أظرف تعليق سمعته عن أزمة القمامة فى القاهرة جاء على لسان اللواء وجيه رفاعى، رئيس هيئة النظافة بالعاصمة، نفى السيد اللواء وجود الأزمة أصلاً بالقاهرة ونسبها إلى الجيزة فقط، ثم عاد وقال إن 60% من مشكلة القمامة فى القاهرة تعود إلى رمضان وذلك بسبب إلقاء السكان والمحال مخلفات الأطعمة فى الشوارع إلى جانب فرز الزبالين للقمامة أيضاً بها، ولرئيس هيئة النظافة نؤكد نحن سكان القاهرة أن أزمة الزبالة والمخلفات والقاذورات فى كل مكان فى الجيزةوالقاهرة وحلوان وكل محافظات مصر بلا استثناء، وفى رمضان وفى غير رمضان، للأسف أصبح البعض من الأجانب يطلقون على القاهرة DIRTY CAIRO أى القاهرة غير النظيفة أو القاهرة القذرة مع الأسف لهذا الوصف الصعب لكنها الحقيقة والكلمة التى تتردد. ومع شديد احترامنا لكل التصريحات والتوجيهات التى تصدر وتقال، ولكل الحملات الحكومية و الشعبية التى تٌنَظّم لجمع القمامة وإلقائها بعيداً، عن طريق جهود الأهالى والشخصيات العامة ووزارة البيئة التى قرر وزيرها المهندس ماجد جورج مؤخراً ومؤخراً جداً دعمه لحملة «المصرى اليوم» لجمع القمامة بسيارات نقل ونصف نقل من الشوارع وأمام المنازل، مع احترامنا لكل هذه الإجراءات الوقتية لتنظيف شوارع القاهرةوالجيزة عن طريق الأهالى بعدما فشلت الحكومة والجهات المعنية والمسؤولة عن القيام بواجباتها فى هذا المجال إلا أن تلك الإجراءات مهما بلغت فعاليتها المؤقتة لا تصلح أسلوباً للمواجهة الدائمة والمعالجة ومنع التكرار، ذلك أنه بعد انتهاء الحملة وإحداث حالة من النظافة المؤقتة سيعود الحال إلى ما هو عليه ولن ينشط الأهالى إلى معاودة التنظيف والكنس والمسح بعد ذلك بسهولة، لسبب بسيط وهو أن تلك المهمة ليست مهمة الناس فى الشوارع بل هى مهمة أجهزة الدولة المتقاعسة عن أداء عملها وواجبها فى نظافة العاصمة وغيرها من المدن والمراكز والقرى الأخرى وفى متابعة أداء المسؤولين عن حالة النظافة والتنظيف الذين لم يستشعروا خطراً من تراكم القمامة لأيام ولأشهر بل ولسنين على الرغم من أوبئة الطيور والخنازير، والتيفود و السُل الذى بدأ يعود والطاعون الذى يأتى مع تراكم القمامة وما يرتع بها من فئران وحشرات أخرى كثيرة. أتساءل: ألا يمكن لهذه الأزمة التى نمر بها الآن- وهى اللفظ المهذب لكلمتى الخيابة والعجز- أن ترشدنا إلى الطريق الصحيح والدائم للتخلص من القمامة بغرض النظافة، وتدويرها بغرض الاستفادة منها؟ آلاف من أطنان القمامة فى العاصمة وملايين من أطنانها فى كل أنحاء مصر يمكنها أن تكون نواة لشركات عدة وفى بطن الصحراء الممتدة للتجميع وإعادة التدوير وتشغيل الشباب فى مهن عديدة تبدأ بالجمع وتمر بالتجميع والفرز والكبس والحصول على منتجات كثيرة قد يكون من أهمها السماد العضوى، وفى هذا المجال فإن هناك تجارب فى دول الخليج بشكل خاص ومنها إمارة أبوظبى التى أنشأت مصانع لتجميع وإعادة تدوير القمامة والحصول منها على أطنان من السماد العضوى الذى يستخدم فى تحضير زراعة الأراضى الرملية المالحة هناك بخلطه بها ومع الزمن تتكون تربة جديدة خصبة وسميكة لا تسرب المياه بسهولة وتنتج أفضل المزروعات، وبدلاً من أن نستقدم شركات أجنبية «إيطالية وإسبانية وغيرها» وندفع لها الملايين لتعمل هى من الباطن مع نفس الزبالين لماذا لا نستقدمها ونستفيد من خبراتها فى إقامة وتشغيل هذه الشركات بأياد مصرية ورؤوس أموال وإدارة أجنبية حتى ولو كان ذلك لفترة وحتى نتعلم، القمامة إما تكون مصدراً للقذارة والأمراض والرائحة الكريهة وإما تكون ثروة قومية أو كما يسمونها فى الخارج كنزًا يتجدد كل يوم لا يجب إهداره و إلقاؤه وحرقه، يمكن أن يكون للقمامة فى مصر مستقبل وناتج وإضافة وتشغيل شباب وإقامة مشروعات مضمونة العائد والربح فى كل محافظة، هى لا تحتاج إلى إجراء مؤقت ولا شركات نظافة أجنبية ولا عمولات جانبية وإتاوات سنوية ولا تصريحات عنترية، هى تحتاج إلى حسن تفكير وتدبير، علّنا نتخلص من وصمتها كعار قومى لا يمكن إنكاره. [email protected]