هى واحدة من أهم المعارك فى التاريخ الإسلامى، تحدث عنها القرآن وتنبأ بنتيجتها قبل وقوعها بسنوات، فى قوله تعالى: "غلبت الروم فى أدنى الأرض"، فقد كانت بين العرب المسلمين والروم، ويعتبرها بعض المؤرخين من أهم المعارك فى تاريخ العالم لأنها كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، وآذنت لتقدم الإسلام السريع فى بلاد الشام، المعركة حدثت بعد وفاة الرسول بأربع سنوات. قررت الجيوش الإسلامية الانسحاب من الجابية بالقرب من دمشق إلى اليرموك بعد تقدم جيش الروم نحوهم، تولَّى خالد بن الوليد القيادة العامة للجيش بعد أن تنازل أبو عبيدة الجراح، كانت قوات جيش المسلمين تعدّ 36 ألف مقاتل فى حين كانت جيوش الروم تبلغ 250 ألف مقاتل. بدأت استعدادات البيزنطيين (الروم) فى أواخر سنة 635، ومع حلول شهر مايو 363 كان هرقل قد جمع قوة كبيرة فى أنطاكيا فى شمال سوريا، وتألف جيشه من قبائل السلاف والفرنجة والجورجيون، والأرمن والعرب المسيحيون، وقسمت هذه القوة إلى خمس جيوش، يقوم عليهم أعظم قادة الإمبراطورية البيزنطية، وكان جيش المسلمين مقسماً إلى أربعة مجاميع: واحد تحت قيادة عمرو بن العاص فى فلسطين، وواحد تحت قيادة شرحبيل ابن حسنة فى الأردن، والآخر تحت قيادة يزيد ابن أبى سفيان ضمن منطقة دمشق، والأخير تحت قيادة أبو عبيدة بن الجراح جنباً إلى جنب مع خالد بن الوليد فى مدينة حمص. اكتشف المسلمون استعدادات هرقل عن طريق الأسرى الرومان، مما أطلق الإنذار من احتمالية أن يمسكوا فى قوات منفصلة والتى من الممكن هزيمتها، ودعا خالد بن الوليد إلى مجلس الحرب، حيث نصح عبيدة لسحب القوات من فلسطين ومن شمال ووسط سوريا ومن ثم جمع جميع جيوش المسلمين فى مكان واحد، ثم أمر أبو عبيدة بتجميع الجنود فى السهل الواسع قرب جابية، حيث التحكم بالمساحة تجمع هجمات الخيالة ممكنة وأيضاً تمهد لوصول التعزيزات من الخليفة عمر بن الخطاب، وهكذا فإن قوة موحدة قوية ممكن أن تجابه فى الميدان الجيوش البيزنطية. كانت قوات المسلمين ما بين 25 و 40 ألفا، فى حين كان جيش الروم يصل فى بعض تقديرات إلى مائتى ألف، لكنه فى كل الأحوال كان لا يقل عن أرعة أضعاف الجيش الإسلامى، وامتدت جبهة المواجهة بين الجيشين 13 كيلو مترا. دامت المعركة ستة أيام، اقتصر دور الجيش الإسلامى فيها على صد هجمات الروم، وفى اليوم السادس تحولت إستراتيجية خالد من الدفاع إلى الهجوم، وتمكن بعبقريته الفذة من شن الهجوم المجازف على الروم واستخدام الأسلوب العسكرى الفريد من نوعه آنذاك وهو الاستفادة الصحيحة من إمكانيات "سرية الفرسان سريعة التنقل" ليحول الهزيمة الموشكة للمسلمين إلى نصر مؤزر لهم. كانت معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية، وأبعدها أثرا فى حركة الفتح الإسلامى، فقد لقى جيش الروم (أقوى جيوش العالم يومئذ) هزيمة قاسية، وفقد ما يقرب من 50 ألفا من زهرة جنده، وقد أدرك هرقل الذى كان فى حمص حجم الكارثة التى حلت به وبدولته، فغادر سوريا نهائيا وقلبه ينفطر حزنا، وقد ترتب على هذا النصر العظيم أن استقر المسلمون فى بلاد الشام، واستكملوا فتح مدنه جميعا، ثم واصلوا مسيرة الفتح إلى الشمال الإفريقى.