فعل الرئيس مرسى خيرا باللجوء إلى الشعب الثائر فى مبادرته الحضارية (وطن نظيف).. فالنظافة هى أولى الأولويات، وقضية القضايا.. ويعد انتشار القاذورات وتعود الناس على رؤيتها دون رد فعل رافض لها من أسوأ ما ورثه لنا نظام المخلوع.. لقد اغتظت وارتفع ضغطى وشعرت بالعار عندما قرأت وصف أحد قادة العدو الصهيونى فى مذكراته «لنا» بأننا دولة متخلفة وقذرة، عندما تجوَّل هذا الخنزير فى شوارع القاهرة ووجد القمامة والحشرات والقاذورات وكأنها جزء من حياتنا.. وتعجب حفيد القردة والخنازير قائلا: كيف انتصر هؤلاء علينا فى حرب 1973؟.. وتساءل: هل يمكن لمثل هؤلاء أن يضيفوا شيئًا ذا قيمة إلى الحياة أو أن ينتصروا فى أية معركة؟! والحقيقة المرة أن كلامه عن مستوى النظافة فى بلادنا صحيح، فنحن نشعر بالخجل كلما نمر فى شوارع المدن وتقع عيوننا على أكوام القمامة والأتربة والخرابات المنتشرة هنا وهناك، ووصل حال انعدام النظافة فى بعض مناطق العاصمة إلى درجة الشعور باللا آدمية. فمن المسئول عن هذه الحالة المخزية؟.. الشعب أم الحكومات المتعاقبة؟ لا شك أن الحكومات هى المذنب الأول.. فهى المسئولة عن وضع الأنظمة واللوائح، وتوفير الأدوات والآليات التى تعين الناس على الحفاظ على النظافة؟ بل وتلزمهم بها.. وهناك أمثلة عديدة تؤيد ذلك مثل نظافة الفنادق، والمستشفيات والمدارس الخاصة، وأيضًا مترو الأنفاق (قبل فوضى الفترة الانتقالية!). فعندما وجد الناس نظامًا للنظافة التزموا به، وإذا لم يجد الناس أنفسهم النظام والأدوات المساعدة على النظافة فسوف يكون الحال كما نرى. وإذا رصدنا أحوال النظافة بالقرى المصرية مقارنة بالمدن.. نفاجأ بأعجب الأمور وهى أن القرى أنظف كثيرا من المدن، لأن يد الحكومة لم تصل إليها - إهمالا لها، والحمد لله على هذا الإهمال الحكومى للقرى، فأهالى القرى يتولون أمرها ويهتمون بنظافتها تلقائيا، ولو وضعت حكومات المخلوع يدها كما تفعل بالمدن لأصيبت القرى أيضا بالقذارة التى تعانى منها المدن!. وتعتبر العاصمة خير شاهد.. فقبل تدخل الحكومة لجباية الأموال بحجة النظافة (الجنيهات الثمانية على فاتورة الكهرباء) كانت الأمور أفضل؛ شركات نظافة خاصة تمر على الشقق وتحمل القمامة مباشرة دون تخزين بالشوارع مقابل جنيهان أو ثلاثة شهريا. وعندما وضعت الحكومة أنفها بجباية المال إجباريا فضل كثير من الناس (مقابل فلوسهم) وضع القمامة بصناديق الحكومة البالية وغير الصالحة للاستخدام والتى لا تتسع للقمامة الكثيرة، فصارت الشوارع ميادين للقمامة، وانتشرت القذارة والروائح الكريهة فى كل مكان، بما فيها الأحياء التى يسمونها راقية.. ليت الحكومة القادمة ترفع يدها وتترك الأمر للشركات الخاصة التى لا تحتاج إلى تخزين القمامة بالشوارع، مع مراقبتها والإشراف عليها، والتأكد من حسن سير العمل بها. وبمناسبة قرب قدوم الحكومة الجديدة، حكومة الثورة، فإننا نوجه هذا الاستجواب الصحفى – مقدما - لوزراء البيئة والصحة والحكم المحلى والسياحة: ما هى الإجراءات التى اتخذتموها، وما هى المنظومة التى وضعتها الحكومة لمعاونة الأفراد فى الحفاظ على النظافة؟.. لماذا لا توجد صناديق كافية للقمامة؟، ولماذا لا تفرغ الصناديق القليلة الموجودة فى أوقات مناسبة بدلا من تركها بالشوارع؟!.. لماذا لا يوجد نظام ملزم للتخلص من بقايا البناء والهدم بطريقة متحضرة؟ (لدينا خطة لذلك لمن يريد).. لماذا لا تلزمون ملاك الأراضى الفضاء - التى تحولت إلى خرابات - بتسويرها وتنظيفها وإلا خضعت للمصادرة؟.. لماذا لا يوجد نظام راقٍ للإعلان بدلاً من هذه الفوضى التى لا يلتزم فيها أحد بالمظهر العام أو الذوق عند لصق الإعلانات، خصوصا إعلانات الدعاية الانتخابية؟.. إلى متى تظل الأمور متروكة للعشوائية بدلا من التخطيط العلمى؟!! كما نتوجه بالسؤال إلى وزير الصحة: كم تخسر مصر من أموال لعلاج الأمراض الناجمة عن انعدام النظافة؟ أليست الوقاية خير من العلاج؟!.. ونسأل وزير السياحة: ألا تشعر بالخجل من السياح الذين تجلبهم وزارتك ويتفرجون ليل نهار على قذارة شوارعنا ومرافقنا؟ ماذا فعلت لكى تشجع السياحة وتنقذ سمعة مصر من همس السياح وتندرهم علينا وعلى قذارة بلدنا؟.. هل يعتبر الوزراء بالوزارات المختلفة أن قضية النظافة ليست من اختصاصهم؟، المفروض أن هناك مسئولية مشتركة لمجلس الوزراء بالكامل، ولا يجوز أن تكون الوزارات جزرا معزولة!. إن إهمال قضية النظافة يؤدى إلى خسائر اقتصادية لا حصر لها، وتكفى الخسائر الصحية، وليس هناك من سبيل لمواجهة أى انتشار مفاجئ للعدوى - بسبب إهمال النظافة - دون وجود نظام متحضر للرعاية الصحية متضمنا الاهتمام والالتزام بالسجلات الطبية والكشف الدورى على كل مواطن.. فهل لدينا نظام آدمى للرعاية الصحية؟! همسة: • لا أدرى كيف يمتلك محافظ الشرقية (الهارب) الجرأة على انتقاد أداء الرئيس مرسى (الذى لم يكمل أسبوعين)، ولا يخجل من نفسه ومن الحالة التى أوصل المحافظة إليها، حيث حولها إلى (خرابة) كبيرة ومنشأة قذرة يشهد بها كل زائر للمحافظة.. متى يتعلم العلمانيون واليساريون فضيلة الإنصاف والاعتراف بالخطأ؟! [email protected]