صراعات ومشاكل وأخطاء تصدر من قبل بعض رجال الشرطة ولا يوجد رقيب عليهم سوى ضمائرهم، فهم أصحاب السلطة التنفيذية ولهم القدرة على إهانة المواطنين وتلفيق التهم لهم، ولكنهم فى النهاية مصريون لهم أخطاؤهم ولهم مواقفهم النبيلة فى حماية المجتمع، فوزارة الداخلية شريحة من شرائح المجتمع ولكنها شريحة لا يستهان بها، فهى صاحبة السلطة التنفيذية ودائمًا أخطاؤها تؤخذ بالمرصاد لتعاملهم الدائم مع الجمهور، ولكن ازدادت هذه الأخطاء خاصة من الضباط أصحاب الرتب الصغيرة، ووصلت إلى الحد الذى كان بمثابة الشرارة التى أشعلت ثورة يناير، وبعد الثورة قرر الشعب ألا يقبل الإهانة مرة أخرى. ولكن هل من الممكن عودة العلاقات الطيبة مرة أخرى بين الشعب والشرطة؟ سؤال توجهت به "المصريون" إلى أطياف مختلفة، وكانت الإجابة فى السطور التالية: *اللواء محسن مراد: ضرورة محاسبة المخطئ يقول اللواء محسن مراد، مساعد وزير الداخلية، ومدير أمن القاهرة، إن علاقة ضباط الشرطة بالشعب بصفة عامة علاقة طيبة، والدليل على هذا أنه أثناء المشكلة التى حدثت بين بعض المحامين ورجال الشرطة بقسم أول مدينة نصر خرج المواطنون من منازلهم ووقفوا بجوار ضباط الشرطة، كما جاءتنى كمية مكالمات كبيرة من المواطنين لكى يطمئنوا على الضباط وقالوا إنهم سوف يقفون بجوارنا لعلمهم الشديد بالمعاناة التى يعانيها ضباط الشرطة، وبالنسبة لعلاقة الشرطة بالمحامين بصفة خاصة فهى علاقة طيبة أيضًا، ولكن هناك فئة من المحامين لهم عدة وقائع سابقة مع الضباط والمستشارين، وكل من أخطأ فلابد من محاسبته حتى لو كانوا ضباط الشرطة أنفسهم، وبالنسبة لواقعة قسم أول مدينة نصر فإنها تنظر فى النيابة وأى قرار يصدر من قبل القضاء فلابد أن يطبق، وإذا ثبت أن الضباط هم من كانوا مخطئين فسوف يعاقبون، وإن ثبت أن المحامين هم المخطئون فسوف يعاقبون أيضًا، ورجال الشرطة يعملون بجد واجتهاد على حماية الوطن فإذا غاب الأمن يطالبنا الشعب بإعادته، وإذا عاد الأمن يقع علينا اللوم، وبالنسبة لضباط الشرطة فهناك خطة توضع وتطبق فى أكاديمية الشرطة لتعليم الضباط حقوق الإنسان وكيفية التعامل مع المواطنين، وعلى الرغم من عمل رجال الشرطة على مراعاة وحماية المواطنين فأيضًا عليهم الحفاظ على هدوئهم لاحتواء المشكلة التى أمامهم، ولكن الإعلام يقف لنا بالمرصاد على الرغم من أن ضباط الشرطة يهانون ويقتلون، فكل يوم يقتل ضابط على يد بلطجى أو تاجر مخدرات وينشر له خبر صغير فى الجرائد وينتهى أمره، أما إذا حدثت مشادة حتى ولو كانت كلامية بين ضابط ومواطن فيقوم الإعلام بتهييج الشعب على الشرطة وفى النهاية نحن مواطنون مصريون نخاف على هذا البلد ونموت من أجل أن يحيا غيرنا. * العميد أيمن حلمى: خطة موضوعة لتعليم الضباط حقوق الإنسان ويقول العميد أيمن حلمى، المسئول بمكتب العلاقات العامة بوزارة الداخلية: ثوابت الوزارة تقول إن الاحترام الكامل للمواطن وحرية المواطن، ومراعاة مبادئ حقوق الإنسان التى نؤكد دائمًا عليها والسيد الوزير أكد عليها أكثر من مرة، وهذا بدليل أن الضباط جميعهم منضبطون فى الشارع، وهناك نوع من التجنى على الأفراد والضباط ولكن الحمد لله المجهود الأمنى خلال الفترة الماضية قد حقق بشهادة جميع القيادات وبشهادة الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية نفسه أن هناك جهدًا جيدًا وحقيقيًا من قبل ضباط الشرطة؛ لحماية أمن وأمان المجتمع، والدليل على هذا أن معدلات الجريمة بدأت تقل، وخلال ساعات يتم القبض على أى متهم، وأكبر دليل حادث السويس الذى قتل فيها شاب على يد مجموعة من الشباب ادعت أنها من جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وقد تم القبض عليهم ومعرفة هويتهم، وقد قامت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بضبط أسلحة مهربة على الطريق الزراعى، إضافة إلى أن هناك تعليمات مشددة من الوزير وجميع القيادات أن الشرطة الآن ليس لها دور فى أى شىء خارج خدمة المواطن. ونحن فى كل يوم نقدم شهداء ومصابين لخدمة الوطن ولتحقيق رسالة الأمن المجيدة، وكون أن هناك بعض الأشخاص الذين يعوقون مسيرة الشرطة فهذا لا يعنى أبدًا أن هناك توترًا فى العلاقة بين الشرطة والشعب، وإذا كان هناك جانب مسىء فلماذا لا يشيد الناس بالجانب الإيجابى والجهود التى تقوم بها الشرطة؟ وفى واقعة المشاجرة التى تمت فى قسم أول مدينة نصر بين ضباط القسم ومجموعة من المحامين، أكد حلمى أن هناك تحقيقًا يجرى بمعرفة النيابة المختصة وإذا ثبت خطأ ضابط الشرطة فهناك عقاب لابد أن يقع عليه، وإذا تبين أن المحامين هم من أخطأوا فلابد أن يعاقبوا، حتى إذا تبين أن الضابط هو من أخطأ فهذا لا يعنى أن الوزارة بأكملها أخطأت. ويقول حلمى فى ختام كلمته: أحب أن أوضح أن دور القيادات فى أقسام الشرطة وكل القطاعات الخاصة بوزارة الداخلية لابد أن تشمل مراقبة تعامل الضباط أصحاب الرتب الصغيرة مع المواطنين داخل وخارج أقسام الشرطة، وما هى القدوة التى يتبعها ضابط الشرطة وهذه المناهج تطبق فى أكاديمية الشرطة، ونحرص على أن يتبعها ضابط الشرطة مع المواطن. *محمد زارع: الداخلية تحمى رجالها وهى التى تساعد الضابط على التهرب من العدالة ويجيب الأستاذ محمد زارع، المحامى، ومدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائى: بالنسبة للعلاقة بين الشرطة والمواطن بشكل عام علاقة متأزمة منذ فترة طويلة، وهذا يرجع لعدة أسباب مختلفة أول سبب: أن الضباط يعملون تحت ضغط، فالضابط مطالب بأن يكتشف كل الجرائم وإلا يصبح مقصرًا فى عمله وهذا يجعله عنيفًا، أما السبب الثانى: أن المواطن نفسه بدأ يرضى بالإهانة التى تصدر من قبل ضباط الشرطة، فنجد أن الأشخاص أحيانًا يعرضون للاحتجاز وللتفتيش فى الشارع وطبعًا الناس أصبحت ترى أن هذا الموضوع أصبح شيئًا عاديًا، ولكن للأسف استسلام المواطن للسلبيات التى تصدر من قبل ضباط الشرطة جعل الضباط يتمادون فى الموضوع، أما السبب الثالث: هو تطبيق قانون الطوارئ فى مصر، ولفترة طويلة، وقانون الطوارئ أعطى لضباط الشرطة الصلاحيات للتفتيش والمراقبة والاعتقال للمواطنين، وهذا جعل ضباط الشرطة تتجاوز بشكل كبير، أما السبب الرابع: فهو أن الداخلية تحمى رجالها بمعنى أنه عندما يتورط أحد الضباط فى مشكلة ما تسارع الداخلية بالتأكيد أنه كان فى إجازة أثناء حدوث الواقعة أو كان فى مأمورية، وبهذه الطريقة تساعده على الهروب من العدالة، ومن المفترض أن يكون هناك مراقبة على هؤلاء الضباط من قبل القيادات، وبالتحديد الرتب الصغيرة التى تصدر منهم معظم التجاوزات. * ناصر أمين: وزارة الداخلية مكلفة بأمن الشارع وليس أمن الدولة أما الأستاذ ناصر أمين، رئيس المركز العربى للقضاة والمحاماة فيقول: العلاقة ما بين ضباط الشرطة والمواطنين بشكل عام، وما بين المحامين بشكل خاص علاقة متوترة منذ زمن طويل جدًا، وكان يجب أن تضبط هذه العلاقة فى إطار سيادة القانون، تحت قوانين ولوائح وكذلك أعراف تضبط هذه العلاقة منذ زمن بعيد، ولكن للأسف الشديد نتيجة سيطرة النظام السابق على الجهاز الأمنى وجعله يعمل لصالح نظام مبارك فقط أدى إلى تشتيت هذه العلاقة وتوتر هذه العلاقة، فقد كانت هناك محاولات وكان أهمها قام عليها المركز عام 1998 على إثر توتر العلاقة ما بين ضباط الشرطة والمواطنين والتى طلب فيها المركز بإلزام وزارة الداخلية بوضع ضوابط محددة فى تعامل ضباط الشرطة مع المواطنين، وكان أهمها تعديل المادة 63 إجراءات بإلزام ضباط الشرطة بتعريف أنفسهم للمواطنين وبالفعل استجاب البرلمان لهذا التعديل وتم وضع هذه المادة فى قانون الإجراءات الجنائية ولكن للأسف لم يتم تطبيق هذه المادة ولم يلتفت إليها أحد، فلابد أن تقوم العلاقة بين ضابط الشرطة والمواطن على الاحترام المتبادل بينهما وخصوصًا بعد الثورة وبداية الإصلاح، بهيكلة نظام الشرطة مرة أخرى واعتبارها مكلفة بأمن الشارع وليس أمن الدولة.