع الأفقي، وضم زراعات جديدة إلى شريحة القمح فى المستقبل"، مضيفًا: "تلك الجهود ستثمر وسيكون لها مردود إيجابى فى القريب العاجل". وأضاف ل"المصريون": "ستتم زراعة مساحات من مشروع المليون ونصف المليون فدان بالقمح، كما سيتم التوسع الرأسى باستخدام أصناف عالية الإنتاجية، حتى تتقلص فجوة الاستيراد منه". وأوضح، أن "أي الدول لن تتمكن من تحقيق الاكتفاء فى كل شىء، لكن يمكنها أن تزيد نسبة الإنتاج، وتقلص كمية الاستيراد من أى محصول من خلال استخدام الأراضى فى زراعة المحاصيل النقدية التى قد تستخدم لطرح موارد مالية تكون كفيلة أو توازى مقدار الاستيراد من أى محصول آخر حتى تتمكن من التوسع فيه". وقال حسين أبوصدام نقيب الفلاحين، إن "تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح بنسبة 100%، ليس مستحيلاً، ولكن تعترضه العديد من المخاطر، والصعوبات". وأشار إلى أن "هذه الصعوبات تتمثل في تخفيض المساحة المزروعة ببعض المحاصيل الأخرى مثل البرسيم والفول البلدى، والبنجر وكلها محاصيل تلعب دورًا مهمًا فى تحقيق الأمن الغذائى، والتنمية الزراعية المستدامة، وسوف يترتب على ذلك زيادة فاتورة استيراد الأعلاف، والبقوليات، وارتفاع أسعار اللحوم". وأضاف: "هناك العديد من الخطط الاستراتيجية للاكتفاء الذاتى من القمح، منها توفير بذور أعلى إنتاجية, وشراء المحصول من الفلاح بسعر مناسب لأن سعر القمح أقل من سعر الأعلاف". وأوضح نقيب الفلاحين، أن "مواردنا المائية والأرضية باتت محدودة للغاية، وهناك تراجع واضح فى استصلاح الأراضى سواء من قبل الوزارة، أو شركات القطاع الخاص التى تفضل الاستثمار فى مجال المحاصيل الاستراتيجية ومنها القمح لقلة العائد المادى، ومما لا شك فيه أن ندرة المياه من المحددات الرئيسية للتوسع الأفقى، وزيادة المساحة المزروعة من القمح". وأشار أبوصدام، إلى أن "مصر تستورد ما يقرب من 65 إلى 75% من احتياجاتها من القمح، فى حين أن الباقي يتم زراعته محليًا، إلا أن هناك مشكله وهى تخزين الفلاح للقمح بسبب السعر غير المناسب من الدولة". وقال الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والرى السابق، إن "مصر تحتاج إلى 114 مليار متر مكعب مياه لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح". وأضاف: "مصر تمتلك الأراضى الصالحة لزراعة القمح، لكن المشكلة تكمن فى توفير المياه من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتى لزراعة 10 ملايين فدان". وتابع: "احتياجاتنا من المياه علشان أعمل اكتفاء ذاتى وما أستودرش قمح 114 مليار متر مكعب مياه، وأنا بستورد قمح ليه، أنا عندى قمح لكن معدنيش مياه كفاية علشان أزرع 10 ملايين فدان مثلاً قمح". وأشار إلى أن "97% من الموارد المائية المصرية من خارج الحدود، من مياه النيل، لذلك تعد مياه النيل لمصر هى الأساس، ونقوم بخلق موارد أخرى تهدف إلى سد العجز، وأن هناك استهلاكًا للمياه يقدر ب80 مليار متر معكب، ويأتى لمصر 60 مليار متر أخرى من المياه الجوفية والأمطار".