النفي ليس عليه جمرك!

صار أسهل شيء على الأجهزة الرسمية في مصر أن تنفي حتى يمكن التخيل أنه يمكن أن يخرج من ينفي طلوع الشمس بكل سهولة واستصغار للعقول والأفهام، أو قد تشمل تشكيلة حكومة الدكتور هشام قنديل وزارة للنفي!
مرور قطع بحرية تابعة للأسطول الصيني خبر صحيح وأعلنه مصدر باسم قناة السويس وقال نصا أن الهيئة "إنها سمحت بمرور هذه السفن بعد موافقة وزارة الدفاع وهي الجهة المسئولة عن منح الموافقات التي تتعلق بالسفن الحربية".
أما النفي فهو مناورة والتفافخائب يقصد به الرأي العام المحلي، خصوصا أنه ليس نفيا صريحا دامغا بل محاولة للدوران عكس الحقيقة بالقول إن القطع البحرية الصينية كانت تحمل بضائع ومواد غذائية في طريقها إلى أوكرانيا طبقا لقواعد المرور في الممرات الدولية المائية".
مدمرات وفرقاطاتحربية تحمل بضائع ومواد غذائية.. هذه بدعة.. أليس كذلك؟!.. قطع بحرية تابعة للأسطول الصيني ومتوجهة إلى السواحل السورية، مهما كانت حمولتها لا يجب السماح بمرورها في قناة السويس في تحد للحظر المفروض على بشار الأسد.
النفي المصري سواء عسكري أو رئاسي جاء عائما متهافتا ضعيفا لا يقوى أمام الأدلة والاثباتات وأهمها الإعلان المشار إليه لمصدر هيئة قناة السويس . ربما يغفر للمصدر الرئاسي أنه أخذ نفيه من العسكري العالم ببواطن هذه الأمور والذي يتمتع وحده بحق الاطلاع عليها.
ونسأل: هل يحتاج مرور مواد غذائية إلى موافقة وزارة الدفاع، في حين أن هيئة قناة السويس نفسها قالت إنها حصلت على هذه الموافقة لأن الوزارة هي الجهة المسئولة عن منح الموافقات التي تتعلق بالسفن الحربية؟!
كل الفساد يتم نفيه فهل هذا يعني أن مصر بلد خالية من الفساد؟!.. من العجيب أن يصدق البعض نفي الجهات الرسمية دون تمحيص وتثبت وكأنه وحيا منزلا من السماء، واستسهال نظرية المؤامرة بالقول إن الخبر مفبرك وأن الأجهزة الصهيونية فبركته، وغاب عن البعض أن يقرأ النفي جيدا ليكتشف في النهاية أنه اثبات.
هل فات على وكالة أنباء موسكو القريبة من أوكرانيا أن تعرف أن القطع البحرية الصينية متوجهة إلى ذلك البلد بمواد غذائية وهي التي ذكرت إنها مرت في قناة السويس وسط اجراءات أمنية مشددة، مرجحة أن تكون ضمن الأسطول الصيني الروسي المتجه إلى سوريا.
روسيا نفسها كانت قد أرسلت 11 سفينة الى البحر المتوسط وبعضها رسى في سوريا، وهذه السفن قادرة على حمل مئات الجنود. وكانت مصادر ملاحية في قناة السويس أكدت لوكالات الأنباء قبل مرور القطع الصينية، أنها تلقت طلبا بمرور سفن حربية إيرانية وصينية وروسية متجهة إلى السواحل السورية، ولن تعترضها إذا حصلت على الموافقات اللازمة.
تلك المصادر قالت أيضا إنه ليس من حق قناة السويس طبقا لاتفاقية القسطنطينية المنظمة لعمل المرفق العالمي منع أي سفينة تحمل مواد عسكرية وأسلحة من المرور في القناة أيا كانت وجهتها.
ويبقى أن النفي المصري هو استهلاك محلي لا ينفي مرور السفن الصينية ولم يقل إنها غير حربية، فقط قال إنها تحمل مواد غذائية. نفي يقع ضمن فصيلة "الكلام ليس عليه جمرك"!
arfagy@hotmail.com